hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - مازن عبود

وهيب الذي من فوق

الأربعاء ٢٦ أيار ٢٠٢١ - 11:03

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عاد الوهيب الى الواهب. وما للحياة عاد الى الحياة واستكملت الأرض دورتها.
لقد شئت ان تطير بعيدا مع عائلتك الى كندا. فكان ان طرت الى ربك. لكنك لن تموت لانّ من يموتون هم من ماتوا ويموتون في النفوس، اما انت فلا. لأنك باق الى الابد طيف عدالة على ارض لم تعرف العدل، لأنها لم تدرك انّ القانون رحمة.
كبرت كثيرا يا صديقي على الرغم من صغر سنك. فالكبر يقاس بكم الحب. وانت أحببت كثيرا واحبك من عرفك كثيرا يا اخي وصديقي.
قلت لي قبل ان ترحل بأيام بأنك تنتظر ما ستظهره لك الصورة الصدرية وانتظرتها معك. اتصلت بك اليوم التالي، استجمعت صوتك ورددت عليّ كي تحييني. فكان ان اطمأنت نفسي. لم اعرف بأنه سيكون الاتصال الأخير. وبأنك حاولت ان تبلغني بانك بخير وانت كنت تودعني يا صاحبي. وهيبا اتراك مضيت في مهمة جديدة ابعد من منظمة الطيران المدني التي انتدبت اليها ممثلا لبلد انت من ارزه، وابعد من كندا!
أتراك مضيت الى غرفة في مجلس ملك الجنود، لا تترأسها انت بل الديّان ذلك العادل الذي وهبنا اياك ولو لفترة كنّا نتمنى ان تمتدّ أكثر. فهناك تتحلق الملائكة في مجالس للتسبيح وليس للشورى، وما الحاجة الى الشورى في حضور الجمال؟
وهيب يا ملاكا عرفته دمثا ووفيا ومحبا وخفرا لم يكن عالمنا لك ولأمثالك من الانقياء. عدت الى حيث تنتمي يا اخي وصديقي. عدت الى الديار. عدت الى حيث الاحرف من نور والاحكام من رحمة، والناس مصابيح.
ذهبت تكتشف عدالة جديدة حاولت ان تقيم لها خيمة على هذه الأرض. فكنت ظلا لنور من فوق، لا بل ومضة كنّا نتمنى ان تبقى كي نقول بانّ لبنان مازال بألف خير.
لا اعلم ماذا أقول لك، أأبكيك ام ابكي البلد وابكي عالما افتقدك؟
أأبكيك يا مشروعا كنت واعدا لنا كي يمسي بلدنا بمن مثلك أفضل؟
انتظرتك وزيرا. انتظرت ان تعطي هذه الأرض مكافأة لمن ليسوا منها. انتظرت ان اراك تترجم الألم الذي اودعك اياه اهلك واناسك في اسلكة البحر عدالة واحلاما بعالم أفضل يحكمه ودعاء وانقياء القلوب.
انتظرناك وعدا بالتغيير وبلبنان أفضل. فكان ان مضيت الى ما هو أفضل يا صديقي. تبا لهذا الفيروس الذي يحرمنا المشروعات والاحلام والوعود والاحباء.
تبا له وقد سرق منّا حياتنا ويمضي في سرقة رجائنا.
تبا له فهو ارعن لا يدرك قيمة البشر ولا اوزانهم ولا قاماتهم.
سيتذكرك بحر الميناء يا صديقي وسيهمس الموج في فم الصخور هناك قصصا عن أناس سطرت في بال الناس ملاحم محبة. أناس صنعت من محبة فصارت هي خبز على موائد المحبة تخبر عن جودة اهل الغريب الذي ظننا انه يحيا فقط ما بين دفتي كتاب. فصار معك وفيك من لحم ودم.
وداعا يا اخي وصديقي وهيب دورة. لن يبدل الموت محبتي واعتزازي بك. لن يبدل الرقاد في حضورك فيّ شيئا. وسأبقى الى جانبك كما كنت دوما الى جانب الحق. وسأبقى أراد في كل عين أدركت ان الألم يصنع الرجال. وما الرجل الا قلبا يمس القلوب فيشعلها رجاء بعالم أفضل، أكثر عدالة واستقامة وخفرا وتواضعا ومحبة، وما عدا ذلك موت وهراء... لن ندع قصتك تنتهي فبلدنا يحتاج الى الكثير من طينتك كي يخلص. يحتاج الى بعض من القداسة والزهد كي يبقى واقفا.
صديقي الا فأذكرنا امام عرش من هو العدل والحق والجمال. اذكرنا وسنذكرك كل ما أدركنا انسانا من طينتك يزرع فينا سلاما اعطي له من فوق.
فسلام على اهل السلام. سلاما نسأل ينزل علينا من فوق فتطمئن شريكتك واولادك ويتعزى البطن الذي حبل بك.
احبك يا اخي نورا وومضة من فوق، ولن يبدل الرقاد في تلك المحبة شيئا مهما طال الزمن.

  • شارك الخبر