hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - مازن ح. عبّود

قصص على هامش الاغلاق... صغار

الأربعاء ٣ آذار ٢٠٢١ - 00:07

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

حمل سكينا صغيرا وقال بأنه لمواجهة كورونا. فللجسميات الصغيرة اسلحة صغيرة واطفال صغار بعزيمة كبيرة للذود عن حضارتهم وكوكبهم وعالمهم. وبدا مصمما على الحرب ضد الفيروس. وسمع يقول: "لا يجوز لهذه الجسيمات ان تستمر في نحر من نحب وتغيير خرائط العالم". وقد بنى خطته للمواجهة على مقولة "صغار العمر في مواجهة ما صغر من جسيمات تتربص بالحضارة". ودعا اخته وأخيه الى الانضمام الى فرقته. وركب واياهم مركبة الحلم المصنوعة من "Lego" صنعوها خصيصا للقضاء على“Bad Guys”  أي السيئين ممن يشكلون خطرا على الحضارة.

مضى اولادي في رحلتهم للحفاظ على الحضارة على متن مركبتهم. مروا فوق بيت الزعيم "أبو الزوز" فوجدوا عجقة واناسا. قيل بانّ ثمة مظاهرة استنكار وغضب موجهة ضد الكورونا.

وكان المعلم "ابو الزوز" واقفا على شرفته المطلة على الكورة مع ابنه زوز، والناس من تحته يهتفون بحياته. وقد استنفر حاملا البندقية البنية التي كان يقول بانها للمهمات الصعبة ولمواجهة المعتدين على فراخ الحجال في البرية، كما للتصدي لعدوان الكوارنة. ولكم حذّر أخاه "نوح" من الطوفان وغضب اخيه على الكورونا والكورانيين!

أوقف الأولاد عربتهم وسألوا العم الزوز عن سبب الاستنفار والتجمع، فأجابهم: "اذهبوا العبوا عند اهلكم يا أولاد. مسائل الكبار ليست للهو مع الصغار".  واحالهم على الزوز الواقف قبالته. فكل جيل مع جيله يلعب.

الزوز الذي بدا مأخوذا بأبيه، قال: "انا وابي والصالحين في مواجهة الكورانيين لخيركم والذود عن كفرنسيان، ألم تسمعوا كم التهم الكوارنة من ارواح؟ الكورونا تأتي من الكورة. من شرفتنا هذه سنرمد "كورة الجرجسيين" وسنقضي على أسباب الفيروس. لقد اعلنّا الاستنفار وحركة المقاومة بوجه الكورونا والكوارنة. انها الحرب يا رفاق".

احتجّ اولادي لانّ الفيروس ليس كورانيا بل اسمه هكذا. ابلغوه بأنّ امهم كورنانية. ابلغوه عن حضارة البشر وتقلص الغابات والموائل وخسارة الحيوانات لمعاقلها والحياة لحلقتها. وكيف انّ المناطق التي كانت تعزل وتحمي وتدوّر الفيروسات ما عادت موجودة بسبب جشع البشر. الا انهم ما اقتنعوا، وكيف يقتنعون بعكس مصالحهم وعلّة وجودهم؟ اتهم الزوز الأولاد بالخيانة لانّ امهم كورنانية وطلب الى ابيه تصويب بندقيته على مركبتهم. لكنهم فروا. والهروب ثلثا المرجلة كما يقولون.

لم يعلم صغاري بأنّ البشر لا يقتنعون بما يتنافى مع مصلحتهم وعلة استفادتهم. ولكل زعامة سوقها وأهدافها وموجاتها ومخاوفها وشرفتها وزبائنها وطرقها.

لم يكن الخطر الآخر بل الأنا. لا يأتي الخطر على الموارنة من الروم وحتى إذا ما كان الزمن زمن مستقرضات.

