hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

مسلسل العدوان... تابع

الثلاثاء ١٨ أيار ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عرفت غالبية الدول عبر تاريخها أنواعاً عديدة من الأنظمة (ملكي، برلماني، عسكري...). فهناك مثلاً دولة بنظام سياسي ديموقراطي تتفرع منها أجهزة إدارية، أمنية وعسكرية تكون تحت سلطة المؤسسات الدستورية المدنية العليا، كرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وغيرها، ويُمكن رؤية دولة أخرى ذات نظام ديكتاتوري بكامل مؤسساتها الدستورية يحكمها عسكريون بصورة أوتوقراطية، ولكن من النادر ان ترى نظاماً سياسياً مشابهاً للذي يُدير الكيان الصهيوني، وبمعنى آخر نظام ديموقراطي بمؤسساته الكاملة وبمنظومة سياسية مدنية في الواجهة، وبالمقابل ومن وراء هذه الصورة الديموقراطية المدنية هنالك مؤسسة عسكرية بأجهزتها المتعددة تتمتع بسلطة عالية في رسم الأهداف الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والعسكرية العليا للدولة الإسرائيلية، حتى قيل في الماضي "ان إسرائيل جيش له دولة وليست دولة لها جيش"، وذلك نتيجة عدة عوامل أولها العقيدة الصهيونية التي تعتمد على القوة والقتال لتحقيق الأهداف يليها التطورات والأحداث التي طغى عليها الطابع العسكري - المدني منذ ما قبل ولادة إسرائيل وحتى اليوم، والعامل الأهم لطغيان النفوذ العسكري على السلطة السياسية الإسرائيلية هي استغلال الضباط الكبار في الجيش لهذه المعطيات عبر إبقاء الحالة العامة في البلاد والمنطقة بوضع اللاإستقرار الدائم وإفشال الحلول النهائية للقضية الفلسطينية.
تُعتبر المنطقة الرمادية التي يعيشها الكيان الصهيوني، خاصة بعد إتفاقية السلام مع مصر عام ١٩٧٨، بمثابة الحالة المثالية لزيادة السيطرة والسلطة للمنظومة العسكرية الإسرائيلية، والمناخ الملائم للإستثمار عبر خلق حالة من لا حرب شاملة ولا سلام نهائياً، فالحرب الشاملة حتى لو إنتهت بالإنتصار ستُضعف من أهمية الجيش والحاجة اليه، وأيضاً تأثيره على السلطة السياسية، وهذه المعادلة يُمكن إسقاطها على حالة السلام الدائم المبني على إقامة دولتين، وقد سعت السلطة السياسية ومن خلفها البصمات القوية للمنظومة العسكرية إلى جعل هذا الجو من اللاإستقرار السياسي والعسكري مساراً واقعياً وعملياً تتعامل من خلاله مع أعدائها، وخاصة الفلسطينيين في الضفة الغربية لفلسطين وقطاع غزة.
ومن العوامل التي ساعدت على إمكانية تبني سياسة اللاحلول النهائية، هو زوال الخطر الوجودي لإسرائيل بعد توقيعها اتفاقية سلام مع كل من مصر ١٩٧٨ والأردن ١٩٩٤، والإنقسام الفلسطيني، والأوضاع الداخلية لسوريا، وعمليات التطبيع مع بعض الدول العربية.
هذا هو الإطار العام للاستراتيجية العليا للكيان الصهيوني، ومن ضمن هذا الإطار تتحرك السلطة الإسرائيلية وتستغل كافة التطورات والاحداث السياسية والعسكرية - الأمنية التي تجري داخلها أو في محيطها الخارجي الإقليمي والدولي تحقيقاً لأهداف هذه الاستراتيجية، ومن هذا المفهوم اعطت المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وايران حول الملف النووي، وعدم استعداد إيران مع حلفائها للدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل منعاً لعرقلة هذه المفاوضات، والأزمة السياسية الداخلية لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في عدم قدرته على تأليف حكومة للمرة الرابعة، كذريعة مثالية لتعزيز الأهداف العليا. أي خلق حالة من الإضطراب واللاإستقرار.
من هنا جاءت شرارة إقتحام المسجد الأقصى والعدوان على غزة وشعبها، والذي لن يُغير شيئاً في الستاتيكو القائم منذ سنوات وسيتكرر السيناريو نفسه: قصف متبادل، سقوط ضحايا، تدمير ممتلكات، إستنكارات إعلامية ومن بعدها تدخُّل أطراف إقليمية ودولية على خط التهدئة ووقف إطلاق النار، لتستعيد من بعدها الحياة طبيعتها في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، بإنتظار جولة جديدة من التطورات السياسية والمواجهات العسكرية. والبرهان على هذا المسار الرمادي يُمكن ان يؤكده مجرى ونوعية الاحداث التي شهدتها أرض فلسطين منذ نهاية السبعينات وحتى أيامنا الحاضرة، والتطور الوحيد التي يُمكن أن يُغير بهذه المعادلة أو يعَّدل بها هو أن تقوم الدول العربية التي وقَّعت إتفاقيات سلام مع إسرائيل وتلك التي طبَّعت علاقاتها معها، بالإعلان عن تجميد هذه المعاهدات بسبب عقم المساندة الإعلامية وإستحالة تقديم الدعم العسكري للمقاومة الفلسطينية.

  • شارك الخبر