إستمع للخبر
كان سهلاً القرار الذي إتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلانها حرباً عسكرية على أوكرانيا، لكنه لم يكن يعي ربما أن قرار إنهائها هو الحلقة الأصعب، ليس عليه فقط بل على روسيا كلها ومستقبلها وقوتها ونفوذها الإقليمي في جوارها المتاخم.
لا يزال بوتين يتغرق في الوحول الأوكرانية، يقع في ورطة لأنه دخل بحرب مع الولايات المتحدة وأوروبا دون أي أفق سياسي وأي تقدّم عسكري يُذكر.
فحادثة تفجير سد "نوفا كاخوفكا" الواقع بالأجزاء التي تسيطر عليها روسيا في خيرسون ما هي إلا محاولة لعرقلة التقدّم الأوكراني ما يعني في علم السياسة نفاذ الصبر الإستراتيحي وغياب الحلول الديبلوماسية.
لا مؤشرات على تغيير حقيقي يخدم الروسي على الأرض، وليست هناك مفاوضات جادة لإنهاء الحرب، ولا زال الحديث عن رابح وخاسر مبكر.
كما ومصير روسيا ليس بيد قادتها انما تحت طائلة العقوبات الغربية، ما قد يدفع بوتين طلب وساطة صينية كون الظروف الاقليمية تبدو أكثر نضوجاً لقيام الصين بها، فالدعم العسكري لأوكرانيا أنهك الغرب وباتت أوروبا تشعر انها تدفع ثمن الحرب في أوكرانيا في حين ان الولايات المتحدة تجني ثمارها.
لكن الصين تخطو في هذا المسار خطوة ناقصة لإعتبارات عدة أبرزها ان علاقاتها الإقتصادية مع اوروبا ودول آسيا أكبر بكثير من روسيا، لذا عليها أن تكوّن ثقة أكبر بروسيا للذهاب الى الحل السياسي وضمان عدم التراجع عنه.
كما للصين إعتبارات أخرى تدفعها لتبني قرار الوساطة وتخفيف حدة التوتر، فرغم أنها من اول الدول التي حققت مكاسب كبيرة من الحرب من خلال شراء الطاقة الروسية بأقل الأسعار، لكنها بحاجة إلى الأستقرار السياسي لتسويق منتجاتها، خاصة أن موسكو سوق رائجة للبضاعة الصينية، كما والبقاء على الأجواء المتشنجة يعرقل مشروع الصين "حزام واحد، طريق واحد".
فللصين أيضاً مصلحة في لفت الأنظار وفرض دورها الإقليمي على المستوى السياسي وليس الإقتصادي فقط.
إن خسارة روسيا الحرب تعني للصين إنتصاراً للولايات المتحدة ما يعزّز نفوذها في أوروبا الشرقية وتوسّع حلف الناتو ما يشكّل خطرا عليها.
كما وأن هزيمة روسيا ستقوي نزعة الحركات الإنفصالية والتحرّرية على حدود الصين في إقليمي شينجيانغ والتيبت.
كل ما تقدّم مؤشر على أن الصين ستبدأ بتحريك عجلة التسوية السياسية.