hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور شادي نهرا

لماذا صفعت أميركا فرنسا في أستراليا وسويسرا وغازلتها في العراق واليونان؟

الجمعة ١ تشرين الأول ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قبل يوم واحد من احتفال فرنسا وأمريكا بالذكرى 240 بالانتصار في معركة خليج تشيزبيك Chesapeake Bay، حيث ساعدت فرنسا أمريكا في الحصول على الاستقلال من الاستعمار البريطاني، حيث استمرت حرب الثورة الكبرى الأمريكية من 1775 إلى 1783 ، أعلنت أمريكا أنها دخلت في تحالف جديد اسمه AUKUS يضم بريطانيا ، أستراليا وأمريكا، كما أعلنت عن عزمها تسليح أستراليا بغواصات نووية و بالتالي فسخ الاتفاق الذي وقعته أستراليا مع فرنسا في 2016 والذي بموجبه تقوم فرنسا ببيع 12 غواصة تعمل على ال diesel لأستراليا، وتقدر قيمة العقد الفرنسي الأسترالي والذي سُمِّيَ بصفقة القرن بحوالي 91 مليار دولار .

يقوم الاتفاق الأمريكي على نقل تكنولوجيا التصنيع لأستراليا! والتي تعد ثاني دولة في العالم بعد بريطانيا منذ 1958 صدّرت لها أمريكا تكنولوجيا حسّاسة، بالرغم من أن أستراليا هي من أبرز الدول التي وقّعت على الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، ما دفع روسيا للاعتراض بقوة على هذا الاتفاق والذي يبدو جليّاً أنه موجّه لتطويق الصين، بما أن الحرب القادمة ضد الصين هي حرب غواصات استنادا إلى جغرافيّة الدول المتناحرة التي تحيط بالصين...

هذا النوع من الغواصات النووية تمتلكه ست دول فقط: أمريكا، بريطانيا، الصين، روسيا، فرنسا والهند، وتتميّز هذه الغواصات النووية عن الغواصات التي تعمل على ال diesel بأنّ لديها مفاعل نووي صغير قادر على مدّها بالطاقة لشهور طويلة، دون الحاجة إلى تزويدها بالوقود من خلال سفن بحرية وبالتالي كشف مواقعها، كما أنها تتميّز بسرعة التنقّل والتخفّي والمناورة والذهاب إلى مسافات بعيدة وبالتالي يصعب تعقّبها ...

أما الصفعة الثانية التي وجّهتها أمريكا لفرنسا فهي مع جارتها سويسرا، حيث ألغت سويسرا صفقة من 30 إلى 40 طائرة رافال والتي تقدر ب-5 مليار يورو بعد أن فرضت أمريكا على سويسرا شراء طائرات F35 وصواريخ باتريوت الأمريكية... وتلتها صفعة ثالثة من بريطانيا حين ألغت الحكومة البريطانية صفقة لشراء 100 مليون جرعة لقاح كوفيد 19 من شركة فالنيفا الفرنسية.

إلا أن فرنسا وقّعت اتفاقية طاقة مع العراق بعد زيارة الرئيس ماكرون بقيمة 27 مليار دولار!!! في مجال الغاز والطاقة الكهربائية.

كما وقّعت فرنسا مع اليونان اتفاقية لشراء ثلاث أو أربع فرقاطات فرنسية بقيمة 3 مليار دولار في إطار شراكة إستراتيجية بين البلدين للدفاع عن مصالحهم المشتركة في البحر المتوسط... من المؤكد أن أميركا كانت قادرة بسهولة على افشال الاتفاقيات مع العراق واليونان لو ارادت ذلك كما فعلت في الاتفاقيات مع أستراليا وسويسرا وبريطانيا، فلماذا غازلتها في العراق واليونان؟

طرد فرنسا من المحيط الهادئ والهندي وسجنها في الشرق الأوسط وأفريقيا كما أشرنا في كتاب" أمريكا وروسيا القطب الواحد، إبداع في صناعة الأعداء والأصدقاء" والذي تم نشره منذ سنتين، أن أمريكا سوف تعمد إلى تقسيم الحرب العالمية ,والتي سيشعلها احتلال الصين لتايوان, على ساحتين منفصلتين: ساحة الشرق الأوسط وساحة الشرق الأقصى...

