hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور شادي نهرا

هل تشبه أزمة أسعار النفط المتعلقة بأوكرانيا، خدعة حظر النفط سنة 1973؟ (4)

الجمعة ٢٦ آب ٢٠٢٢ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كل ما نراه من رفض سعودي الرَدّ على بايدن، ورفض زيادة إنتاج النفط، كلها مسرحيّات من تأليف وإخراج أمريكي، لامتصاص نقمة الشعب الأمريكي وتمرير انتخابات التجديد النّصفي في أمريكا في نوفمبر المقبل. أمّا ما نَتَج عن زيارة بايدن للسعودية بالنسبة لزيادة إنتاج النفط فلم يكن له تأثير لأنّ الزيادة ستكون ضئيلة وبحدود 2027!!

أهل يعقل أن يتحدى أحد أمريكا في السعودية أو في العالم بدون ضوء أخضر أمريكي مُبَطَّن ويبقى في منصبه!!!!

طبعاً لا والشواهد على ذلك كثيرة من شاه إيران إلى عمر خان رئيس وزراء باكستان.

كيف أمكن لترامب باتّصال واحد لولي العهد السعودي تخفيض إنتاج النفط لرفع اسعاره وبالتالي عدم إفلاس شركات النفط الصخري الأمريكي إثر جائحة كورونا. لم يُكلِّفه سوى اتصال هاتفي مُهَدّداً السعودية بسحب قوّاتِها منها وبالتالي تركها وحيدة في مواجهة إيران، فأمريكا أوجَدت إيران لهكذا أزمات. أهل يصعب على بايدن فعل ذلك لو أراد؟!

السعودية لن تنتقل من الضفّة الأمريكية إلى الضفّة الصينية لسبب جداً جوهري وهو أن إيران هي الوحيدة القادرة على فكّ حصار الطاقة عن الصين إذا ما ارادت أمريكا خنقها، لتفوّق البحرية الأمريكية وسيطرتها على المضائق البحرية، لأن إيران قادرة على تزويد الصين برياً بعيداً عن المضائق البحرية، لذلك لن تستبدل الصين إيران بالسعودية، والسعودية تدرك ذلك، بالرغم من تطور العلاقات السعودية الصينية حيث رفعت الصين وارداته من البترول السعودي 38%.

وقد أكدت Times New York أن كوشنار التقى ولي العهد السعودي وأعطاه 2 مليار دولار استثمار في شركته الجديدة.

وقد أشار موقع argus أن نائب وزير الدفاع السعودي التقى مستشار الأمن القومي الاميركي Jack Sloven ووزير الدفاع الأمريكي في البيت الأبيض لدراسة سد ثغرة 10% من اعتراض الدفاعات الجوية السعودية لصواريخ الحوثي وقد بدأت أمريكا بالفعل العمل على ملئ هذا الفراغ. وبالرغم من امتناعها أولاً عن إرسال صواريخ باتريوت للسعودية إلا أنه في النهاية تَمّ تزويد السعودية بالباتريوت، فقد كانت أمريكا قادرة على ربط صفقات الباتريوت بزيادة النفط.

كل ذلك يؤكد أن أمريكا تريد أن تُبقِي الأوكسيجين لبوتين للاستمرار في الحرب دون اللجوء للصين وبالتالي الدخول الأمريكي في الوقت المناسب لتجميد الصراع وبالتالي منح هدية لروسيا تُشبِه الهديّة السوريّة مع إبقاء خيوط اللعبة في يد أمريكا.

 

خدعة حظر النفط سنة ١٩٧٣

الرواية الصحيحة لما حدث بخصوص رفع اسعار البترول يرويها William Engdahl في كتابه “قرن من الحرب: السياسات الانجلو-أمريكية للبترول والنظام العالمي الجديد”.

A Century of War: Anglo-American Oil Politics and the New World Order

By F. William Engdahl, New Edition 2012

(مُقتَطَف من الكتاب)

) في نهاية السنة الاولى من عهد الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون ١٩٦٩م بدأت تعصف بالاقتصاد الامريكي أزمات عدة انخفضت قيمة الدولار مقابل الذهب ووصل الحال لعجز احتياطي الذهب الامريكي عن تغطية الدولار مما دفع بنيكسون بتاريخ ١٥ أوغست ١٩٧١ الى فك ربط الدولار الامريكي بالذهب ممزقاً بذلك أحادياً اتفاقية بريتون وودس (١٩٤٤م( .

تزامن هذا كله مع وجود هنري كيسينجر كمستشار للامن القومي الامريكي.

