hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - سركيس نعوم - النهار

هل بدأ الثلث الحكومي المعطّل... مسيحياً؟

السبت ١٠ حزيران ٢٠٢٣ - 08:56

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

استخدم "الجنرال" ميشال عون بعد عجزه عن تحقيق طموحيه الأكبر والأصغر أي رئاسة الجمهورية والإمساك بالمنطقة الشرقية بعد إلحاق هزيمة مطنطنة بـ"الحكيم" سمير جعجع و"قواته"، كما بعد ظهور بوادر جدّية عربية – دولية لوقف الحروب في لبنان وإعادة بنائه صيغةً ونظاماً ودولةً ومؤسسات، استخدم "أسلحة" متنوّعة. فهو من جهة "صادر" شعارات "القوات اللبنانية" المرفوعة منذ بداية الحرب مثل تحرير لبنان من سوريا وحلفائها، ومن جهة أخرى اتهمها بالتخلي عن أهدافها الوطنية المسيحية والاستراتيجية، إذ اتخذ موقفاً مؤيّداً للجهد العربي المبذول من أجل جمع النواب اللبنانيين في الطائف السعودية برعاية اللجنة العربية الثلاثية المكلّفة رسمياً مساعدة لبنان على وقف الحروب فيه والمؤلّفة، الى المملكة، من المغرب والجزائر. وناهض بذلك الموقف الإيجابي من هذا التحرّك للبطريرك الماروني نصرالله صفير وحزب الكتائب كما مواقف أطراف الشارع المسلم في البلاد. لم يكتفِ عون بذلك بل حلّ مجلس النواب لإلغاء صفة أعضائه وإضعاف أهليتهم للتفاوض في ما بينهم من أجل إنقاذ البلاد. ثم أصدر قراراً بمنع سفرهم الى الطائف. لم تُفلح جهود الموفد العربي الأخضر الإبراهيمي في إقناعه بالانضمام الى إجتماعات الطائف رغم وعوده له بأنه سيكون مشاركاً بقوة في دولة لبنان الجديدة، ولكن ليس من موقع رئاسة الجمهورية. والباقي معروف، اجتاح جيش (الراحل) صدام حسين الكويت فـ"ركّبت" الولايات المتحدة تحالفا عسكرياً إقليمياً – دولياً لإخراجه منها شاركت فيه مصر وسوريا. كانت تلك اللحظة التي ينتظرها الرئيس السوري حافظ الأسد للقضاء على تمرّد عون فحصل على ضوء أخضر من واشنطن للقيام بذلك وعلى قرار من مجلس الوزراء اللبناني يطلب منه التدخل العسكري مع الجيش اللبناني لإنجاز هذه المهمة.

الغريب أن عون بقي حتى اللحظات الأخيرة مؤمناً بأن ضربه عسكرياً لن يحصل. لكنه لم يكن مالكاً معطيات ثابتة وواضحة تتعلق بمن سيحميه من هذا المصير سواء كانت جهة إقليمية وازنة أو دولية، ورغم ذلك استمر في الأمل بوجود منفذ ما. وقد لاحظ هذا الأمر أستاذنا وزميلنا إميل خوري أطال الله عمره الذي كان يزور عون في استمرار في قصر بعبدا أو بالأحرى "ملجأ بعبدا". وقد أثار معه في آخر زيارة قبل إنهاء تمرّده التطورات الإقليمية والدولية واحتمال انعكاسها ضرباً له وإنهاءً لحكمه. لكنه لم يقتنع بذلك وبقي مصرّاً على أنه سيصمد ولن يهجم عليه أحد. حتى إنه سخّف إغارة أي طائرة عسكرية سورية عليه في قصر بعبدا وقد طرح ذلك خوري لكنه لم يبدُ ضامناً ذلك. وعندما تمسّك زميلنا بنظريته وسأله ماذا ستفعل إذا حصل ما تؤكد أنه لن يحصل لم يعطِ جواباً وبدا من كلماته وحركاته أنه لا يمتلك جواباً كهذا.

