hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشابة

ما بين تركيا والسعودية: توقيت المصالح المشتركة

السبت ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 00:05

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بدأت العلاقات الحديثة بين الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية بتاريخ 3 آب 1929، إذ اعترفت تركيا بالمملكة العربية السعودية، وبنفس التاريخ تم توقيع اتفاقية سلام وصداقة مشتركة بين الطرفين. ولكن على الرغم من هذه الاتفاقية المُشتركة، وعلى الرغم من انضمامهما المشترك للقطب الغربي إبان الحرب العالمية الأولى، لم تكن العلاقة تتسم بالحميمة بين الطرفين طوال الوقت، فكانت تنمو مع المصالح المشتركة وتنحدر مع إضطراب القواسم.
مسار العلاقات بين البلدين
اتسمت العلاقة بالبرودة حتى الثمانينات من القرن الماضي، حيث كانت هناك حرب بين العراق وإيران، وواجهت الدول المُصدرة والمستوردة للنفط مشاكل عديدة في قضية تمديد أنابيب توصيل نفط جديدة كبديلة لتلك الأنابيب الممتدة من العراق، ولأن المملكة العربية السعودية، أكبر الدول المُصدرة للنفط، والجمهورية التركية، الدولة المستوردة للنفط من السعودية عبر العراق، كانتا أكثر الدول المتضررة من تلك الأزمة، فاضطرتا إلى الالتقاء المباشر على مستوى رفيع.
انتعشت العلاقات السعودية التركية بعد زيارات متبادلة، وبعد احتلال العراق للكويت في بداية التسعينيات حيث دعم الرئيس التركي تورجوت أوزال الموقف السعودي المعارض، فتم إبرام اتفاقيات تعاون سياسي واقتصادي وثقافي، بعد هذه الاتفاقيات انتقلت الكثير من شركات البناء التركية إلى السوق السعودية، الأمر الذي عاد بالعملة الصعبة الوفيرة على تركيا ومواطنيهان وبدأت حالة ازدهار اقتصادي ملحوظة، في تركيا، على الصعيدين الحكومي والفردي.
التغير المستمر للحكومات التركية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، جعلا السياسة التركية غامضة وغير قادرة على الاستمرار بشكل مستقر، ليس مع المملكة العربية السعودية بل مع جميع الدول حول العالم، واستمرت حالة الجمود إلى عام 2003.
مع احتلال العراق عام 2003 وماخلفه من تغيرات دفعت المملكة العربية السعودية إلى ان تبادر لإعادة قطار العلاقات السعودية التركية إلى طريقه الصحيح والفعال من جديد، وتُرجمت رغبة المملكة العربية السعودية في إعادة النشاط والحيوية للعلاقات المشتركة بينها وبين الجمهورية التركية، مما ادى الى ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين الى نحو ثمانية مليارات دولارات سنويا.
نقاط الاختلاف الحديثة
في 5 حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، مبررين ذلك بتدخلها في شؤونها الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث أن أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.
برغم ان هذه السنة كانت سنة استثمار سعودي كبير في تركيا، إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. في حين انهارت الهدنة التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين و الملف الكردي.
ادى ذلك الى انفتاح تركي نحو دول الجوار وخاصة ايران و روسيا، ما نتج عنه مزيدٌ من التوتر بين البلدين، ومزيد من الحروب غير المباشرة في مناطق مختلفة في سوريا، والعراق، واليمن وليبيا.
نقاط الالتقاء الحديثة
عززت "الثورة السورية" سابقاً التقارب بين الرياض وأنقرة، لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا. إضافة الى التنسيق العسكري و السياسي في العراق ودعم تركيا بداية ل "عاصفة الحزم"، و لكن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.
لكن مع فوز جو بايدن في الانتخابات الاميركية، ثمة تحول في هذا الخلاف بين الطرفين وخصوصا في ظل الهاجس السعودي من تصريحات الرئيس المنتخب تجاه حرب اليمن وغيرها من الامور، مما ادى الى بداية الالتقاء ثانية بسبب تراكم المصالح المشتركة، مما ادى الى تجدد قنوات تواصل بين الطرفين منها تعزية السعودية تركيا بضحايا زلزال ازمير، ارسال مساعدات سعودية الى تركيا تحت عنوان مساعدات للاشقاء في تركيا، اتصال الرئيس التركي بملك البحرين حيث تحدثا عن مسار تطوير العلاقات، الملك سلمان اتصل باردوغان للتنسيق بشأن قمة العشرين ومناقشة العلاقات الثناية، تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في 22 نوفمبر 2020، إن المملكة "لديها علاقات طيبة ورائعة" مع تركيا.
من الناحية السعودية فهي تريد حليفاً اقليمياً قوياً يخفف من وطأة الضغوط عليها و خاصة في اليمن، اضافة الى تعزيز التنسيق العسكري والتخفيف من هاجس الاخوان المسلمين، حيث تركيا الداعم الاكبر لهم، وهذا هدف استباقي قبل تسلم بايدن الحكم وممارسة سياسة التضييق عليها، وتذليل قضية الخاشقجي وممارسة الضغط على الحكم في المملكة، اضافة الى تخفيف وطأة الحرب الاعلامية التي تؤثر على الطرفين.
اما من الناحية التركية، العمل على تخفيف الحرب الاقتصادية وانهيار الليرة التركية، فحسب صحيفة "جمهوريت" التركية بلغ الرقم السنوي للمشاريع الجديدة التي نفذها المقاولون الأتراك في المملكة العربية السعودية في عامي 2017 و2018، 2.1 مليار دولار وتراجعت تلك الأرقام إلى 559 مليون دولار في عام 2019، وخلال التسعة أشهر الأولى من هذا العام انخفض إلى 21 مليون دولار.
في المقابل يعمل اردوغان على تحصين نفسه بالملف الكردي، حيث ستكون له اولوية بالمرحلة المقبلة، وخاصة ان بايدن داعمٌ لإنشاء دولة كردية مستقلة بالعراق، فمن خلال تعزيز التواصل مع المملكة ممكن تخفيف الدعم لهذه القضية ورفع الغطاء العربي عن هذا الملف.
"في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم، هناك مصالح دائمة"، كما يقول ونستون تشرشل.

  • شارك الخبر