hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - فيوليت غزال البلعة

لبنان الجديد... بلا اللبنانيين!

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠٢٠ - 10:46

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"حزب الله" عاتب على أميركا. فهي تتدخل في ما لا يعنيها داخليا وتفصيليا. إعترض في عريضة مسميّا "التجاوزات" التي خرقت بها السفيرة دوروثي شيا كل الأصول والأعراف الديبلوماسية، وطالب وزارة الخارجية بإستدعاء السفيرة لتأنيب غير مسبوق ينهيها عن أفعال صبغت تحركها منذ وطأت قدماها أرض السفارة في عوكر.

الولايات المتحدة عاتبة على "حزب الله" أيضا، فهو يتدخل في ما لا يعنيه، داخل لبنان وخارجه الإقليمي والدولي. لم تتوانَ الخارجية الأميركية عن إبداء قلقها من تجاهله للقرار الدولي رقم 1701، ودعت للاعتراف بـ"أن قوات اليونيفيل لن تكون هي الحل الأمثل لنشاطات "حزب الله" المسلحة والمزعزعة للاستقرار في جنوب لبنان".

هي مواجهة بالمباشر ما بين الحزب وواشنطن، ينسحب عليها التوتر الذي ما زال يتحكم بالعلاقة ما بين واشنطن وطهران منذ فكّ إرتباط "الاتفاق النووي" وتداعياته التي أنتجت سلاسل من العقوبات المالية والإقتصادية، تدرّجت تطوّرا لتقطع كل سلاسل التوريد المالي، ليختم "قانون قيصر" -أقله حتى اليوم- آخر حلقات الحرب الأميركية على الإرهاب الممتد من منطقة الشرق الأوسط "الإيرانية الملامح" إلى كافة أنحاء العالم، بما فيه أميركا نفسها.

سخونة ترتفع وترشح الوضع اللبناني المأزوم أساسا، إلى مزيد من التأزم، بما يجعله خاويا من أي عوامل الإطمئنان الإقتصادي والمالي والإجتماعي. فالقلق يعتّم الأفق آمال المقيمين والمغتربين، فيما رؤوس الأموال باتت تبحث عن مكامن إستثمارية آمنة ومجدية، بينما يعكف المجتمع الدولي على إطلاق هواجسه تباعا من باريس حتى واشنطن في محاولات تبدو يائسة لإنعاش أخير قبل إعلان السقوط الكبير.

تخطئ حكومة حسان دياب إن إعتبرت نفسها قناة الإنقاذ الوحيدة. ففي فترة زمنية قصيرة (4 أشهر) نجحت في إعلان عجزها شكلا ومضمونا عن القيام بهذه المهمة. حكومة إختصاصيين فرضها حزب الأمر الواقع، وفرض عليها مسيرة أداء ممنوع عليها ان تزيح عنه "قيد أنملة". في المحصلة، جعلت لبنان بلدا مضطربا على كل المستويات، ورفعت مشاعر قلق اللبنانيين الذين يرغبون بشدة في هجرة لا تزال أبوابها ضيقة ومسدودة بفعل "غصة" الفاتيكان وبكركي لإخلاء مسيحي، فيما فعلت تداعيات "كورونا" ما عجزت عنه مسببات أي أنواع من الركود الاقتصادي.

ليس في لبنان ما يثير الإطمئنان. فلا الودّ يحكم علاقات الطبقة السياسية التي تقسّمت ليتفرّع منها جبهات وطنية معارضة لممارسات جائرة، لتنضمّ الى فعلته ثورة 17 تشرين من فعل لم ينجح في حفر الصخر بـ"نقطة المي".. ومن اللاستقرار السياسي تتوزّع الإرتدادات لتهزّ الكيان اللبناني برمته بسبب فقدان بوصلة الثقة، مفتاح الحل. فلا الدولار قادر على الإنخفاض "إراديا" إلى مستواه الطبيعي، ولا السوق السوداء إرتاحت من نشاط المضاربين وتجار الشنطة، فيما منصة مصرف لبنان تتطلع إلى تثبيت موقعها في التداول اليومي لتسترّد ما سلبه الدولار من قوة الليرة الشرائية. لكن كل ذلك يحتاج إلى عامل ثقة يأتي من خارج القطاع المالي، وتحديدا من رأس الهرم، أي من السلطة الحاكمة التي لا تتحكم بعلاقاتها المحكومة بـ"شعرة معاوية" المعرّضة بإنقطاع التواصل بين أعضائها.

