تعكس صورة الواقع السياسي والاجتماعي بأزماته المتراكمة أداء أحزاب السلطة في لبنان، المتمثل في تدمير اقتصاد البلد وشلّ مؤسساته وتعطيل القدرة على إحداث أي تغيير بنيوي في سبيل الحفاظ على مصالحها، انطلاقاً من حدود طوائفها ومذاهبها بعيداً من الاجماع الوطني، ضاربة بعرض الحائط مفهوم العيش المشترك.

وتؤكد أوساط مراقبة ان البلد دخل عملياً، مرحلة خطيرة ودقيقة على المستوى الأمني مع تعاظم منسوب القلق والترقب لدى الاجهزة الأمنية، وفي ظل مواقف الدول الغربية التي تحذر في كل مناسبة من تطورات امنية وتكرار مشهد مواجهات الطيونة في مناطق ونقاط تماس حزبية وطائفية اخرى، آخرها دعوة بريطانيا رعاياها لمغادرة لبنان، بل وأكثر من ذلك كلام حول تنفيذ اغتيال وشيك يقلب الأوضاع رأساً على عقب.

ويقود الى هذه الاحتمالات مؤشرات تستند إليها دوائر القرار، تبرز على نحو جلي في نقاط عدة، أبرزها:

- الفراغ السياسي الذي يقوده أركان الحكم من أعلى الهرم حتى أسفله، وممارسة لعبة عض الأصابع، والمناورات السياسية في سبيل المقايضة بملفات يتداخل فيها القضائي بالسياسي وتلازم مسارات أزمتي القاضي طارق البيطار والوزير قرداحي، وكأن المطلوب من الحكومة تغطية الوقت الضائع حتى أيار المقبل موعد الانتخابات النيابية، لتدخل الحكومة الى حينه في فراغ تصريف الازمة اللبنانية.

- الستاتيكو الغربي والجمود الأميركي على وجه الخصوص اتجاه لبنان، وقرار منع الانزلاق الى الفوضى دون انتشاله من أزمته على قاعدة منع التصعيد والمراوحة في مربع الانتظار القلق، في ظل ضبابية مفاوضات فيينا وما قد ينتج عنها من سلوك ايراني وضغوط على حزب الله تستتبع من الاخير ردود فعل سلبية في الداخل.

- تراكم الازمات المعيشية، وتخطي نسبة الفقراء 90%، بحسب التقديرات الأخيرة، وهو رقم مخيف وصادم، ويعتبر إجراء رفع الدعم عن الادوية وارتفاع أسعارها بين 8 و9 اضعاف، دون إيجاد بدائل تعويضية او مبادرات لدعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة، امر قد يؤدي الى انفجار اجتماعي مفاجئ، خاصة بعد محاصرة المرضى بحبة الدواء، وحبس انفاس ينذر بغليان كامن يصل الى حد الانفجار في أي لحظة حرجة.