hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - جاد حداد - نداء الوطن

ملحمة قياميّة لعقل العويط: "الرابع من آب 2020"

الأربعاء ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢١ - 10:40

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد 12 إصداراً شعريّاً له منذ العام 1981، سكب الشاعر والناقد والصحافي عقل العويط نزيف عشقه لبيروت المذبوحة، مقتحماً المشهد الأدبي بالقصيدة الكتاب دون مداورة ولا مواربة، في ملحمة قياميّة شعريّة مكرّسة لزمان ذلك الإنفجار الرهيب ومكانه وشعبه.
وتحت هذا العنوان، "الرابع من آب 2020" عن دار" شرق الكتاب"، الذي يصلح علامة للإعتراض على الشعر من داخل الشعر، تنبعث قصيدة عقل العويط إنفجاراً رفضيّاً موازياً لإنفجار المدينة ليعيد التوازن إلى سويّة الاحتمال الصعب.
يترك الشاعر لمن يريد أن يروي ليروي، ولمن يريد استعادة مشاهد الدمار والقتل فليفعل. أمّا هو، فقد ارتأى أن يتحوّل لغماً من أدنى نبضات عروقه إلى آخر أنفاسه.
من اللعبة التي سقطت من يد طفل، والحذاء الذي انسلخ عن القدم الساعية وانتهى بين الأنقاض، إلى الأم التي تنتظر وحيداً لن يعود وترفض وداعه، أو العمارة التي وزّعت نوافذها على الجهّات ودلقت ذكريات قاطنيها في الشوارع، ركامٌ كان اسمه بيروت يرفض عقل العويط، ابنها البارّ وأحد الساهرين على أحلامها، أن تعبر هذه اللحظة المدوّية من دون أن يرفع صوته احتجاجاً، أو من دون أن يخلع قميصه فوق ركامها الكثيف بالمعاني.
في قصيدة محتقنة، تستخرج تاريخ المدينة الحيّ من أنياب القتلة ومن بين أظفار الحقد، لتعيد ترميمه في مكان الأمل وزمانه، ولتبقيه عصيّاً على النسيان. يطارد الشاعر تفاصيل الأشياء والحياة والأمكنة في فضاء، تتصادم فيه الأحاسيس والمشاعر والذكريات والمواقف والرؤى في لحظة واحدة، ما لا يدع للقصيدة إلاّ أن تكون إنفجاراً. وهي كذلك.
كتب الشاعر: "لن ينقشعَ الضوءُ لأرى مَن هو القاتل. أستعينُ بحكايةِ الزورقِ الذي يعودُ من تلقائِهِ إلى الميناء. وبعدَ تَضرُّج الضوءِ بالدماء، أستعينُ بخبرةِ الميناءِ الذي يعرفُ الرسوَّ من دون الارتطامِ بالرصيف. أمّا أنتِ يا بيروت، فيمكنكِ أنْ تستعيني بموتِكِ مؤرَّخاً في 4 آب 2020، وممهوراً بتوقيته الدقيق، الساعة السادسة وسبع دقائق مساءً، لتعثُري على ما يبرّرُ استفاقةَ الحياة. وكما يقفُ الرائي ليرى فيرى بأيِّ حقيقةٍ تحبلُ الحقيقةُ، حين يدُ القاتلِ تمعنُ في القتلِ، ويدُ القتيلِ لا تمعنُ في توضيبِ الجريمة، تلتئمين كمنارةٍ لا تُسجَّى في ساحةِ قتال، وكمنارةٍ جريحةٍ لا تموتين".
مشهدّية جنائزيّة قياميّة تبتدع لبيروت وأهلها وللوطن كما للشاعر، استفاقة الضوء قهراً للموت وللقتلة.
العويط الذي نذر قلمه شهادة حيّة للحرّية، يحمل شهادة دكتوراه في الأدب العربي الحديث ويدرّس قصيدة النثر والصحافة في جامعة القدّيس يوسف، سبق أن تُرجِمت قصائده إلى الفرنسيّة والإنكليزيّة والإسبانيّة والإيطاليّة والألمانية ونُشرت في عدد كبير من المجلات الأدبيّة والأنطولوجيّات في العالم.

  • شارك الخبر