على طريق ليلى الذي كنّا نسميه ايضا بطريق فم السمك، على ذلك الطريق الحجري النازل الى أعماق الغابة ازهار ودلالات.  لكن اياكم ان تحضروا معكم زوادة او قالب حلوى، مخافة ان تدرككم الضباع كما أدركت ليلى يوما التي أتت كي تزور جدتها في ذلك البيت قرب الغابة. فالحطّاب المحب ما عاد يستوطن تلك البقعة كي يغتال الذئب ويخرجكم ويخرج الجدة من احشائه معافين.  في آخر ذلك الطريق ستجدون بيتا يغفو وقد غطته ازهار فم السمكة كي ينام ما بين الرياحين والورود على مشارف الغابة.  لقد اعتقدنا طويلا انه كان لليلى وجدتها الا انه لم يكن. 

ستعشقون الوصول الى ذلك البيت عبر السلالم المزروعة ما بين الحقول المنسية. وستلاقيكم بوابة لوّنتها الشمس وخرطشت عليها زخات المطر.  قرميد ينطح الزرقة. تفتح الباب فترى الغابة قبالتك تعتمر الزرقة قبعة، وأربعة غرف. غرفتان تواجهان اثنتان وممر يوصلك الى قنطرة وليوان. قيل بأنه كان لهيلانة التي نذرت نفسها للريح. فكان ان اخذتها الى من ينبت الريح على بيادر الوجود. حزن البيت كثيرا وبكى. فغرق في دمعه ونثرت على جنباته الاسماك ازهارها فاستوطنت فم السمكة الحيطان. ازهار تحكي قصص الدار وسيدات الدار. وتبقى من عطرهنّ بصمة لأيام خلت.

كان ذلك البيت الذي يقيم في ليوانه القمر والكواكب صيفا، وينثر في ارجاء ممره وليوانه الثلج ازلامه شتاء يقبع هناك. وكان ينطر غابة اقتلعت كنّا نلعب فيها ونظنّ بانها لروبن هود، فنتسلق اشجارها ونقيم فيها بيوتا ومغامرات. 

نعم كنّا نعتقد بأنّ روبن هود وجماعته نشأوا هنا في هذه الأرض التي تحتاج الى ماغنا كرتا تنظم العلاقة ما بين آلهتها ومن يقعون تحت سحرهم. كنا وكان زخيا وطوني و"بيم" الكلب اللئيم وجيجو. وكنّا نتصور بأنّ الحياة رحلة ومغامرة.

كنا وكانت الأيام تضحك لنا. وكنّا نظن بانّ الزمن علق وتصخّر بفعل الحلم. لكن الزمن كان اقوى من كل ذلك يا صغاري. إذا مررتم من هناك في خيالكم فمهلا على ملاعب وساحات الطفولة. 

صوت امي ما زال عالقا ما بين الشجر يرفض ان يخرج. وانا ما زلت معاندا لا اريد ان أكبر، اعاند الزمن. اهرب منه. لكنه في النهاية يدركني ويوقعني عن شجرتي وعن حلمي. 

فالحياة غابة وفي الغابة أحيانا افاعي وذئاب مختبئة وحلاوة وفطر ممنوع وطيور. 

أترى من قطع تلك الغابة، من قطّع احلامنا اربا، من أزال الخضرة عن كتف الأيام؟ 

الناس تلاحق الشجر والشجر يهرب منها بعيدا. فهي تقطعه، تشعره بأنها ليست منه. وتعتبر بانّ ما بين جنسها وجنسه عداوة وليس طول مسار وطراوة. الانسان شجرة قطعت من غابة الحياة، فيبست وما أدركت بأنها صارت للنار.  فما عادت تنتج جمالا وظلالا. 

طريق ليلى طريق ازهار ورياحين. طريق تجاور الغابة وتساكن الصمت. هي طريق بيت اتخذ الجمال عنوانا فتخاوى معه. اقام فيه فمسحه عطرا وياسمين. يلزمنا اليوم طرق توصل الى الجمال. يلزمنا طراوة وغابة وقصة وبيت يغفو.