وصلّب أبو الزوز بالخمسة وراح يضرب نيرانا وبشراسة على الكورة الممتدة على بعد عشرات الاميال تحته. سُرَّت الجماهير الغفيرة من حوله بردة الفعل واعتقدوا بأنه نجح. لكن لا هو نجح ولا الكورة أصيبت، ولا الكورونا أُبيدَت. واستكمل الرجل القصف ببندقية وسط التصفيق. واستكملت الكورونا زحفها وتمدّدها بين الجماهير التي تكوّمت تحت شرفته. فالحقيقة ما كانت تتلاءم مع مصلحته، والعقليات رصد ولعنات وفيروسات. الامكنة مرصودة بالعقليات والمخاوف والمعتقدات والاطماع والمنزلقات.

هرب اولادي من رصد تلك الشرفة، واستكملوا رحلتهم بحثا عن ثقب الاوزون. استكملوا رحلتهم في وسط طبقات الغاز المتصاعد من الكوكب الذي يلفه ويهدده. فرأوا كيف انّ حواسيب فرمشية نجيب لا تنفك تحتسب ليل نهار الارباح جراء اكتشاف لقاح مضاد للفيروس المستجد. نعم لا ينفك بعض البشر يستثمرون حتى في اخطار تهدد حياتهم.

وحمل الاولاد بنادقهم وخاضوا معاركهم مع قوى الشر التي كانت تهاجم وتلتهم النور. رأوا سحرة كثرا. وقد بدأ اهل الخير ينحسرون والارض تستسلم للظلام. فأهتاجوا، وراحوا يصرخون: "لا تدعوا اهل الخير يتناقصون كي لا تدركنا الظلمات. فعندما يزول اولئك يهيمن ويتملك أولئك".

أدركوا مطابخ ومختبرات. أدركوا عقولا تفلتت من ضوابطها. ورأوا كيف انّ الحدود ما بين الخير والشر تزول. قيل لهم انّ الشيطان غيّر اسمه، فصار "Mr. Nice"  وأقنع من حوله بأنّ لا وجود لشياطين وشرور. وبأنّ الخير ايضا خرافة وبأنّ كل ما يريح البشر خير للبشر. وبانّ امام الفرد ورفاهيته وراحته يسقط كل شيء حتى الجماعات والعناصر والاشياء. ودعاهم الى السوبر ماركت كي يتحوج كل منهم ما يناسبه من القيم والمبادئ. ففي عالمه كان كل شيء مباحا ونسبيا حتى الحق والجمال. اما الحب فهو متوفر في صيغ العشق والمصلحة. ولا حب في ذلك العالم الا حبّ الانسان لنفسه. لذا، فقد كان القلق يعشعش في كل مكان حتى صارت المسكنات المضادة للكآبة سلعة العصر.

سمعوا بأنّ فيروسا معدلا تفلّت من مطبخ ساحرة وساحر. ومازال يسرح ويمرح. سمعوا بأنّ الارض تنتقم، وبأنّ الموائل تراجعت والحيوانات تفتش عن ساحاتها. فزحف المدنية ازال البرية. ومدنية البشر في الكثير من الاحيان جاهلية وبرية.

سمعتهم يقولون: "لا نلعنّ الموائل ولا الحيوانات البرية لانها ما ارتكبت شرا". فثمة مشكلة في صنفنا. ثمة مشكلة في العقلية. فسور الصين العظيم لا يحمي الصين من اهلها. اسوار القصور لا تحمي اهل القصور من شرور اناسها. فالشر يستوطن القلوب. وكل شيء يبدأ من القلب. فلا نلعنّ الموائل ولا الجسيمات".

قرر الأولاد ان يدعموا جيش المصلين وحَسَني النية والعاملين للخير كي تسلم الارض. فحماية الارض موضوع يعنيهم. انّ خسارتهم للحرب امام المغريات والشهوة والطمع سيزيد الوضع سوءا حتما كما ابلغتهم جدتهم ايضا. فالارض اضحت مرصودة للشهوة والطمع بفعل جنسنا وانظمتنا السياسية وقواعدنا الاقتصادية التي هي انعكاس لانحرافنا عن الاساس. وكي يتحرر البشر من لعنة البشر يتوجب ايجاد إكسير الانسانية الذي التهمته سمكة قرش من يد قبطان في المحيط. وراحوا يبحثون عن قارورة هذا الإكسير. ومازالوا يبحثون...

  • شارك الخبر