hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - سليم البيطار غانم

الفيدرالية أم التقسيم... وإما الخراب!

الجمعة ٣ شباط ٢٠٢٣ - 00:40

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إستمع للخبر


في الـ1975 عقب الحرب اللبنانية طرحت بعض القوى السياسية المسيحية موضوع الفدرالية ورفضتها قوى مسيحية أخرى ونعتتهم القوى الإسلامية بالتخوين والعمالة وكل النعوت الأخرى المعلبة سلفاً. ويتكرر الحديث عن الفدرالية عند كل أزمة بنيوية ليكون بالمرصاد إحدى مكونات الطائفة الإسلامية بالنعوت المعلبة نفسها التي إنتقلت من المكون السني الى المكون الشيعي بدل العمل على دراسة علمية لنظام سياسي حديث يجنب لبنان الأزمات التي ما زال يتخبط بها منذ تاريخ إنشائه.
لا يوجد أي سبب مقنع لعدم القبول بنظام جديد متطور ينقل لبنان الى ضفة أخرى فالأسباب المرفقة بالرفض لا تتخطى مستوى الشعارات التي أشبعنا من سماعها ولا الى أي سبب علمي أو تقني يمنع ذلك. فشعارات الوحدة الوطنية والعيش المشترك وغيرها لن تكون عائقًا امام نظام جديد يؤمن عدالة إجتماعية وإنماء متوازن واستقرار إقتصادي ومنع هيمنة ومزاجية السلطات الحاكمة المؤثرة على الحياة اليومية للفرد والجماعة فالنظام الفدرالي يعمق الوحدة وهو بالأصل نظام اتحادي ويقوي العيش المشترك من خلال المساواة في الحقوق والواجبات ومن خلال تضامن الأقضية بين بعضها البعض كما هو الحال في كل دول العالم التي تتبع هذا النظام فالحياة اليومية للفرد ومهما كانت معتقداته وعاداته وطريقة عيشه لا تتغير، والأوهام المضحكة التي يزرعونها من خلال حدود وحواجز بين الأقضية ليست إلا أكاذيب يطلقها مسوقيها الذين يعلمون انها غير واقعية ففي الإمارات مثلاً يمكنك العيش في دبي والعمل في أبو ظبي والسهر في الشارقة كذلك الأمر في أميركا يمكنك العيش في ماساتشوسس والعمل في رود أيلاند والسهر في نيويورك والأمثلة والتجارب الناجحة للدول التابعة للأنظمة الفدرالية لا تعد ولا تحصى.
لا نجد وجود سبب للرفض سوى من باب السلطة والتسلط على كل المناطق من قبل حاكمي الدولة المركزية للتمتع بثرواتها وتوزيعها على مناطق نفوذهم وعلى محسوبياتهم على حساب مناطق أخرى ملتزمة بواجباتها ومن مكونات كادحة نظامية تحترم دولتها تدفع ضرائبها تلتزم بما عليها من دون ان تتلقى مقابل ذلك اي من حقوقها وأقلها الخدمات التي من واجب الدولة المركزية تأمينها من العيش الكريم والطبابة والتنقل والتعليم وضمان الشيخوخة.
للتوضيح أكثر تظهر بيانات وزارة المالية من الـ 2019 الى كل السنوات التي سبقتها من مداخيل ومصاريف الدولة وبحسب الأقضية يتبين أن الأقضية المسيحية تسجل أعلى مدخول للدولة اللبنانية والتي تشكل 70% تليها بيروت بـ 20 % ومن ئم تأتي الاقضية الشيعية والسنية وتمثل أقل من 10% من المدخول إلى الخزينة .
وفي بيان آخر تظهر النفقات لتجد أن 70% من النفقات العامة تذهب إلى الأقضية الشيعية بالتحديد عوض تقسيمها بشكل عادل على باقي المناطق و30 % تنفق على الأقضية السنية والمسيحية إضافة الى بيروت.
