hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشّابة

لبنان والدور الاستراتيجي لموسكو

الثلاثاء ٢٣ آذار ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تعود العلاقات الروسية - اللبنانية بجذورها إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث إفتُتِحَتْ أول قنصلية روسية في بيروت عام 1839، بينما كانت البداية الحقيقية للنشاط الدبلوماسي بين الجانبين في نهاية 1943، حين اعترف الاتحاد السوفياتي باستقلال لبنان. وبذل جهوداً حثيثة من أجل انسحاب القوات الإنكليزية - الفرنسية من بلاد الارز. كما استخدم الاتحاد السوفياتي في عام 1946 لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة حق النقض دفاعاً عن استقلال لبنان واستقلال سوريا.

تشهد العلاقات الروسية - اللبنانية تقارباً متصاعداً منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا. فلم تتجاهل العين الروسية سواحل لبنان، التي تمثل امتداداً طبيعياً للساحل السوري، حيث حقول الغاز المكتشفة في المياه الإقليمية للبلدين.

روسيا والمنطقة

لدى روسيا ثلاثة اهداف رئيسية في منطقة الشرق الأوسط: جذب أكبر عدد ممكن من الدول من مجال النفوذ الغربي إلى مجال نفوذها، وتحقيق موقع متميز، وتضخيم حجم توريدها للأسلحة، اضافة الى ملف الطاقة. كلٌّ من هذه الاهداف تشمل لبنان.

يسعى الرئيس الروسي بوتين إلى ربط الدول الحليفة لموسكو من خلال تقديم المساعدة العسكرية والدعم الإقتصادي. الشيء الجيد بالنسبة إلى الروس هو أن يُصبح الصديق الصغير معتمداً على موسكو.

يسعى بوتين أيضاً إلى تعزيز مصالح الشركات الروسية الكبرى وزيادة أرباحها عبر حلفاء الكرملين الأجانب. لذا، يجب أن يكون كل حليف صغير سليماً من الناحية المالية. كلا النهجين يساعدان موسكو على ملء المساحات المُهمَلة من قبل واشنطن.

التعاون

التعاون الروسي - اللبناني كان مقتصراً على تبادلات تجارية محدودة بعد انتهاء نجم الاتحاد السوفياتي، الذي اكتفى في تلك الحقبة بتقديم منح تعليمية لطلاب من أحزاب يسارية لبنانية.

وفي الآونة الاخيرة هناك نمو في التبادل التجاري بين البلدين ولكنه بطيء الى حد ما. فارتفع التبادل 17.5 بالمئة ولكن لم يتخطى المليار بين البلدين. في المقلب الآخر، هناك اهتمام روسي بمجالات اكبر كالطاقة وإعادة اعمار سوريا من خلال المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس.

فتعزيز العلاقات اللبنانية الروسية يُشكّلُ حالياً النتيجة الطبيعية للدور الروسي المحوري في المشرق، الذي يُركّز خطواته على الاستقرار ومواجهة الإرهاب والاستفادة من ملف الغاز في شرق المتوسط.

الاسباب الاستراتيجية

هناك اهداف استراتيجية مختلفة للإهتمام الروسي بالملف اللبناني، أوّلها تفعيل دور موسكو في منطقة الشرق المتوسط ومواجهة "المحور الغازي" القوي بين مصر وإسرائيل وقبرص واليونان، والذي قد يُسهم في التأثير على مبيعات الغاز الروسي لأوروبا، في حال مد أنبوب شرق المتوسط إلى إيطاليا.

الاقتصاد السوري الذي يتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بالاقتصاد اللبناني، ويأمل الروس ان يتمكنوا من الحد من الانهيار الحاصل بما يساعد الاقتصاد السوري، ومما يعني تعزيز دورهم بشكل اقوى وخصوصاً ان هناك امتناعاً اماراتياً، تركياً وقطرياً عن الإستثمار في ظل قانون قيصر الاميركي.

لبنان ممكن ان يستفيد من روسيا بملفات مختلفة، اولها ملف النازحين السوريين، حيث ان هناك اهتماماً روسياً بهذا الملف بما يساعد على اعطاء مزيد من الشرعية للرئيس الحالي بشار الاسد، ولبنان بحاجة الى هكذا تسوية تساعده في تخفيف الضغط الاقتصادي والاجتماعي.

اضافة الى ذلك ممكن ان تساعد روسيا في حلحلة بعض العقد السياسية الاقليمية وإدراج الملف اللبناني في منصات مختلفة اقليمية ودولية، حيث هذا الجمود السياسي قاتل للبنان وفي الوقت عينه ممكن اجراء تسوية ربط نزاع تساعد لبنان على الخروج من الصراعات الاقليمية الى حدٍّ ما.

روسيا تعتبر ان لبنان خاصرة لسوريا، وتعتبر لبنان جزءاً من أمنها الاستراتيجي، فهي نجحت في الاستثمار في منشآت النفط في طرابلس وتبدي اهمية في مجالات اخرى، ولكنها تنتظر الظرف المناسب الاقليمي والدولي لكي تبادر بشكل اقوى.

المرحلة المقبلة

يحاول الروسي في ظل الانكفاء الاميركي داخلياً وتفويض بعض المهام للحلفاء، ان يستغل هذه الفترة في إيجاد ادوار مختلفة في منطقة الشرق الاوسط، منطلقا من هذا الانكفاء واستعمال بعض اوراق القوة التي يمتلكها، خصوصا في الملفين السوري والايراني.

تعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بمثابة رحلة لملمة الاوراق اقليمياً، وأبرزها الملف اليمني، حيث يحاول الروس إيجاد مساحات مشتركة بين المتصارعين ليلعبوا دوراً اكبر وليستفيدوا من تعزيز دورهم العسكري والاقتصادي.

وفي المقلب الآخر دعوة حزب الله الى موسكو لمناقشة ملفات مختلفة، تأتي من ضمن السلة التي ناقشت بها روسيا دول الخليج العربي، منها دوره في سوريا وفي الواقع اللبناني، حيث تحاول روسيا حلحلة بعض العقد بما يصبُّ في مصلحتها خلال المرحلة الحالية للحد من الانهيار الحاصل في البلدين. ومن ضمن هذا السياق اتى الاجتماع الروسي بالرئيس المكلف سعد الحريري في الامارات العربية المتحدة.

خلال الفترة المقبلة سنشهد مزيداً من الحراك السياسي الروسي الذي قد يلعب دوراً في الحد من الإنهيار المالي والاقتصادي، او على الاقل ضبط الانهيار، لتمرير الوقت بفترة اقل قساوة حتى حصول التسوية الشاملة مستقبلاً.

  • شارك الخبر