hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - علاء الخوري

بعد 17 تشرين... اللبناني يرضى بألف دولار في الخليج

الأربعاء ٢٤ آذار ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اسهمت الازمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان، بتراجع قيمة العمالة اللبنانية في الخارج ولاسيما في دول الخليج، فتراجع دخل العامل اللبناني الذي انتقل في الفترة الاخيرة الى هناك بنسبة كبيرة تعادل قيمته أُجرة العاملين القادمين من دول تعاني من أزمات مشابهة للبنان.

لطالما شكل الخليج رئة يتنفس من خلالها اللبناني الطامح الى تحقيق طموحاته على المستويين المادي والمعنوي، وعزز وجود اليد العاملة اللبنانية منذ أكثر من خمسين سنة في السعودية، قدرة الاقتصاد اللبناني على الصمود والانتعاش مع تدفق السيولة من رجال اعمال لبنانيين كثر ساهموا ببناء ونهضة المملكة طوال عقود من الزمن. وفي التسعينات ومع فورة الامارات العربية المتحدة دخل اللبناني كشريك اساسي في صنع القرار داخل هذا البلد من خلال توليه مسؤوليات كبيرة داخل الشركات التي أسست امارة دبي وحولتها الى ما هي عليه اليوم، فحمل اللبناني الى جانب الاوروبي والاميركي مسؤوليات كبيرة نظرا لتقدمه على المستوى العلمي واللغوي عن البلدان الاخرى وتأقلمه ايضا مع الظروف التي يتواجد فيها، فسريعا يعكس اللبناني اندماجه في البيئة ولو اختلفت مشاربه الثقافية والدينية عنها، اذ تساعد شخصيته الاجتماعية التي كونها عبر تاريخ بلاد الارز السياحي والتجاري على التأقلم اين ما وُجد، ما ساهم بطلب اليد العاملة اللبنانية والتي باتت منافسة لتلك الاوروبية والاميركية في الخليج.

شكل الراتب الذي كان يتقاضاه اللبناني قبل العام 2019 عاملا رادعا لهجرة العائلات الى بلاد الاغتراب، وكانت قطر ودبي ودول الخليج الأُخرى ملاذا آمنا لكل لبناني وجد السفر الى تلك البلدان والعودة الى عائلته مرتين أو ثلاثة في السنة عاملا مساهما في بقائه في بلده وإنعاش دورته الاقتصادية عبر رفد العائلة بالسيولة والاستثمار في لبنان لضمان مرحلة التقاعد.

الكثير من العائلات استفادت من هذا النظام، وحرصت على تفعيل الاقتصاد اللبناني عبر المال الخليجي، بالتزامن مع استقطاب السائح الخليجي الى لبنان ودفعه ايضا الى الاستثمار في هذا البلد وتحديدا في القطاع السياحي. كانت مرحلة التسعينات الفترة الذهبية اللبنانية، رغم بعض الاصوات التي كانت تعارض هذا الاستثمار خوفا من "ابتلاع" البلد من قبل الخليجيين، لكن قطار الربح كان يدر على البلد الملايين من الدولارات وحظي اللبناني بمكانة كبيرة لدى معظم الخليجيين فوجدنا كبار المستثمرين الكويتيين والسعوديين في لبنان حاضرين من خلال فنادقهم ومطاعمهم.

بعد العام 2000 وما تبعه من احداث اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 تبدل المزاج الخليجي وانكفأ المستثمر الآتي من تلك البلاد في ظل التوترات والتفجيرات التي استهدفت الساحة الداخلية، ومعها دخل لبنان في ركود اقتصادي سياحي كبير وتراجع العامل الخليجي عن لبنان وتحول الى اسواق رديفة، واخذت دبي وهج بيروت واحتلت مكانتها فاستقطبت الاعلام وبنى الاماراتيون مدينة الاعلام التي كان من المفترض أن يتم تشييدها في لبنان، وبعدها بدأت دبي تحتل المشهد الاقليمي ودخلت قطاع التكنولوجيا والاتصالات بالتزامن مع حراك سياسي ساعد على الاستقرار الخليجي مقابل اشتعال الساحة اللبنانية بالتفجيرات والاغتيالات وبعدها حرب تموز 2006 وما تبعها من انقلابات سياسية أدخلت لبنان سياسة المحاور وخلعت عنه ثوبه الذي اعتاد عليه ولبس ثوبا حضاريا مغايرا.

مرت السنوات وزاد الشرخ بين الخليج ولبنان، ومعه بات توجه المملكة والدول الأخرى نحو الاستثمار البشري الذاتي عبر ما يسمى "المبتعثين" الذين درسوا في الخارج وعادوا الى دولهم للاستثمار فيها، في وقت كان لبنان يُصَدر أدمغته الى الخارج، وجاءت الضربة القاضية بعد 17 تشرين، هنا تغيرت الأمور بات اللبناني اسير "الدولار" لم يعد الهدف إيجاد ملاذ آمن ومراكز مهمة وفق قانون العرض والطلب في الخليج، بل بات همه محصورا بكيفية تأمين الدولار لعائلته والاستفادة من ارتفاع سعر الصرف في لبنان لتامين حاجياتها.

يعمل اللبناني في الخليج على الدولار لا المركز، أما هجرة الادمغة فتحولت نحو أوروبا وكندا والبلدان الغربية هناك حمل الطبيب والمهندس المتزوج عائلته هربا من "جهنم بلاده"، ومع هذه الهجرة فقدت القطاعات الطبية والهندسية والاستشفائية أهم عامل جذب للسائح في زمن التخصص السياحي، ولبنان الذي كان حتى الامس القريب مرتعا لطالب العلم والفن والثقافة ها هو اليوم يهجر ثوابته ويندفع أكثر نحو المجهول.

  • شارك الخبر