hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - جورج عبيد

يا يسوع الحبيب... ارحمنا

الجمعة ٣ نيسان ٢٠٢٠ - 15:45

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يا يسوع الحبيب، أيها الساكن في آلامنا وأوجاعنا، أرنا في هذا الزمن قيامتك. متى تاتي إلى دنيانا ونحن في صمت رهيب، في حجر مريب، في خوف عجيب، نترجّخ في صحراء الوباء ما بين العافية والإصابة، ننتظر الموت يقرع أبوابنا، ويخطف أحبّاءنا أو يخطف حياتنا. وفي يقيننا الإنجيليّ-الحياتيّ، أنّه لن يقوى علينا، لأننا عارفون أنك في لحمنا وعظمنا، تسري في عروقنا، ومتحرّك في جبلتنا، تتوثّب لتمنحنا حياة بنصرك المبين. وعلى الرغم من أنّ أيامنا فنيت بالباطل وسنينا احترقت كالدخان، لإغنّنا مدركون وموقنون، أنّك أنت أنت وسنوك لن تفنى، وأيناء عبيدك يسكنون الأرض وذريتهم تستقيم إلى الدهر على نحو ما قال كاتب المزامير.

ولأنك الإله الأزليّ الأبديّ، وقد دعوتنا غير مرّة أن لا تضطرب قلوبنا مهما عصفت الرياح واستبدّت بنا الأعاصير واجتاحتنا الأوبئة، وكنت ولم تزل فينا مديدًا بالنعمة، وأمطرت علينا البهاء، نرجوك من كلّ قلوبنا الخاشعة فيما هاماتنا منحنية، وركبنا ساجدة وعيوننا دامعة ببحر من الرجاء، أمام وجهك الأقدس، أن تتحنّن علينا، وتبطل هذا الوباء المصنّع بأيدي الأشرار بروح أزليّتك وفيض نعمتك من عالمنا، وتغفر لنا ذنوبنا وخطايانا ولا تتركنا في ضيق. عالمك يا رب في ضيق رهيب. وبشريّتك المعطوبة في الأصل بسبب خطاياها وإثمها، وقد ازدادت عطبًا بسبب من هذا الضيق، تبقى على الرغم من كلّ شيء مدى للسماء لأنها صنع يديك، زنحن مؤمنون بأنّ التوبة قادرة أن تجعل من الجسد إناء للروح، ووعاء للنور، ويصير الوجه فردوسًا بها، ويغدو مطلاًّ لك إلى التاريخ، الذي أنت ساكنه في الأصل.

أعطها يا يسوع ونحن في زمن الخلاص كلّه لكي لا تنحدر أكثر ولا تغلبها الأمواج الطارثة، ولا تلويها العواصف الهوجاء، ولا تضيمها الفاجعة، ويبتلعها هذا الوباء التاجي فتبدو في جحيم عبثيّ. نحن نعلم أن خطيئتها بكتّتها وتبكّتها، وبعضًا لم يستحِ بل عمد إلى تدنيس بيعك، منه عن عمد، لأنه لم يرَ أباك رحيمًا، ومنه لأنه ثار على إكليروس تعفّنت طبيعته بشبق السلطة وحبّ المال واضطهاد المثقّفين والمستنيرين، فقام بردّة فعل، وفي الوقت عينه، كيف كيف قبل رجالك في أوروبا الذين يحملون الإنجيل والقرابين والإيقونات المقدّسة بين أيديهم بأن تباع الكنائس وتدنّس وتفرغ من جوّ الصلاة والخشوع، وتتغرّب عن رائحة البخور وتنطفئ في رحابها نور الشموع وتتحوّل إلى دور دعارة ومراقص وملاهٍ للخمور؟ ولكنّنا نثق بحكمتك، ونعلم أنك عارف بإثمهم وخيانتهم، ويهوذا الإسخريوطيّ في كلّ مكان ماثل. نحتكم إلى رحمتك، ونعترف بالإحسان ونكرز بك حيًّا في تاريخنا وحياتنا، عالمين أنّك غفور ورحيم وعادل، وأنك لن تقبل بفناء هذا العالم، لأنك في الأصل جئت إليه كما منه، وسرت في أرجائه شافيًا أمراضنا ومانحًا النور لعمياننا. للمخلّع أنهضته، وللنازفة الدم أوقفت نزفها، ولأمواتنا أقمت وأحييت، وأنت لهم القيامة والحياة والضياء، وللعازر حبيبك وقد كان جسده منتنًا لأربعة أيام أخرجته من القبر، حتى حملت خطايانا وتحملت آلامنا بآلامك، وللمعاصي أبرأت، وعلقت على خشبة، فذبحت عليها ظلمًا وجورًا، وذبت حبًّا بنا وفجرت الحبّ دماء مهراقة، فحولت حزننا إلى فرح، وموتنا إلى حياة بقيامتك.

