hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشابة

طرابلس في نفق البحث عن الدولة

الأربعاء ١٠ شباط ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إن عدنا الى التاريخ، طرابلس لم تشعر بوجود الدولة سوى بالأمن ما قبل الحرب الاهلية حتى اليوم، ما ادّى الى ازمة هوية لطرابلس. حيث أنها بعد استقلال لبنان انتمت الى الخط العروبي خلال حقبة الرئيس جمال عبدالناصر، ومن بعدها سيطرت عليها القضية الفلسطينية حيث عاش فيها ايضا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ومن بعدها بسبب الفراغ السياسي و الفوضى لجأت الى الفكر الاسلامي من خلال حركة التوحيد الاسلامي، ومن بعدها تخلت عن هذه العباءة لصالح الدولة في لبنان. و لكن طرابلس لم تشعر بوجود الدولة اللبنانية منذ اتفاق الطائف، بل تشعر بأن هناك قراراً سياسياً ما ببقاء منطقة شمال لبنان بعيدة عن منطق المواطنة، و لكن رغم كل تلك الظروف التي هُمّشت فيها المدينة أراد ابناء الشمال اثبات انتمائهم الى لبنان خلال انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 حيث لقبت بعروس الثورة.

الاهمال خلال حقبة ما بعد اتفاق الطائف

خلال تلك الحقبة كانت توجد قيادات و احزاب متنوعة في المدينة، مثل رئيس الحكومة الاسبق الشهيد رشيد كرامي والراحل الدكتور عبدالمجيد الرافعي، والشهيد خليل عكاوي (ابو عربي)، كانت المدينة تشعر بجزء من الانتماء بسبب وجود قيادة محلية مؤهلة لعبت دور الوسيط وجلب الحقوق لأبناء المدينة من الدولة. و لكن تلك الحقبة كانت خلال الحرب الاهلية والفوضى. لكن ما بعد اغتيال كرامي والمضي باتفاق الطائف، بدأ الشعور بالتهميش بالتنامي يوما بعد يوم وسنة بعد سنة.

مرحلة ما قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري

خلال تلك المرحلة وضِعَت اجندة انماء المدينة على الرفوف، حيث عاش المواطن على الاقتصاد الذاتي، و لكن طرابلس كانت حاضنة اقتصادية لمنطقة الشمال تجارياً في تلك الحقبة ، من دون تطوير بنيتها التحتية واستثمار المرافق الاقتصادية المختلفة في المدينة والشمال (معرض رشيد كرامي، مرفأ طرابلس، المنطقة الاقتصادية وغيرها). ويقال ان اسباب هذا التهميش كانت جراء قرار سياسي، و لكن ان ذهبنا الى ارض الواقع السبب هو غياب القيادة السياسية في المدينة، اضافة الى اولوية السلطة المركزية بانماء العاصمة وسيطرة منطق المحاصصة.

مرحلة ما بعد استشهاد الرئيس الحريري

خلال هذه المرحلة تخبطت المدينة سياسياً و اقتصادياً، على الصعيد السياسي تخبطت المدينة بمنعطفات مختلفة أثّرت سلباً. بدأت من اغتيال الرئيس الحريري، واحداث نهر البارد 2007، الى احداث 7 ايار 2008، و22 جولة عنف في المدينة، الحرب السورية و انحسار دور القيادة السياسية. جميع تلك المراحل ادت الى الشعور بالتهميش السياسي للمدينة أكثر، ما ادى الى رحلة البحث عن بديل للخروج من هذا الشعور، حاول البعض استغلال غضب الشماليين لجرهم الى التطرف كمشروع بديل ولكنه لم ينجح، فالمدينة واهالي الشمال بشكل عام وقفوا دائما الى جانب المؤسسات الامنية خلال المحن الرئيسية مثل احداث نهر البارد، واحداث طرابلس، والاحداث مع بعض المجموعات المتطرفة.

اما على الصعيد الاقتصادي فقد إنهار ما تبقى من المقومات الاقتصادية في المدينة، فخسرت الحاضنة الاقتصادية شمالا خاصة بعد جولات العنف، حيث عمدت المناطق المجاورة إلى خلق بديل اقتصادي مثل عكار والكورة و زغرتا، هذا ناهيك عن ازمة اللجوء السوري والمؤثرات الاقتصادية والاجتماعية لتلك الازمة، اضافة الى اختفاء مبادرات السلطة المركزية لانماء الشمال.

المرحلة الحالية

شهدت الاشهر الماضية جموداً سياسياً تخللته بعض المبادرات، ولكن على الصعيد الاجتماعي وفي ظل انهيار الاقتصاد الوطني وجائحة كورونا، لم تعمد السلطة السياسية إلى تحريك جفن وأخذ المبادرة، حيث اصبح المواطن يُغرّد وحيداً، ما ادى للوصول الى ارقام مخيفة في لبنان عامة و في الشمال خاصة، فبدأنا نتحدث شمالا عن اكثر من 70 بالمئة دون خط الفقر، ونسب البطالة ارتفعت بشكل كبير حيث الارقام تتحدث عن انها اكثر من سبعين بالمئة لدى الشباب، ناهيك عن نسب التسرب المدرسي وإقفال المؤسسات.

هذا على الصعيد الاقتصادي اما على الصعيد السياسي فالمدينة تشهد فراغاً سياسياً كبيراً. لا قيادة لا ادراة ولا مبادرة، مما يؤدي الى مزيد من التوتر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

هذا في العام، اما ان اردنا ان نتعمق، المشكلة في المدينة اكبر من ازمة اقتصادية وسياسية بل هي ازمة ثقة بالدولة، وشعور بالتهميش جراء تراكم ممارسات خاطئة خلال العقود الماضية. هذا الغضب اصبح يؤدي الى الافتراق الجزئي عن هوية لبنان وعن الدستور اللبناني، حيث اصبح فكر الانفصال عن السلطة المركزية مقبولاً، وهذا الشعور ليس فقط في طرابلس بل في معظم المناطق التي أُهمِلت خلال العقود الماضية.

ما حصل في طرابلس حلّه ليس امنياً، بل حلّه بقرار سياسي جدي في احتضانها واحتضان جميع المناطق المهمشة، وإلّا الذهاب الى مشروع شبه "فدرلة" يُعطي القوى المحلية هامشاً لأن تلعب دوراً اكبر في إنماء مناطقها لتكون بديلاً عن الدولة في معالجة الازمة.

لكن بفضل ممارسات السلطة المركزية، لا يوجد مؤشر إيجابي للذهاب الى هذا المنطق، لذلك فلنذهب الى اللامركزية الموسعة بطريقة سلمية أفضل من ان يسقط الدم مستقبلاً للوصول الى هذا الحل، لأن السلطة المركزية التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم سقطت لدى مختلف المكونات اللبنانية.

  • شارك الخبر