في مايو ١٩٧٣ عُقد اجتماع سري لتجمع بيلديربرغ في سالتزجوبادن في منتجع جزيرة لعائلة والنبرغ السويدية وضم الاجتماع ٨٤ شخصية من نخبة المتنفذين الماليين والسياسيين وصناع القرار في العالم . كان من بين اصحاب البنوك وشركات البترول ديفيد روكفيلر، ومن بين مسؤولين في الادارة الامريكية بريجنسكي وهنري كيسينجر. استمع المشاركون الى سيناريو أمريكي لرفع ارباح بترول اوبك بنسبة ٤٠٠٪ ولوضع مخطط لإدارة هذا الطوفان المالي الذي سيجنى ويتدفق من أرباح اوبيك والتي اطلق عليها هنري كسينجر “اعادة تدوير ضخ البترودولار”. (ذات النسبة التي طلبها كيسينجر فيما بعد من شاه ايران.)

قرر مجتمعو بيلديربيرغ في مايو ١٩٧٣م شن هجوم ضخم على النمو الصناعي العالمي لكي يعيدوا ترجيح الكفة لصالح المحور الانجلو-أمريكي المالي وللدولار الامريكي. ولكي يتمكنوا من ذلك قرروا استعمال أقوى أسلحتهم وهو السيطرة على العوائد النفطية. بالتالي كانت سياسة بيلديربيرغ هي شن حظر نفط عالمي لفرض ارتفاع دراماتيكي في أسعار النفط. وبما ان أسعار تجارة النفط ومنذ عام ١٩٤٥م كانت بالدولار الامريكي حيث شركات النفط الامريكية كانت هي المسيطرة عالمياً على السوق بعد الحرب فان اي ارتفاع حاد مفاجيء في الأسعار سيكون مصحوب بارتفاع دراماتيكي على طلب الدولار لتسديد نفقات النفط المطلوب.

في السادس من أكتوبر ١٩٧٣م، قامتا سوريا ومصر بهجوم عسكري على “اسرائيل” بات يعرف (في الغرب) بحرب يوم الغفران. وعلى عكس الانطباع العام السائد عالمياً، لم تكن حرب أكتوبر ١٩٧٣م ضد اسرائيل عشوائية او قراراً عربياً فقد اتضح انها كانت مدبرة من واشنطن ولندن ومنسقة بحرفية ودبلوماسية سرية بالغة من مستشار الأمن القومي لريتشارد نيكسون آنذاك هنري كيسينجر.

قامت الحرب وما تلاها من الجولات “الدبلوماسية المكوكية” لكيسنجر تماماً بالحذافير التي قد رُسِمَ لها قبل بضعة أشهر في اجتماع بيلديربيرغ في سالتزجوبادن السويدية. وقعت الدول العربية المنتجة للنفط كبش الفداء للغضب العالمي بينما بقي اصحاب النفوذ الانجلو- أمريكي بهدوء في الظل.

ولكن بينما كان للهزة النفطية التي احدثها كيسينجر عام ١٩٧٣ نتائج كارثية على نمو الاقتصادي العالمي كان لها الأثر العكسي والفوائد العظيمة في المقلب الاخر تحديدا في مراكز النفوذ المصرفية في نيويورك ولندن وشركات النفط “الاخوات السبع” المتعددة الجنسية في لندن ونيويورك. فقد حلت شركة إكسون محل شركة جنرال موتورز كأكبر شركة أمريكية في اجمالي الارباح بحلول ١٩٧٤ تبعتها “اخواتها” من أمثال شركة موبيل ، تكسكو، شيفرون وجلف.

الحجم الأكبر من أرباح دولارات أوبيك والتي اسماها كيسينجر “البترودولار المعاد تدويرها” تم ايداعها في بنوك لندن ونيويورك الرئيسية تحديداً البنوك التي كانت تتعامل بالدولار وتتعاطى تجارة النفط الدولية. تشيز مانهاتن، سيتي بانك، مانيوفاكتشرر هانوفر، بنك أميركا، باركليز، لويدز، ميدلاند بانك، كلها بنوك تمتعت بالمكاسب والأرباح الفجائية الناتجة عن صدمة البترول. ( رَكَّز الكاتب على الهدف الاقتصادي من حرب أكتوبر 1973 وقرار حظر النفط الذي أتى نتيجة الهبوط في سعر الدولار لذلك قررت أمريكا وبريطانيا الضغط لحظر النفط وارتفاعه 400% لزيادة الطلب على الدولار وبالتالي استعادة تعافيه، انما كان لحرب أكتوبر هدف أهم وأخطر ألا وهو مساعدة أمريكا لمصر على استعادة سيناء مقابل نقل مصر إلى الضفة الأمريكية وطرد الخبراء الروس من مصر. وقد ذكر Robert Dreyfus في كتابه “Devil’s Game” أن رئيس المخابرات السعودي قد نقل الرسالة إلى الرئيس المصري أنور السادات ومفادها, إذا انتقلت مصر إلى الضفّة الأمريكية وطَردوا الخبراء الروس من مصر فأمريكا مستعدّة لمساعدة مصر على استعادة سيناء ، وأن المخابرات الأمريكية كانت على علم بالهجوم المباغت في يوم الغفران ولم تنبّه اسرائيل على ذلك ، كما ذكر أحد الطيارين الروس الذين شاركوا في حرب أكتوبر على قنات روسية اليوم أن الطائرات الأمريكية كانت تساعدهم على العبور في أجواء اليونان وفي أحد المرات اقتربت منهم طائرة أمريكيّة وبعثت لهم رسالة مفادها أنتم ساعدوا سورية ومصر ونحن نساعد اسرائيل. والكل يدرك أهميّة مصر والأسلحة السوفيتيّة التي ارسلتها إلى المجاهدين في حرب أفغانستان 1979 وكانت السبب الرئيس لتفتيت الإتحاد السوفياتي.

