hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - علاء الخوري

أين ملحم رياشي وابراهيم كنعان؟

الإثنين ٢٥ كانون الثاني ٢٠٢١ - 00:01

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على أنقاض دولة لبنان الكبير يتقاتل المسيحيون على ما تبقى من ارثهم المشرقي، يقتنصون الفرص لتصويب البندقية على بعضهم وهم يعلمون أن هذه البندقية هجرتهم وقتلتهم واسقطت ميثاقهم ولم تتوحد في "عز شبابها"، ويصرون اليوم على اعادة التجربة رغم يقينهم المسبق أن أي حماقة جديدة ستكون نتيجتها حتما كسابقاتها.

لا يريد جيل الاحزاب اللبنانية المعاصرة والجديدة مسح ما في الذاكرة وخوض تجربته على قاعدة بعيدة عن "حزبي أقوى من حزبك".. تمر المعارك والمجازر على لسانهم وكأنها شريط بطولي يستوجب المدح ومن الواجب توريثه للاجيال الجديدة. لا يرى هؤلاء أن جيلا كاملا مرَّ على الحرب الاهلية جنى من خلالها الاحباط والخسارة والحسرة على عمر فقده على "لا شيء". لا يعلم مناصرو الكتائب والقوات أن المعركة لا تتوقف عند "سمير جعجع- سامي الجميل"، وأن ما يجمع التيار الوطني الحر بتيار المرده أبعد من كرسي وُضع عليه وطن حول رقبته مشنقة ينتظر أول قدم ترفس الكرسي من تحته.

جيلٌ من الخيبة والبطولات الدونكيشوتية يتقاسمها على منصات التواصل الاجتماعي يُعيد التمجيد بحروبه، متشوقا لنسختها المنقحة في القرن الواحد والعشرين وهو على أرض الواقع تائه يبحث عن جواز سفر دائم أو زعيم يتلطى خلفه في دولة تتساقط لتنهض على أنقاضها دويلات. الاحزاب المسيحية في لبنان مشروع وراثة دائمة ومصالح فئوية وتأليه شخصي للزعيم على حساب المؤسسة الحزبية، ورغم كل مساحيق التجميل التي يحاول زعماء تلك الاحزاب التلطي خلفها الا أن مرارة الواقع تبقى الاقوى وارقام الاحصاءات التي تظهر أعداد المهاجرين أو في طريقهم اليها أقوى من كل خطابات التهليل والبطولات الوهمية التي تسعى اليها تلك الاحزاب.

في عز تفكك لبنان الكبير، وفي أشرس معركة من المفترض ان يخوضها هذا الشارع بوجه الطروحات المعلبة من "المثالثة" وحرب الصلاحيات ومفاهيم اسقاط الدولة العميقة لصالح الدولة الصديقة، نجد لدى القوات والكتائب متسعاً من الوقت لسرد روايات الاتهامات المتبادلة ونكء الذاكرة بصورة استعراضية امام المحازبين، في وقت يسارع التيار الوطني الحر والقوات الى نصب الجبهات التويترية فيما بينهم وفي أول اشارة من ميرنا الشالوحي او معراب الى مجموعات الواتس اب التابعة لنواب الطرفين يبدأ الهجوم الالكتروني الواسع والمثقل بالكلمات التي تعود الى حرب الشوارع أيام عين الرمانة وسوق الغرب وغيرها من معارك الحرب الاهلية.

لم يعد بين الاحزاب المسيحية مساحة للصوت العاقل، رغم كل التباينات التي ظهرت، الا أن الاجماع كان سائدا على اتفاق معراب بشكلياته المسيطرة والتي غلبت على مضمونه فسرعان ما تهاوى في اول ضربة تعيينات. ولا شك بأن غالبية لا يستهان بها من الرأي العام المسيحي عكس تعطشا لطي صفحات الماضي الاليمة والمضي بجيل جديد يؤسس لعقد جديد بعيدا عن الدم والجبهات التي تسيطر على عقول المحازبين في جبل لبنان وكسروان أو بشري وزغرتا. ووجدنا كيف شكلت مصافحة سمير جعجع مع سليمان فرنجية في بكركي جسر تواصل بين بشري وزغرتا بعد أن وضع الحقد خطوط تماس بين الجارتين وراكم المسافات بينهما لسنوات.

ورغم الانتقادات التي وجهت الى الوزير السابق ملحم رياشي والنائب ابراهيم كنعان لافراطهما بنظرية "أوعى خيك" من قبل الرافضين لأي تواصل بين التيار والقوات، الا أن التجربة أثبتت أن كل طرف مسيحي أو وطني بحاجة الى ثنائي "رياشي- كنعان"، يُعيد صوغ بنود اتفاق جديد يغيب عنها هاجس الكرسي الرئاسي لتكون ذات منفعة لا مصلحة، فالمجتمع المسيحي الذي يعاني من استنزاف في النخب والقادة الحقيقيين، عليه أن يبادر الى فتح قنوات التواصل بين قواعده الحزبية والشعبية، لأن ما هو آت سيكون على حساب هذه البيئة ومن "كيسها" المؤسساتي، فمجتمع الاقليات في علم الاجتماع قابل للذوبان بشكل سريع، وفي ظل نظام الطوائف ورفض أي علمانية حقيقية تنطلق من المقاعد الدراسية فأول الخاسرين هو هذا المجتمع الواجب عليه أن يعيد صياغة خطاب جديد ينطلق من قضاياه المجتمعية التي تنخر بعائلاته. أما ما نراه اليوم فينطبق عليه حكم ابن خلدون عن أطوار الدولة الخمسة والاجيال الثلاثة التي تمر بها حيث يقوم الجيل الاول بعملية البناء والعناية، ويسير الجيل الثاني على خطاه من التقليد ليأتي الجيل الثالث وهو جيل النخبة الحاكمة التي تحرص في سلوكها السياسي والأخلاقي على الطمع والترف وتهدم من خلاله كل ما تم بناؤه.. ونحن اليوم نعيش زمن الجيل الثالث.

 

  • شارك الخبر