hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشّابة

روسيا من التابِع إلى المبادر

الأربعاء ٢٤ شباط ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ بداية التسعينيات شهد النظام العالمي تحولات جذرية نتج منها الإنتقال من الثنائية القطبية إلى القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. أصبحت روسيا خلال تلك الاعوام أشبه بالرجل المريض، حيث كانت تتخبط داخلياً وذات نفوذ محدود خارجياً، ما فتح المجال أمام القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة الاميركية لإستغلال هذا المرض وتحويله إلى مزيد من مكامن النفوذ عالمياً. ولكن سرعان ما تمكنت روسيا من استعادة دورها كقوة كبرى بعد ان كانت دولة تابعة لأميركا خلال فترة بوريس يلتسن (1991-2000)، فما الذي مكّنها من العودة برغم ضعفها السياسي والاقتصادي؟

خلفيّة

تبلغ مساحة روسيا نحو 17 مليون كلم مربع وعدد سكانها نحو 140 مليون نسمة، تتألف من 21 جمهورية فدرالية اتحادية، وتوجد درجات فدرالية مختلفة مثل استقلالية موسك وسانت بيترسبرغ.

إقتصاد روسيا لا يوازي موقعها السياسي، فإنتاجها المحلي حوالي 1.7 تريليون دولار (الصين 14 تريليون دولار). وبرغم وجود موارد غنية مختلفة، فهي أكبر منتج للنفط وثاني أكبر مصدّر بعد المملكة العربية السعودية، ولديها أكبر احتياطي للغاز، فحوالي خمسين في المئة من إجمالي موارد الميزانية الروسية من الطاقة و77 في المئة من الصادرات ترتكز على الطاقة، وهذا يدل على مدى اعتماد الاقتصاد الروسي على تصدير السلاح والطاقة ما يضعها في خانة التأثير على أسعار النفط العالمية. إضافة إلى ذلك هي أكبر مصدّر للحبوب في العالم، ولكن مرتبتها في الاقتصاد العالمي تأتي في الرقم 11.

أحد المؤثرات السلبية على الاقتصاد الروسي هو عامل الطقس (إقفال الموانئ على سبيل المثال)، وعامل عدد السكان حيث يعدّ منخفضاً ما يؤثر على الانتاج والاستهلاك، ويؤدي إلى عدم اقتحام السوق العالمية على صعيد الإنتاج الإلكتروني وغيرها من الصناعات.

أما المؤثرات الإيجابية، فهي تمتلك أكبر طاقة علماء في العالم، وعشرات العلماء حازوا على جوائز نوبل في اختصاصات مختلفة، وهي اول دولة صعدت إلى الفضاء، اضافة إلى الحس الوطني وقوة الانتماء. وبالنسبة لحجم الإنفاق فروسيا السادسة عالمياً ولكن من إيجابياتها ترشيد الانفاق بطريقة جيدة.

روسيا بين عامي 1991 - 2000

بعد إنتهاء الحرب الباردة وإضمحلال الاتحاد السوفياتي، إنتُخِبَ بوريس يلتسن اول رئيس لروسيا الاتحادية عام 1991، حيث ورث حقبة تحول من نظام القطبين إلى نظام عالمي جديد مبني على الرأسمالية.

هذا الواقع فَرَضَ على يلتسن الاندماج بهذا النموذج، وألزمه بإتخاذ إجراءات درامية منها: خفض الميزانية، تحرير الاسعار، رفع الدعم وخصخصة القطاع الاقتصادي، ما أدى إلى ارتفاع التوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإلى إنخفاض الانتاج بالقطاع الزراعي والصناعي، فإنخفضت الصادرات الروسية 50 في المئة وأصبحت تستورد 70 في المئة من المواد الغذائية، وبلغ العجز حوالي مئتي مليار دولار.

اما على الصعيد السياسي، فمع المتغيرات السياسية الدولية اضافة إلى التوترات السياسية الداخلية، وقناعة يلتسن بأن روسيا دولة غربية، إلتحقت بالقطب الاميركي وخاصة أنه كان بحاجة إلى الدعم الخارجي، فبقيت روسيا على هذا الحال حتى مجيء بوتين رئيساً للجمهورية عام 2000.

روسيا وبوتين

ورث بوتين عام 2000 مرحلة ثقيلة جداً على الصعيدين السياسي والاقتصادي. بدأ منذ توليه السلطة بالإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي ما مكّنه من التخلص بنسب كبيرة من سيطرة المافيا، ومن تحقيق الاستقرار الداخلي، وحلّ مشكلة رئيسية تختص بالأمن القومي وهو موضوع الشيشان.

ففي نهاية عام 2001 كان أفضل أداء للاقتصاد منذ التسعينيات ما أدى إلى جلب الكثير من الاستثمارات، أما اليوم فروسيا في المرتبة 11 اقتصادياً على الصعيد العالمي وكانت في مرتبات افضل خلال فترة غلاء اسعار النفط عالمياً.

أما على الصعيد السياسي، فتمكن بوتين من تفعيل دور روسيا عالمياً، واستطاع إظهار طاقتها وتفعيل نقاط قوتها، مثل الواقع الجيو- سياسي والعسكري، التكنولوجي والطاقوي، ما سمح له بمزاحمة الدول العظمى في مناطق جغرافية مختلفة قريبة وبعيدة عنها (شرق اوروبا، آسيا وأفريقيا). تبنى بوتين في العلاقة مع الغرب منطق الشراكة لا الحلف، أي علاقة مبنية على المصالح المشتركة.

روسيا اليوم

ما يؤرق الامن القومي الروسي هو أسعار النفط، حيث يرتكز الإقتصاد الروسي على الطاقة وموضوع التطرف والاعمال الارهابية. أما في المقلب الآخر فروسيا تسعى جاهدة لفرض نفسها في السياسة العالمية، وتسعى لنظام عالمي متعدد الأقطاب مثل الصين. وتعتبر روسيا ان البداية تكون من تزّعم منطقة أوراسيا فيمكنها عندئذ فرض قرارها دولياً.

تعتمد روسيا على منطق القوة الناعمة في المرحلة الحالية، وهي وسيلة مختلفة عن طريقة الاتحاد السوفياتي المرتكزة على بناء قواعد عسكرية، أما على الصعيد الاقتصادي فتعمد إلى توسيع علاقاتها من خلال دخولها منظمات مختلفة مثل شانغهاي ورابطة الدول المستقلة، اضافة إلى إتفاقات جانبية مع دول مختلفة مثل الصين والهند واليابان.

ولكن لكي تصل روسيا إلى ما تصبو إليه، عليها مواجهة معضلات مختلفة، وبقدر ما تتمكن من تخفيف تأثيرها بقدر ما تنافس أكثر مستقبلياً، مثل فرض نفوذ غربي سياسي في الدول المجاورة لها. حلّ المعضلات الاقتصادية حيث ارقام التضخم تزداد وسعر النفط ينخفض لأسباب مختلفة. حلّ المعضلة السكانية إذ من المتوقع عام 2050 ان يصبح عدد سكان روسيا 22 مليوناً فقط. عدا المعضلة الأمنية وهي الوجود الاميركي والناتو بالجوار، إضافة إلى المعوقات الامنية الداخلية، مثل فعاليّة المعارضة الروسية وموضوع الشيشان وارتفاع معدل الجريمة في موسكو.

  • شارك الخبر