 

أخطر أسلحة أمريكا لا يمتلكها أحد!

كنّا نعتقد أن أخطر أسلحة أمريكا هو النووي واسطولها البحري وطائراتها المتطورة ... إلا أنه اكتشفنا لاحقاً أن الدولار والاقتصاد الأمريكي والسوق الأمريكية ذات 25 تريليون دولار GDP ونظام سويفت وسندات الخزانة الأمريكية واحتياطيات البنوك المركزية من الدولار، والبترودولار أخطر بكثير من أسلحتها التقليدية. إلا أنه برز سلاح تخطى بخطورته الدولار بأشواط ألا وهو الثقافة الأمريكية، فقد نصَّبت نفسها أمريكا حامية الحريات في العالم، هذه الولايات التي تأسست على مبدأ احترام الحرية وقد وصفها Thomas Jefreson أحد الأباء المؤسسين لأمريكا في 1780 أنها امبراطورية الحريات empire of liberty، كما أصرّ الرئيس الأمريكي في 1862 Ibraham Linken على تحرير العبيد.

ممّا لا شكّ فيه أن الأمريكيّين يؤمنون أنّهم خير أمّة للناس وعليهِم واجب أخلاقي ومسؤوليّة للدفاع عن الحرية حتى للشعوب الأخرى.

هذا الركن الأساسي في هيكليّة الولايات المتحدة مع بحبوحة اقتصادية كبيرة جذبت إليها أهم المفكّرين والمبدعين لتُنتِج للعالم ما سحر قلبه وفكره، فأمريكا احتلّت قلوب وعقول العالم بلُغتها وهوليوود ونجومها وموسيقاها ومقاهيها والفست فود والجينز وجامعاتها واختراعاتها وكتبها والإنترنت وسياراتها وكمبيوتراتها وال NGOs ...

إذاً أمريكا احتلّت العالم ليس عسكرياً وانما ثقافياً وقد باتت قادرة بطريقة سحرية على تفجير ثورة في أي وقت وأي منطقة في العالم!!! حتى لو كان واضحاً أن هذه الثورات سوف تؤدّي إلى دمار البلد كما حدث في سورية وليبيا ويحدث الآن في أوكرانيا وكأن الشعوب أصبحت مستعدّة لتدمير بلدها كرمة لعيون أمريكا!!!

هذا السحر الذي لم تتمتّع به أي إمبراطورية سابقاً يساهم فيه موقع أمريكا الجغرافي إلى جانب ما ذكرناه سابقاً ...

ربما لأنها تقبع بعيدة جغرافياً عن باقي الشعوب حيث يفصلها المحيط الأطلسي من جهة والمحيط الهادئ من جهة أخرى، ما يعطي طمأنينة للشعوب أنه لن يكون لها أهداف توسعية كباقي الدول، لأن الخطر عادة يأتي من الجيران وأطماعهم التوسعيّة.

كيف استطاعت أن تفجر ثورات بدون أي بصيص أمل للشعوب في سورية ليبيا لبنان ...

كيف استطاعت أن تعزل عمران خان في باكستان لقطع الطريق البري للصين! كيف سحبت سريلانكا من الصين حيث يوجد مينائها الإستراتيجي همبانتوتات حيث تمرّ عبره البضائع الصينيّة وأجبرت رئيسها على الهروب، كما نذكر أن رئيس تنزانيا حيث يوجد ميناء مومباس الاستراتيجي للصين، تُوفّيَ وأتت مكانه رئيسة للبلاد اغلقت النشاط الصيني في تنزانيا.

والدور على جيبوتي قادم أيضاً ...

وحين وقّعت العراق اتفاقيّة مع الصين حصلت مظاهرات للإطاحة بعادل عبد المهدي.

كما قامت بانقلاب في تايلاند التي تُعتبر بديل لمضيق مالكا للصين.

كيف اقنعت الشعب الياباني على تعديل المادة التاسعة في الدستور لإعادة إحياء القوة العسكرية لليابان في وجه الصين.

كيف اقنعت أوكرانيا على استفزاز صارخ لروسيا بضمها للناتو وفتحت عليها باب جهنم.

هنا تكمن قوّة أمريكا التي لم يمتلكها أحد على مرَّ العصور، العبرة أنه قبل أن تحتلّ بلد عسكرياً يجب احتلاله ثقافيّاً وهنا أبدعت أمريكا إمبراطورية الحريات كما وصفها Thomas Jefreson أحد الأباء المؤسسين.

 

  • شارك الخبر