hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

نقطة الصفر

السبت ١٧ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 09:55

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليس هنالك من دولة في العالم تتداخل في تشكيل حكومتها المصالح الدولية والتدخلات الإقليمية والخلافات الداخلية، بقدر الحكومات اللبنانية. فهذه الأبعاد الثلاثية هي ضروريات تشكيل أي حكومة في لبنان. فإذا نجح الرئيس سعد الحريري في مبادرته الهادفة الى تشكيل حكومة اختصاصيين برئاسته ولمدة محددة لإنقاذ البلد من أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فهل ينجح بمزج هذه المكونات الثلاثة وتناقضاتها والخروج بحكومة مهمة وفقاً للتعبير الفرنسي.
هل وصل الأميركي الى هدفه الأساسي بإطلاق مفاوضات ترسيم الحدود، والتي ستؤدي حكماً الى إستقرار أمني وتسهيل عمليات التلزيم والاستكشاف والتنقيب للكيان الصهيوني، وبالتالي رفع الفيتو عن تأليف حكومة في لبنان يكون لحزب الله ممثلٌ "إختصاصي" ضمنها، ويختفى عنصر العقوبات على شخصيات ومؤسسات حليفة له؟
هل وافقت السعودية على فك الحظر عن الحريري تحت رغبة الاميركيين، او لاقتناعها بعدم وجود شخصية سنية بوزن الحريري تتحالف معه في لبنان او للسببين معاً؟
هل تبنّى الفرنسيون مبادرة الحريري، خاصة إن محورها هو الورقة الفرنسية للإصلاحات، وبالتالي تعود الحياة للخطة الفرنسية ويتأمن الاستقرار الأمني والسياسي للعمليات المستقبلية لشركة توتال؟
هل سيقبل الثنائي الشيعي بمقترحات الحريري لجهة عدم تسمية وزرائهم وخاصة المالية، بحجة ان حكومته محددة في مدتها ومهمتها الاقتصادية، ولعدم قطع شعرة معاوية معه منعاً للفتنة المذهبية في المرحلة الحالية الضاغطة على الحزب؟
هل قدّمَ الحريري مبادرته على انها الفرصة الأخيرة لمنع الانفجار وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه في المدة المتبقية للعهد، وبالتالي فإن الرئيس ميشال عون والتيار الوطني لن يُعرقلا حكومته طويلاً، ويكون قد نال الغطاء المسيحي في الوقت ذاته، خاصة ان القوات اللبنانية لن تُسميه بالمطلق؟
يدرك الرئيس الحريري جيداً ان سقوط حالة من الحالات الخمس المذكورة سابقاً يعني حكماً فشل مسعاه في تشكيل الحكومة، ولكن في حسابات الربح والخسارة فإنه في حال فَشَلْ مبادرته يكون قد قدَّم نفسه على إنه مرشح حكماً لرئاسة أي حكومة، وقَطَعَ الطريق امام أي مرشح آخر، وأعاد ربط خطوطه المقطوعة مع الفرنسيين بتبنيه مبادرتهم كخارطة طريق للإنقاذ، وفي الحدّ الأدنى يكون قد رد سياسياً على مبادرة الرئيس عون السياسية ايضاً بتحديد تاريخ جديد للإستشارات النيابية، وتعود الأمور الى نقطة الصفر أي الى تصريف الاعمال من قبل حكومة الرئيس حسان دياب لحين تأمين ظروف مناسبة اكثر.
وفي حال تأمنت الشروط الخمسة وحظي الرئيس حريري بالتكليف ومن بعدها التأليف بحكومة اختصاصيين او سياسيين-اختصاصيين، فالعودة ايضاً الى النقطة صفر أمر محتّم. فتغيير الوجوه والأسماء لن يُلبي مطالب صندوق النقد الدولي والدول المانحة، فذهنية وسلوكية من األق وعوداً بالإصلاحات منذ مؤتمر باريس ١ عام ٢٠٠١، ما تزال هي نفسها لم تتبدل، والأمل الوحيد في الإنقاذ هو ما يُطالب به أصحاب العملات الصعبة عن نية طيبة او لغايات خاصة بها، أي حكومة مستقلة عن الطقم السياسي وتأثيراته.
لبنان القوي إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً هو قيمة إيجابية مضافة للعهد وللمقاومة وحتى للطقم السياسي القديم، والانفجار الكبير خسارة للجميع، وتوزيع نسبة الخسائر تكون على من يملك فقط. فالرئيس عون سيخسر رصيده السياسي الذي راكمه منذ الثمانينات، والمعادلة الثلاثية الشعب والجيش والمقاومة ستصبح ثنائية بغياب الشعب، والأخطر اذا ما أصبحت أحادية. أما في ما خص الطبقة السياسية التي أدمنت السلطة منذ عشرات السنين، فلن يبقى لها من تَتَسلّط عليه، ويكون الرابح الوحيد هو المواطن الذي لا يملك شيئاً ليخسره.

  • شارك الخبر