الباقي معروف، خسر عون ولجأ الى سفارة فرنسا القريبة من قصر بعبدا ثم نُفي إليها وبدأت تركب "السيبة" التي خطّطت لها سوريا من أجل مساعدة لبنان في تطبيق اتفاق الطائف نظرياً، ولكن من أجل الإمساك به حكماً وحكومةً ومجلس نواب وأحزاباً وجعله ساحةً خلفية دائمة لها قراره عندها رغم استقلاله النظري وتمثيله في الأمم المتحدة بوصفه دولةً مستقلة. لكن غير المتوقّع في حينه، من الجهة المسيحية، باعتبار أن الجهات المسلمة ما كانت تريد أو ما كان في إمكانها الرفض أو الاعتراض أو الاحتجاج، كان موقفاً سلبياً اتخذه قائد "القوات" سمير جعجع من تأليف حكومة ما بعد القضاء على التمرّد، وكان العمل على تأليفها جارياً من قبل رئيس الجمهورية (الراحل) الياس الهراوي والسلطة السورية والجهات السياسية اللبنانية ورئيس الحكومة الأولى في عهد "الطائف" سليم الحص والرئيس المكلّف الذي سيكلّف تأليفها نائب طرابلس عمر كرامي. الموقف السلبي كان عدم اشتراكه أي جعجع شخصياً في الحكومة رغم "موافقة" كرامي المستحيلة سابقاً على أمرٍ من هذا النوع لاتهامه إيّاه بقتل شقيقه الرئيس رشيد كرامي. وهي ما كانت ممكنة لولا موافقة دمشق وتدخّلها. وقد حاول الهراوي التمهيد لها بمأدبة غداء في مقره الموقت في الرملة البيضاء دُعي إليها كرامي وجعجع وسليمان فرنجية وذلك لبدء مصالحة عملية بين الثلاثة، إذ إن جعجع كان أيضاً متهماً بقيادة عملية عسكرية كتائبية على إهدن قُتل فيها النائب طوني فرنجية والد سليمان عام 78 ووالدته وشقيقته. طبعاً "الله ستر" كما يُقال إذ لما علم فرنجية بعد وصوله الى المقرّ الموقت بالأمر غضب كثيراً وهدّد باستعمال سلاحه الفردي الموجود معه دائماً عند وصول جعجع الذي لم يكن وصل بعد، ثم بدا الانفعال على كرامي فألغي الغداء. لم يُلغِ هذا الموقف تمسّك الهراوي بتمثيل جعجع في الحكومة الى جانب الآخرين، لكن الأخير آثر تمثيله بقريب منه أو بعضو في "قواته" هو الدكتور روجيه ديب. وهذا ما حصل. لكن بدلاً من أن يكون التعاون غير المباشر المسلم – المسيحي (قوات وكتائب) واللبناني – السوري لإنهاء تمرّد عون مناسبة لبدء تحالف بعد البحث الجدّي في الماضي التعيس ومحاولة إزالة آثاره وأسبابه، بدلاً من ذلك أصرّ جعجع على أن يكون له أي لـ"القوات" ثلث التمثيل الحكومي معتبراً أن ذلك من حقه إذ غطّى هو بوصفه زعيم قوة سياسية وعسكرية مسيحية مهمة وربما الأهم كل العملية السياسية والعسكرية، وأسهم في العسكرية لإنجاز هذا الأمر. لكن لا الهراوي قبل ذلك ولا المسلمون ولا سوريا، لاقتناعهم باحتمال أن يعطّل هذا الثلث عمل الحكومة وخطط سوريا اللبنانية. فبدأت الأمور تسوء الى أن وصلت بعد سنوات الى إدخال جعجع السجن بتهمة مشبوهة وعلى الأرجح مدبّرة هي تفجير كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل. لكنها استُعملت لفتح ملفات قضائية قديمة له فبرّأه المجلس العدلي من تفجير الكنيسة لكنه جرّمه في مقتل كرامي.

هل كان موقف جعجع هذا سليماً أم خاطئاً، وهل اتخذ وغيره مواقف أخرى خاطئة؟

  • شارك الخبر