hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

قوتان تفترسان شعب لبنان

الإثنين ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢١ - 00:19

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ينسحب التفكير البشري نحو مستقبل العالم المقبل في الوقت الذي يفكّر فيه اللبناني في ما حوله، لكنّ قلقاً كبيراً ينتابنا جميعاً مع الكورونا الجرثومة المتجدّدة المُخيفة بتناسلها الذي جعل البشرية والحكومات وطرائق الحكم والعلاقات الدولية قصيرة النظر تهتزّ مجدداً لحلم الخروج النهائي ممّا رمتنا الكوفيد 2019. أنّ تضع البرامج والمخططات لنفسك أو لغيرك أو لوطنك بهدف رؤية المستقبل سليماً بات نوعاً من المجازفات الخطيرة التي تجعلنا نرى رجال السلطات وكأنهم مُصانون في زواياهم يُمارسون ألعاباً بهلوانية فوق حبال مرفوعة في الفراغ.
يتجدّد الخوف من الكوفيد 18؟
نعم بعدما خطف قوافل بشرية من الحياة، وكمّم سلوكنا البدائي وعلاقاتنا الطبيعية الفردية والدولية، وشلّ حركاتنا وعقولنا واقتصادنا. أمسِ، كانت مفاتيح الأحاديث العفوية بين الناس مرتكزات شائعة متنوّعة من بلدٍ لآخر بين الغرب والشرق: بدلاً من المحادثات العفوية في لبنان مثلاً حول قضايا السياسات المحليّة والعربية والإنتخابات والإنشقاقات وضياع السياسيين على مستقبلهم والخوف من نشوب القتال مجدداً تتقدم أحاديث الخوف المتجددة من الكورونا الذي يسحب بدوره ألسنة الغربيين وهمومهم ومحادثاتهم المعروفة بأحوال الطقس وتبادل الآراء في تلبد الغيوم الداكنة والعواصف وانتظار الشمس في غرب متحرك مكمّم بدوره صامتاً في القطارات ومحطّات المترو. إنّه العجز!
ثقيل هذا العالم بمسؤوليه وحكامه المتفرجين على المغادرين بالكورونا أو المنقادين بسرعة نحو طواريء المستشفيات وكأنها القبور في لبنان وغيره . لم ولن يبق شيء على حاله هو الشعار الذي يمكنني رفعه فوق رأس العالم، في زمنٍ ضمرت فيه بهجات العولمة وحمّى صرف الأعمار وقتل الوقت في ثقوب التويتر والواتس أب والفيسبوك وغيرها من أبواب ال؟؟؟.
يقتضي التفكير في العالم الآتي انتظار القدرة العلمية على تحديد تاريخ النصر على جرثومة تسوقنا رهائن لكنّها ربّما تترك فضائل كثيرة لن أفكّر فيها وأهمّها: الخشوع والتواضع والعودة إلى تحقير الذات المتشاوفة المتكبّرة والمتعجرفة خصوصاً الأمر الذي لم أتمكّن من رصده على وجوه حفنة من السياسيين في بلدٍ بائس مثل لبنان.
خلال انعكاسات ملامحهم وسحناتهم وخطبهم الكلامية شبه الفارغة من مضامينها والتي لا توحي بالثقة أو بأي جديد في لبنان، وربّما في العديد من الدول والحكومات العربية والإقليمية الأخرى المكابرة على التحديّات إلى حدود الجنون العاصف الدرامي، يموت أو يختفي كل تواضع انساني. أمسِ، كان نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية في غلاسكو مشاركاً زعماء العالم ورفيقاً لهم في همّ دولي كبير وتعاضد علمي وخواف أكيد على علاقة بتغيّر المناخ بعد فيضانات الأنهر الضخمة التي عرفتها أوروبا في 14 تمّوز من العام الماضي.
كانوا متباعدين مكمّمين لكنهم متقاربون في أدراك المخاطر والتفكير بحلها على الأقلّ . شاهدنا جميعاً في الشاشات أو عبر الصحف كيف دار نجيب ميقاتي والتقى معظم هؤلاء الزعماء متوخياً منح اللبنانيين نافذة دولية تُسكّن بؤسهم وتسمح بتلاقي أعضاء حكومتهم حول طاولة. كان الرجل وكنّا مسكونين بهموم الكورونا وتغير المناخ وبالطغيان والعناد السياسيين المتحكّمين بشفاه اللبنانيين المكمّمة، بانتظار فكّ أسر حكومته بما يجعل اللبنانيين يتنفسون مثل الكائنات الأخرى بعدما باتت دولتهم وأحواهم المبعثرة في الأرض وكأنّها الدولة التي تأكل لحوم شعبها.
أجازف بالقول أننا نصادف فصيلتين من الحكّام لا الدول: نباتيون ما تخلوّا عن معاطفهم البشرية، مقابل حكّام هم من فصيلة آكلة لحوم شعوبهم . يقع اللبنانيون، على الأرجح، بين أسنان النوع الثاني، بعدما منحت قوة الكوفيد 19 وخوف الناس ورعبهم تضخيماً لبطش حكّامهم فبانوا من حديد أو فولاذ قابعون لا يتحركون من معازلهم وقصورهم ينعمون بكهربائهم وغذائهم المستورد بطائراتهم يرفعون أعلامهم الخاصة بأحزابهم وجيوشهم الطائفية ولهم سفرائهم وقناصلهم ومصارفهم ومدارسهم وجامعاتهم وأذاعاتهم وتلفزيوناتهم ووزاراتهم ونوابهم واداراتهم وإدارييهم وكأنّ هؤلاء كلّهم أقزام ترعى في حقولهم وتحرسهم وتضاعف مشاعرهم السادية التي حفلت بها كتب الأنظمة الدكتاتوية. هؤلاء هم في الواقع، حكام المظلات “الديمقراطية” وقد تشلّع قماشها. أليسوا هم وغيرهم من فصيلةٍ برع فيها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إذ كان يطوي القانون الدولي أو يفتحه وكأنه كرسي يرتاح اليها فوق شاطيءٍ أو في جنينته الخاصة، سواء في أدارته للكورونا عبر شلّ مجلس الأمن ومنظمة الصحة العالمية كلياً، أو تحت شعاري السيادة والقوة وأميركا أولاً مورثاً الانشقاقات الخطيرة مع الصين ودول أخرى أراها تتنفس بخشية حتى بعد خروجه من البيت الأبيض؟

  • شارك الخبر