hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

معارك صغيرة مفيدة

الثلاثاء ١٩ تشرين الأول ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الحرب النفسية هي إحدى أنواع الحروب التي يستعملها الانسان للسيطرة على عدوه عبر التأثير على أفكاره ومشاعره وفرض عليه نمط سلوك معين، وهي تُستعمل قبل المواجهة وأثنائها وتُستخدم بعدها احياناً لإستغلال النصر أو لتغطية الهزيمة وسلاحها الكلمة والصورة. إستُعملت هذه الحرب على نطاق واسع قبل الحرب الأهلية اللبنانية وخلالها فزرع أبطالها الخوف والرعب بقلب المسيحيين على مصير وجودهم وأشعلوا الرغبة عند المسلمين بزيادة نفوذهم في السلطة وساد الموت والدمار عند الطائفتين.

إنتهت المواجهات العسكرية عام ١٩٩٠ ولم تنته معها الحرب النفسية ومارسها حكام ما بعد الحرب على اللبنانيين بإحترافية قل نظيرها لتثبيت سيطرتهم ونفوذهم، مُستخدمين إشاعات الطائفية والمناطقية، زارعين أكاذيب الخوف في قلوب اللبنانيين من بعضهم البعض، مُرسخين في أذهانهم بأنهم حُماة الطائفة وحقوقها، وأقنعوهم بأن عجلة حياتهم الاقتصادية والمعيشية لا تدور الا من خلالهم، كل هذا وهم يعيثون في مفاصل الدولة ومؤسساتها، يُراكمون ثروات نهبوها من خزينتها على حساب حياة المواطن وأبسط حقوقه الإنسانية وكانت عبارات السيطرة والتحكم تتردد على شفاههم ليلاً نهاراً "الوفاق الوطني"، "صيغة العيش المشترك"، " السلم الأهلي" وغيرها ولكن كان سلاحهم الأمضى في حربهم النفسية عبارة "الإنهيار المالي والأمني".

منذ انتفاضة ١٧ تشرين الأول وما تلاها من أحداث وتغييرات وخاصة على مستوى الوعي والإدراك لغالبية اللبنانيين للأسباب الحقيقية التي

أوصلت بلادهم الى حالتها الحالية أضِف اليها الضغوط والمطالبات الدولية بحكومة بعيدة عن السياسيين ونفوذهم جعلت الطبقة السياسية تستشعر بتزايد الخطر على سلطتها وحكمها فعمدت الى مرحلة التطبيق الفعلي والتنفيذي لعباراتها القاتلة وخاصة الكلمات الثلاث السحرية "الإنهيار المالي والأمني" مبتدئين بالوضع المالي فإستعانوا بأركان حربهم من اقتصاديين، ماليين وإعلاميين لتنفيذ خطتهم ونجحوا في ذلك ووصلت البلاد في مستوياتها الاقتصادية والمالية الى درجات متدنية لم تعرفها خلال الحرب اللبنانية وكان ضحايا هذا الإنهيار شريحة واسعة من اللبنانيين بإستثناء الطبقة السياسية ومن يدور في فلكها فقد تضخمت ثروتهم بالعملة الصعبة نظراً الى ارتفاع قيمتها مقابل الليرة اللبنانية، أما بالنسبة الى الإنهيار الثاني فقد أدركت هذه السلطة على إن تفلت الإستقرار الأمني الشامل على كامل الأراضي اللبنانية هو أمرٌ يناقض مصالحها السلطوية والمالية ويعود بها الى التقوقع في مناطقها الجغرافية الطائفية وهذا يعني تقلص لبقعة سيطرتها وإنخفاض في مردودها المالي من خزائن الدولة ولذلك عمدوا الى عدم التعامل بحزم مع الأحداث الأمنية المفتعلة والتي تندلع في مناطق متفرقة تجنباً لتكرارها بل ذهبوا الى عملية إحتوائها لكي لا تنتشر وتتوسع وبهذه المعادلة يستمر شبح الإنهيار الأمني مسلطاً فوق رؤوس اللبنانيين وتَسْهل معه إدارتهم والتحكم بهم ويبقى الاستقرار الأمني الشامل تحت السيطرة ويتم إدراجه كإنجاز من إنجازات السلطة السياسية ويكون المشهد بعد كل حدث أمني على الشكل التالي: أحزاب طائفية بقناع سياسي تسترجع نفوذها وقوتها وتخطط للحدث التالي ومآتم لشهداء القضايا ينال أهلهم بعض كلمات الرثاء وحفنة من التعويضات المادية وجرحى يتلقون دعم معنوي من خلال زيارات إطمئنان لأركان أحزابهم ووعدهم بمتابعة النضال فإطمئنوا أيها اللبنانيون لا إنهيار أمني شامل.

  • شارك الخبر