hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - علاء الخوري

المسيحيون يقضون على ما تبقى من جمهورية "البشير"

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تحول الرابع عشر من أيلول الى ذكرى ثورية في وجدان المجتمع المسيحي. فُطِر هذا المجتمع مع بداية حرب الـ 75 على بشير الجميل الذي قادته الثورة على "الفلسطيني الغريب" نحو بناء حلمه، الذي بدأ بـ "أمن المجتمع المسيحي" ليستقر بلبنان الـ "10452" كلم2. مساحة كانت تحمل معها الكثير من المحطات التي سعى من خلالها الشاب صاحب نظارات "الرايبن" الى تكوين المنظومة المتكاملة للدولة المدنية التي تستوعب الجميع وتناصر اللبناني الحامل لشهادة الوطن لا الطائفة والانتماء الحزبي.
حلم بشير الجميل كان جمهورية تُصغي جيداً الى موسيقى شوبرت وفاغنر لتأخذ بعضاً من العظَمَة التي تدفعها نحو الابداع الفكري، وتؤسس لوطن يصغي بفكره لا غريزته، ويؤمن بأن قداسة الأرض تنطلق من دماء القضية لا حسابات أهلها. لم يفهم المسيحيون "بشيرهم" على النحو الذي أراد تكريسه الرجل في مشواره "المقاوم"، تجزأ هذا الكل ومعه تفتّتت الكيلومترات وتقلصت حدودها، وقادت حرب الاخوة الى إرساء حكم الدويلات على مشروع الدولة فضعفت الإمكانات وتراجعت القدرات، وسرعان ما اصطدم الحلم بيقظة المصالح المسيحية التي وقف بها الزمان على "حاجز البربارة" ليتحول هذا المكان الى "حصان طروادة" يستعمله كل طرف ليضيفه الى مشهد الانقسام المسيحي الهزيل، الذي يعكس حجم الحقد بين اهل البيت.
لم يعلم بشير الجميل بأن المقاوم المسيحي سيتحول الى "قبضاي الحي" ويصيح امام باب المنزل مستعرضاً قوة صياحه، أو الى سيارة تجول في الشارع تستمتع بأناشيد الثمانينات التي كتبت من حبر دماء من سقط مقتنعاً بجمهورية بشير الجميل. ظواهر اليوم لم تكن على مفكرة بشير الجميل يوماً، بل كانت "نوائب" غير مستقرة يسعى الى محاربتها بتنظيم صفوف المقاتلين على الأرض وبتقديم المساعدات للكوادر العلمية لبناء الدولة العادلة والقوية والتي يمكنها أن تنافس أرقى دول العالم.
في الحديث عن "البشير" في الصالونات السياسية، لا سيما لدى الأحزاب التي خرجت من رحم تجربة الرجل، يمكن اختصار المستقبل المسيحي بالتالي:
- فقدان هذا الشارع لقائد يُوحد الصفوف، وفي ظل انقسام التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على مشروع الدولة اللبنانية، يتطلع من رافق بشير الجميل في حياته بحزن الى هذا الدرك الذي وصلنا اليه، ومشروع الرئيس الشهيد لم يجد بعد الرجل الذي يحمل صفة القيادة ليكمل المشوار، وبرأيهم نفتقد هذا النوع من الرجال رغم كل المحاولات التي ينتهجها البعض لاستكمال هذا المشروع، الا ان شخصية "بشير الجميل" الاستثنائية تُصعِّب المهمة.
- الاستنزاف الكبير للشارع المسيحي وما استتبعه من هجرة كبيرة طالت آلاف العائلات، لا سيما بعد الحرب وفي السنوات الأخيرة، الذي أدى الى تراجع القوة المسيحية ودفعها الى عقد تفاهمات وضعتها كمكون طائفي في الدرجة الثانية وباتت ملحقة بالأطراف الأخرى، ويعود ذلك الى فقدانها التأثير المباشر على أرض الواقع.
- التخبط الكبير داخل المنظومة الحزبية المسيحية، التي تحولت من حزب القضية الى حزب الوراثة والمصالح العائلية وأحزاب رجال العمال، وأفقدها هذا الامر التوازن الذي كان يشدد عليه بشير الجميل طيلة فترة قيادته للجبهة العسكرية والسياسية، وانعكس كل ذلك على قوة اتحاد الحزب في مواجهة الخصم وجعله أسير المناكفات.
- تمكن بشير الجميل من قطف ثمار المصالح الخارجية وتقاطعاتها محولاً إياها لصالح لبنان، والرجل كان مفاوضاً شرساً ويعي جيداً ابعاد الجغرافية السياسية المتحكمة بلبنان، ولم يكن معادياً بالمطلق أو حليفاً بالمطلق، بل يعطي مفاوضه ما يريده ووفق أوراق القوة التي يمتلكها. من هنا شكّل الجميل حجر عثرة في المفاوضات الكبيرة التي نتجت بعد 14 أيلول عام 1982.
اليوم يراهن المسيحيون على قادتهم، ويعتقدون بأن كل واحد من هؤلاء يحمل مشروع بشير الجميل ويسعى الى تطبيقه على طريقته، ولكن ما هو ثابت في لبنان أن البشير بقي حلماً يلجأ إليه روَّاده في جلسات الحنين والذكرى.

  • شارك الخبر