hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

رفيق الحريري: لا...لآ...لا حصون ولا قلاع في بيروت إلاّ لمن يدمّرونها

الإثنين ١٨ نيسان ٢٠٢٢ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بيروت عاصمة عربية سمراء وغربية شقراء تظهر أبداً وكاّنها محطّ أنظار العالم لكنها مؤقتة يختلط فيها الغرب بالشرق والإسلام بالمسيحية بما لا يمكن تصفيته أو رسم لوحاته التي لا تحصى تبديلاً وتنافراً وأقنعة. فشلت ويستحيل عليها ادّعاء خصوصياتٍ فارغة تجعلها الجزيرة المنعزلة عن هذا العالم الشاسع المحيق بها، وهي لا يحق لها، كما ينطق التاريخ القديم والحديث،لا بالتسويات ولا بالمساومات. لطالما كانت موئلاً بل مطبخاً لأجيالٍ متعاقبة من الثوريين والتغييريين والحزبيين الرافضين لأنظمتهم وسياسات رؤسائهم بحثاً عن الحرية بلا ألفٍ ولام والديمقراطية التي أوكلتها إلى وسائل الإعلام والإعلاميين جسوراً مرّ عبرها الكثير الكثير من أجيال القناصل والسفراء الأجانب بزياراتهم وتحركاتهم وخطبهم التي تتجاوز الدبلوماسية. لم ولن يفيدها ممثلو العالم كلّه حتى ولو أقاموا في أرضها وتكلّموا لغتها وتزوّجوا فيها وسهروا في قصورها وقرّروا البقاء فيها حتّى بعد تقاعدهم. أميل إلى القول التاريخي، أنّ بيروت كانت وبقيت ستبقى عاصمة عصيّة مفتوحة على الدنيا وستبقى قلقة جميلة معشوقة ومهددة على الدوام بكونها صارت مستوردة ليست في الغرب ولا في الشرق ولا في شمالٍ أو جنوب وهي اليوم لا تُطيق أن تبقى خطوط تماس دولية تُشكّل عجقتها وعاداتها وهوامها بالمستقبل.

لماذا هذا الكلام التوصيفي ؟

1- لإنّها تختصر وطناً. وعلى الرغم من كلّ هذه المخاطر والمحاذير التي تقع فيها مع كلّ استحقاق وحركة أو تبدّلٍ وتغيير تبقى في عين العالم طفلة عربية تعشق النار بل طفلة لعوبة وقوية بالسياسات والإنتخابات والرئاسات

والطائفيات البائدة والباقية في المواقد الباردة الجاهزة للتلاعب بالنيران والوقوع في الحفر بحثاً عمّن يُخلّص.

2- لأنه كلام لا يرتبط إطلاقاً بمناسباتٍ أو بأحداثٍ معيّنة، بل يتوخى القفز فوقها بعدما تعبت في شرحها الأقلام والألسنة التي لا ضوابط نهائية لها لا سيّما في عصرٍ غريبٍ تبدو فيه أرض البشرية واحدة وكأنّ لا حدود ولا جمارك ولا قوانين تضبطها.

3- لأنّه كلام يوقظنا جميعاً نحو تفحص الماضي وواجب التذكير بالتواريخ المرّة المدموغة بحزمةٍ من العائلات السياسة مالكي الوطن والإعلام والمؤسسات لكنهم ينفصلون جذرياً عن شعوبهم المتنوعين والمتشابكين في النظر إلى المنطقة العربية أو إلى العرب والإسلام حتى في التفاصيل والمتناقضات والمصالح التي تكاد تعميهم عن جوهر الأحداث الضخمة التي عاشونها لكنهم فشلوا كليّاً بربطها لفهم مغازيها ومعانيها ومخاطرها القديمة والحديثة منذ سقوط الشاه في ال1989 الى الحرب العراقية الإيرانية الى اجتياح دولة الكويت وخروجه منها أمام عصا التحالف الأميركي الأوّل ثمّ وقف مسلسل الحروب الدموية في لبنان إنطلاقاً من مدينة الطائف ثمّ الإنتظار الدولي فترة سنوات عشر( لماذا الإنتظار؟) للوصول ربّما الى تفجير البرجين الأميركيين لتُعبّد الأنقاض جادّات متفرعة نحو الحروب المفتوحة المبررة والمفهومة من احتلال أفغانستان ( المتروكة اليوم لمن؟؟؟) الى سقوط صدّام في حفرةٍ مشابهة لتلك الحفر التي خلّفتها صواريخه فوق "اسرائيل" ثمّ سقوط عراقه في المستنقعات الدموية منذ عشرين الى خروج ليبيا آنذاك من الشرق العربي وتغطيسها في هموم القارة الأفريقية وبؤسها وصولاً الى سقوط الرئيس رفيق الحريري صريعاً في قلب بيروت التي أعاد بنائها وبنى الجسور وعبّد الطرقات والحصون والقلاع (خاطبته يوماً رحمه الله سائلاً إن كان في ذهنه شيء جاذب من صورة محمّد علي، لكنه أجابني ضاحكاً: "لا...لا...لا حصون ولا قلاع في

بيروت إلاً للّذين يدمّرونها) وصولاً الى الخرائب في سورية ولبنان وبينهما وغيرهما من البلدان والأنظمة التي تبعثرت في خطب وخطىً غير واضحة لشدّة غموضها وازدواجياتها في سيناريوهات رهيبة لامست الخيال وكادت تخطف الأبصار لنستغرق في الإنقسامات بالتفاصيل من دون الركون إلى الحقائق والخلود إلى التواضع والهدوء والتعقل في أزمنة المخططات الدولية الكبرى.

4- لأنني أرى لبنان مقيماً في "ربّما" و"قد" و"إنشاء الله"، تأكل شعوبه الكثيرة الحيرة والضياع في هذه الحمّى الإنتخابية التي لا تعني شيئاً لمعظمهم وهم يرون بلدهم راكضاً فوق حدّ السيف، تتطلّع جارته دمشق صوب الجامعة العربية تغمزها من القاهرة، ويُقبل عليه أشقاؤه في لحظةٍ قد تشي بسلسلة من الحلقات المتواصلة والمحكمة الإتّصال والتي تدخل ربّما بالشرق الأوسط الجديد. كانت العدّة لتحقيق هذا الشرق العربي تلك"الفوضى الخلاّقة أو البناءة بالتدمير" التي جانبت كل من يرفع سبابته ليقول لا، وبأن الثمر الفج متجاوزاً المواسم.

  • شارك الخبر