أمام ذلك ونحن نتوثّب لهذه العظمة وهذا المجد، إسمح لنا بعطفك، لكي نصرخ إليك من كلّ أفئدتنا، وكلّ عقولنا، وبنقاوة ضمير ونضارة قلب، قائلين وضارعين ومتوسلين:

أيها الملك السماويّ قبل الأزل وفي الأزل، قبل الأبد وفي الأبد، الممجّد من أبيك السماويّ وروحك القدوس، ووالدتك وكلّ القديسين والأبرار، والممجّد من كلّ الأجيال المحتشدة خلفك وأمامك، وعلى ضفاف مجدك، وحفافي ينابيعك، وشواطئ بحارك، الجائعين إلى خبزك، والعطاش إلى ينابيعك. هلمّ يا سيّد  وانظر إلى زلقنا ولا تحاكمنا بقسوة على خطايانا، ونحن عالمون بآثامنا وهي ماثلة أمامنا في كلّ حين، بل ارفعنا بعطف منك، وأضء ظلماتنا بلمحة من عينيك، وأحيِ خليقتنا بكلمة من فيك، لا تتركنا أسرى أوجاعنا، بل أمطر عليما من جود غيثك، وأحطنا بغنى رحمتك، هلمّ يا يسوع الحبيب، واحضر إلى حجورنا في منازلنا وأخرجنا منها إلى فرح الحياة. هلمّ يا سيّد تعال بيننا وأقم عندنا وحررنا من وباء قضى على كثيرين من أهل الأرض. لا تسمح "لإله الموت" بابتلاع من يسبحونك ويمجدون اسمك في كلّ أوقاتهم ومدة حياتهم، لا تتركنا وعائلاتنا في اليم والحزن، في الفاقة والجوع. لا تسمح لهذا الوحش الفاتك غير المنظور، بأن يفتك بالأجساد ويشرّد العائلات، ويخطف النفوس، ويبتلع الحياة، وييتمّ الأولاد، ويرمّل النساء، ويثخن الوالدين بالجراح.

يا ربّ، باتضاع نفس وخشوع قلب، نرجوك أن تسامحنا جميعنا على خطايانا التي اقترفناها واجترمناها أمامك، معترفين أمام عرشك الأقدس بأننا قد ضللنا وأثمنا وما أطعنا أوامرك. إسمح لنا بأن نعترف يا أب المراحم بشرّنا، وبأنّنا أذينا بعضنا، وحطمنا عالمك الذي خلقته بحروب وقلاقل، وأفشينا فيه الأوبئة. فكن لنا يا سيّد راحمًا وغافرًا، شافيًا ومحييًا، بحقّ أطفالنا وشيوخنا، بحقّ من والوك وآمنوا بك، وأحبّوك منذ الابتداء، وبحقّ من واكبوك ولم ينكروك أمام الناس لأنهم عرفوك إلهًا مخلّصًا، لا يسمح بموت الخاطئ حتى يتوب ويحيا، فجعلوا من دمائهم وشهادتهم قرابين لتمجيد اسمك بحقّ من يسجدون لك في كلّ مواضع سيادتك. كن لهذا الوباء قاتلاً، وللمرضى به وكل مريض بأيّ مرض آخر شافيًا، وللناس منهضًا ولعامنا محييًا، وللجور طاردًا ومن الخطايا مداويًا وللخاطئين مسامحًا ولكلّ طبيبة وطبيبة، وممرضّ وممرضة مقويًّا ومواكبًا.