ليس في لبنان ما يثير الإطمئنان. فالغلاء لا يزال متفشيا رغم سلة الـ300 سلعة المدعومة "عشوائيا" من إحتياطي مصرف لبنان المُستنزف حتى القرش الأخير. والسبب ليس في "طمع" بعض التجار والمستوردين فحسب، بل لأن سياسة الدعم طالت علامات تجارية كان يمكن إخراجها من سلة غذاء، باتت بعيدة المنال عن ذوي الدخل المحدود الذين وسّعت الأزمة، دائرة أعضائها، طاردة الطبقة الوسطى من مكونات مجتمع تحوّل إلى طبقة أثرياء فوق العادة وفقراء دون سقوف..

لا حاجة لتكرار عرض واقع الكهرباء المقنّنة الذي كهرب مناخ الحياة اليومية، متطاولا أيضا على ما بقي حيّا من مناخ الأعمال والإستثمار والسياحة. ولا حاجة لتكرار معزوفة النفايات المفروشة في شوارع بيروت، العاصمة التي خلبت قلوب الملايين وأسرت السياح، لخلاف على "تقريش" الدولار لعمال النظافة الأجانب. ولا حاجة لتكرار كل مفاصل المعاناة المستجدة على صناعيي لبنان ومزارعيه وطلابه وموظفيه...

المهم، أن إيران عرضت رسميا مبادلة كل تلك الخدمات بالليرة اللبنانية! في الشكل، يبدو الخبر مفرحا لأنه يقدّر قيمة العملة الوطنية بأكثر مما تقدّره حكومته في الداخل.. أي بمعنى تحوّلها عملة عالمية قابلة للتداول! لكن في المضمون، فالعاطفة المغلفة بنوايا كثيرة، لا تجدي في عالم "البيزنس"... وهذا واقع يفترض الإقرار به سواء أكانت الحكومة تثمّن الخطوة الإيرانية أو تخشى أن يوقعها هذا التعاون الطارئ في مزيد من غيض العقوبات الأميركية المفروضة على إيران و"حزب الله".

هل تدرك حكومة حسان دياب ما يجري من تغيير ديموغرافي آتٍ حتما حالما ترفع "كورونا" قيودها عن الحدود المغلقة؟
لا يخفي اللبنانيون رغبتهم في مغادرة البلاد. والرغبة لا تقتصر على المسيحيين وحدهم، بل تطال شباب وعائلات كل الطوائف التي تناضل لتعتاش وتستمر وتبقى، ولكن ليس بـ"الجهاد الزراعي" الذي تكشف أنه "مسكّن" جديد لا يؤمن مستقبلا ضمن الطموحات. الهجرة إلى أين؟ ليس مهما، فالقرار ليس خيارا. لكن البحث جار على مواقع التوظيف وفرص الأمان المفتوحة عبر وسائل التواصل. والأمر سيتحوّل حقيقة ما إن تتلاقى الطلبات مع الرغبات. وهذا يعني إفراغ جديد لمجتمع صغير من فئة "المنتجين" الذين لطالما تغنّى لبنان بأنهم ثروته البشرية التي دأب على تصديرها الى دول العالم.

إن لم تستلحق حكومة حسان دياب تداعيات الوضع الثقيل، وتعيد انتظام مفاوضاتها مع صندوق النقد على قواعد وأسس مقبولة، أقله بتوحيد أرقام الخسائر وآليات المعالجة الإنقاذية، فستجد نفسها في لبنان جديد.. بلا لبنانيين!

  • شارك الخبر