hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

في الأديان و"جرثومة التغيير"

الإثنين ١ آب ٢٠٢٢ - 00:09

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تحت عنوان "القرن الواحد والعشرين سيكون قرن الأديان" قال المفكّر الفرنسي المُلحد أندره مارلو( 1901 -1976) في الـ 1955 :

"لا أستبعد إمكانية حدوث يقظة دينية لا على مستوى البلاد الإسلامية وحسب، بل على مستوى الكرة الأرضية. وسيكون القرن الواحد والعشرين قرن الأديان والصراعات الدينية، وسيستخدم الغرب والشرق الترسانات الأيديولوجية أسلحة فعّالة بين يديه، خصوصاً في الدول الإسلامية والشرق الأوسط، الفقيرة منها والغنية، إذ لكل بلد هويّة وفقاً لظروفه أو تناقضاته السوسيولوجية وتكويناته الدينية والإثنية".

جذب مارلو الشباب بما أسماه "جرثومة التغيير"، بعد تسلّمه وزارة الثقافة الفرنسية (1959- 1969) واعتبر مع جان بول سارتر فيلسوف الوجودية في أساس الفكر التغييري. وهنا نقاط:

1- يرجعني هذا إلى فلسطين الـ 1948 حتى تقسيمها وبروز فكرة الدولتين المتكررة عبر التاريخ الطويل بل حتى إعلان يهودية إسرائيل وصولاً إلى قمّة "الأمن والتنمية" في جدّة (15-16 يوليو 2022) إذ قال الرئيس جو بايدن بالدولتين مخالفاً قوله في رام الله بأنها "فكرة مؤجلة حتى تتهيأ الظروف الملائمة لها". كان جوهر زيارته أنّ أميركا لن تترك فراغات في الشرق الأوسط لتملأه روسيا والصين وإيران، وكان يقفز خارج فكرة "صدام الحضارات" لصموئيل هنتغتون القائلة بصراعات ما بعد الحرب الباردة التي لن تأتي قومية أو إيديولوجية إقتصادية، بل دينية وثقافية بين الدول الكبرى وعدّدها بأنها غربيّة كاثوليكية بروتستانية وأميركية لاتينية ويابانية وصينية وهندية وإسلامية وأرتوذكسية وأفريقية وبوذية.

2- تزامنت قمة طهران وتركيا (19/7/2022) حول فلاديمير بوتين لتُعلمنا بأن الصراع على العالم سيتقرّر في الشرق الأوسط بدءاً من سوريا وبتسوية الملف النووي مع ايران مع علمه أنّ عينا لتركيا عن يساره مفتوحة على حليفتها أميركا لعضويتها في الناتو وعينها الثانية مفتوحة اقل على روسيا خدمة لمصالحها في سوريا والإقليم.

3- صحيح أنّ الصراع الديني والمذهبي قد يقوى ويتراجع، لكن جذوره القوية تعود لاجتياح الروس لأفغانستان(27/12/1979) وسقوط الشاه وعودة الخميني من النوفل لو شاتو في ضواحي باريس نحو طهران (1/2/1979) بالثورة الإسلامية ، ثمّ باشتعال الحرب الإيرانية العراقية (22/9/1980) التي تمّت تذكيتها ب"إيران غيت" عندما مررت إسرائيل خلسةً أسلحة الى إيران، ليحصل بعدها غزو صدّام حسين للكويت (8/2/1990) وعاصفة الصحراء (16/1/1991)، وصولاً الى سقوط البرجين (11/9/2002) وما راكما خلفها من أحداث تطبيقاً للقرار الدولي 1337 القاضي بمكافحة الإرهاب كعنوان دولي جاء صدىً للحرب الأميركية في أفغانستان( 7/9/ 2001) أو الحرب الأفغانية أو الحرب الإنكليزية الأفغانية الرابعة المسماة حركيّاً بين ال2001 وال 2014 "الحرب الباقية"، والتي عُرفت منذ ال 2015 حتّى الإنسحاب الأميركي المفاجيء الأخير بعملية "حارس الحريّة".

كانت النتيجة: عندما تتلفظ بالإرهاب يدرك السامع بأنّ المقصود هم المسلمون "الأحلام المزعجة في رأس العالم".

4- الاعتبار الأكثر دقّةً والأدنى وعياً في الصراعات الدولية والإصطفافات الدينية والمذهبية جاءت عبر فصول الربيع العربي لتعيد محاولات هندسات النظام العالمي الجديد عبر تعقيدات الشرق الأوسط، في عصر محكوم بالانفتاح والتواصل العارم وسقوط الحواجز والحجب والصراعات الحزبية والشعبية والمذهبية.

يمكنني الجزم بيقظة العرب والمسلمين لمخاطر الصراعات المذهبية كعوائق في التغيير والتقدم ، ولو بالتفكير باستراتيجيات الإنسحاب الأميركي من أفغانستان الذي لم يأتِ تذكية لشعار دونالد ترامب:" أميركا أوّلاً" ، بقدر ما هو للتحفّز نحو ابقاء العالم وخصوصاً الشرق الأوسط بقعة التغيير المغرية الملبّدة ببث القلق ورعايته في الشرق الأقصى وبين الشرق والغرب المشغولين بقلق الحروب الروسية الأوكرانية وتحدّياتها المبشّرة بالجوع والبرد القارص في اوروبا والغرب.

أمّا الصراعات الآتية للتنقيب مستقبلاً عن بقايا ثروات الغاز والنفط للصعود بها عبر القطب المتجمّد الشمالي بعد نسف بقايا جليده وفتحه ممرات عبور نحو الدانمارك فمؤجّلة قطعاً بما يجعل دول العالم تعزف مجدداً نغمة الإصطفاف القديم الجديد بين شرق وغرب غير محددي المعالم والحدود.

وللتذكير نقول بأنّ الأزمات الدولية الكبرى لم تحصل بعد سقوط جدار برلين (9/10/1989) كما يترسّخ في الأذهان، بل مع انهيارات الأنظمة الشمولية اساسا في جنوبي أوروبا وأميركا اللاتينية وشرقي آسيا وأفريقيا وحبل الإنهيارات أمامنا يتمدد.

5- لسنا ولم نكن إذن في قرن الدين، لأنّ الأديان والمذاهب تُسخّر على الدوام لفتح معابر الأمم الكبرى وفي ما بينها نحو تحقيق شهواتها الاستثمارية، وأقصد بالأديان بصفاتها أقنعة سياسية متنوعة وضرورية وجاذبة لحروب الدول والأنظمة المسيطرة المتشبّثة بمصالحها في مناطق العالم.

إن دحض الفكرة الدينية توازي الإيمان في المواقف من التوجّهات الدولية التي عادت تفلش الشرق الأوسط محطة انتظار نحو عالم مخيف .

  • شارك الخبر