نضرع إليك يا يسوع، أن لا تسمح لنا في لحظات حبّك الأقصى وفي جمال فدائك، ألاّ نواكبك بحبّ وخشوع. إسمح لي وبصورة شخصيّة بالاعتراف أمامك قائلاً: يا رب، إنني من كلّ قلبي وروحي وعقلي أحبّك لأنك أحببتني منذ الابتداء وأحييتني من عدم، وأنقذتني من موت ورحمتني في ذروة خطاياي. أحبّك لأنك كنت لي مخلصًا، أحبّك لا خوفًا من النار، ولا طمعًا بالجنّة، كما قالت رابعة، أخبّك لأنك يا سيد نبع المراحم والمحبّة، ولأنك أنت المحبّة والبيادر في كلّ حبّة كما كتب شاعر من بلادي. كيف لي في أسبوعك العظيم وأنت تبذل نفسك عنّي، أن أختبئ في بيتي ولأ أجد نفسي خاشعة أمام أيقونة آلامك وساجدة أمام صليبك أيها السعة الكبرى. كيف لنا يا محبًّا للبشر أن نبقى أسرى منازلنا، وأنت تتألّم وتصلب وتموت وتدفن وتقوم ولا نكون شهودًا على حقيقة قد غدت جوهر حياتنا في كنائسنا، ومنها كانت الخليقة جديدة؟ كيف يجسر إله الموت على أسري في بيتي ولا أسجد لآلامك أمام صليبك وأرتقب قيامتك بالصوت والسجود إلى جانب صديق حبيب نفعلها كلّ سنة؟ كيف لي أن لا أراك بين الورود تتوثّب في بساتين نفوسنا حتى تؤذن لنا برمي ورق الغار على الأرض إيذانًا بنصرك وقيامتك (قم يا ألله واحكم في الآرض لأنك ترث جميع الأمم)، لياتي النور متوّجًا غلبتك بالقوّة، فنهجم على الموت بصوت واحد معلنين فصحك أمام الناس ومهللين للحياة الجديدة المعطاة من لدنك، متحدّين وفرحين (أين شوكتك ايها الموت، أين غلبتك أيها الجحيم؟)

لذلك نرسل لك الدعاء، وفي قلمي تحتشد أقلام كثيرة، وفي صوتي تتراكم أصوات عديدة، وفي حبري يسيل الرجاء، لكي تسمح بعطفك وتوقف هذا الفيروس التاجيّ من عليائك وحضورك، وتحرّر العالم منه، وتعيد الناس إلى أعمالها، وتمنحهم سلامًا، وتبعد عنهم الحروب والأوبئة، وتسكب في قلوبهم الإيمان.

يا سيّد السماء والأرض، بصوت واحد ندعوك، أوقف هذا الوباء، أوقفه، ولا تتركه سيّدًا ينافس سيادتك، فما من سيادة لآخر سواك على جبلتك وعلى من أوجدتهم برحمتك. إليك نرنو ونرجو ونتضرّع بدموع حارّة، مؤمنين ومسلّمين بمشيئتك، واثقين بقدرتك، متسلحين بموتك وقيامتك، حتى ترحمنا وترفعنا من هذه الوهدات وتقيمنا في العافية والسلامة والسلام.

وبكثير من التوبة أرجوك ربّي أن تقبل مني ما نقوله في صلواتنا:

"إرحمنا يا رب ارحمنا، فإننا عاجزون عن كلّ جواب، فهذا التضرّع نقدّمه لك نحن الخطأى ايها السيد فارحمنا.

إرحمنا يا ربّ لأننا عليك اتكلنا فلا تسخط علينا جدًّا ولا تذكر آثامنا، لكن بما انك المتحنّن، أنقذنا من أعدائنا (ومن هذا الوباء)، لأننا شعبك ونحن صنع يديك وباسمك ندعى". آمين.

  • شارك الخبر