ففي ساحة الشرق الأوسط سوف تزجّ أمريكا فيها كل من ينافسها في حربها مع الصين، وقد فصّلنا في الكتاب أن الهدف من تصنيع داعش وأفلامه الهوليوديّة ومن مشروع غاز NABAKO الذي يهدّد الغاز الروسي نحو أوروبا وتسليم الحكم للإخوان المسلمين، كان فقط إرعاب روسيا لجرّها إلى الشرق الأوسط وعقد قرانها عليه وتسلّم مسؤوليّاته والتنعّم بخيراته ، في المقابل سوف تقوم أمريكا بالانسحاب الناعم من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى لمحاصرة الصين هي واصدقاؤها وأبرزهم QUAD Group : الهند ، أستراليا اليابان وأمريكا أضف اليهم أكثر من 20 دولة شاركوا في مناورات بحرية مع أمريكا ك ماليزيا أندونيسيا الفلبين فيتنام ...

وهكذا تكون أمريكا قد فصلت روسيا، العملاق العسكري، عن العملاق الاقتصادي الصين، لأن في اتّحادِهم قوّة، تعجز أمريكا وحلفاؤها عن الفوز عليهم.

فإذا حاولت روسيا مساعدة الصين عسكرياً، سوف ينفجر في وجهها الشرق الأوسط الموحّد سنيّاً وشيعيّاً، الإسلام السياسي السنّي تتزعمه تركيا اردوغان والإسلام السياسي الشيعي تتزعمّه إيران، وستنفجر في وجهها داعش وأنابيب الغاز الروسية المتوجهة لأوروبا خاصةً التي تمر عبر تركيا... الكل إلى الحرب: الدول المحايدة أخطر على أمريكا من الصين

أما بالنسبة لأوروبا ،باستثناء بريطانيا، فهي لن تكون إلى جانب أمريكا ضد الصين انّما سوف تلتزم الحياد ... وبما أن الأمثلة كثيرة على أن الدول التي وقفت على الحياد هي التي تستلم قيادة العالم بعد الحروب الطاحنة بين العمالقة، نذكر منها الحرب بين أثينا وسبارتا في اليونان القديمة من حوالي 2400 سنة و التي أرّخها المؤرخ اليوناني القديم يوسيدسس ،حيث كانت سبارتا هي القوة القائمة و لم تكن تشعر بالقلق من أثينا القوة الناشئة، لكن لاحقاً مع ازدياد أثينا قوة ونفوذاً جعل سبارتا تشعر بالخطر ومهّد ذلك إلى حرب طويلة بين المدينتين انتهت نظرياً بانتصار سبارتا لكن عمليّاً أتت الحرب على قوّة المدينتين ومهّد ذلك بأن يفوز الفرس على سبارتا لاحقاً بسهولة ... والمثال الأبرز هو تسلّم أمريكا قيادة العالم على طبق من فضة لعدم اشتراكها في الحرب العالمية الثانية حيث خرج منها العمالقة منهكين.

فمن المسلّمات إن أمريكا لن تدع أوروبا تستمتع بمشاهدة الحرب فقط، وسوف تزجّ بها في أتون الشرق الأوسط تحت العنوان الأيديولوجي الذي يُستخدَم لإقناع الشعوب في الانخراط في الحروب وهو، حماية الأقليّات المسيحيّة والتراث المسيحي في وجه اردوغان والذي سيسعى إلى التحكم في الإسلام السياسي في أوروبا لاستفزازها وجرّها إلى الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز، وقد شهدنا سابقاً على بروفا من الاستفزازات المتبادلة بين اردوغان وماكرون ... وأما العنوان الجيوبوليتيكي الذي يشكّل العامل الأساسي لإقناع الحكومات والشركات للانخراط وتمويل الحروب والذي سوف يجر أوروبا على رأسها فرنسا، فهو النفط والغاز في هذه المنطقة والاتفاقيات الاقتصادية وخاصة الصراع التركي اليوناني على غاز شرق المتوسط ...

لذلك تعمّدت أمريكا طرد فرنسا من المحيط الهادئ والهندي من خلال افشال صفقة الغواصات مع أستراليا، ومن أوروبا من خلال افشال صفقة طائرات الرافال مع سويسرا، بالمقابل سمحت لها، لا بل ساعدتها في الحصول على عقود واتفاقيّات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا...

  • شارك الخبر