طبعا، وإلا كيف يموّل السياسيون الصناديق التي تغذي جماعتهم لتبقيهم تحت اجنحتهم كوزارة المهجرين ومجلس الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة ومئات الجمعيات الوهمية وغيرها من الصناديق المعلومة منها والمخفية والتي ساهمت مجتمعة في إفلاس لبنان وشعبه.
اللامركزية الإدارية الموسعة التي تطالب بها بعض الجهات السياسية لا تفي بالغرض المطلوب، فالفرق واسع بينهما وأهمه ان اللامركزية الإدارية تبقي سيطرة الحكومة المركزية على الأقضية من خلال المحافظ أو القائمقام المُعين من قبل السياسيين أما في النظام الفدرالي يتحرر القضاء من تسلط السلطة المركزية التي تصبح مهمتها محصورة بالمؤسسات التابعة لها، ومراقبة حسن سير الأمور داخل الأقضية والعمل مع المجالس المحلية المنتخبة من منطلق التعاون المشترك بدلاً من التسلط وفرض قراراتها عليها.
ولإعطاء أمثلة أكثر وضوحاً: أدخل قضاء المتن في العام 2019، 12 مليار دولار الى خزينة الدولة بالمقابل أنفقت الدولة ملياري دولار على القضاء نفسه. إذا احتسبنا هذا المبلغ في النظام الفدرالي تأخذ الدولة المركزية بين الـ 20 و30 بالمئة من مدخول القضاء (أو الإقليم أو الولاية أو المقاطعة أو مهما كانت تسميته) أي 3.6 مليار دولار الى خزينتها ويبقى 8.4 مليار دولار للقضاء، فهل يمكن أن يفقه أحد ما يمكن ان يحدثه هكذا مدخول سنوي لقضاء المتن من تطور انمائي واقتصادي وخدماتي من طبابة وتعليم وضمان للشيخوخة؟
يربط بعض السياسيين والاعلاميين الفدرالية بالتقسيم، الا ان الموضوعين مختلفان شكلا ومضمونا وربطهما ببعضهما ليس سوى ضرب لمبدأ النظام الفدرالي الأرقى في العالم والذي اثبت نجاحه في الكثير من الدول وبالأخص الشبيهة للمكون اللبناني فالنظام يعطي القضاء حرية إدارة شؤونه في سياسته الداخلية والمالية والإجتماعية والأمنية ويبقى للدولة المركزية السياسة الدفاعية والسياسة المالية العامة والنقدية وإدارة الثروات البرية والبحرية والحدود البرية والبحرية والطرقات العامة إضافة الى السياسات الخارجية من معاهدات دولية وغيرها. أما التقسيم فهو يقسم لبنان جغرافيًا الى دول ذو كيان وحدود وسيادة كاملة والى اسماء مختلفة وهذا ما يجب العمل على تجنبه لتجنب تغييرصورة لبنان وصيغة العيش المشترك، من خلال تطوير نظامنا الى نظام فدرالي، هذا ما سيبعدنا عن التقسيم الذي يتغير من خلاله فعلياً وجه لبنان.
يهدف النظام الفدرالي الى إعطاء كل مكون حرية إدارة شؤونه فأكثرية الدول اتبعت النظام الفدرالي بعد نيل استقلالها وهذا ما كان يجب ان يكون عليه لبنان فهذا التصحيح يجب ان يتم قبل فوات الأوان.
بعد أكثرمن مئة عام على إنشاء لبنان الكبير وبعد 80 عاماً من الإستقلال اثبتت هذه التجربة فشلاً ذريعاً، فهل علينا أن نجرب مئة سنة أخرى كي نتأكد من فشلها؟
وبعد، هل حان وقت تصحيح الخطأ؟ أليس لبنان حاليًا مقسم طائفيًا بين مناطق شيعية ومناطق سنية ومناطق درزية ومناطق مسيحية؟ ولما لا نذهب الى قوننة هذه المناطق والإعتراف لكل مكون بمنطقته وننزع شهوة البعض الحالم بالتمدد الى مناطق المكونات الأخرى.
بالتأكيد، قد حان وقت تصحيح خطأ 1920 و1943 تجنبًا للخراب الأكبر وحفاظاً للبنان.

  • شارك الخبر