hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

حرب الإستنزاف اللبنانية

الأحد ٢٣ أيار ٢٠٢١ - 07:35

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على مرّ الزمن إعتُبرت التربة السياسية اللبنانية خصبة وصالحة للنزاعات والخلافات، يتداخل فيها الداخل مع الخارج، وتتغير معها التحالفات والإصطفافات وصولاً الى تسويات ذات صلاحية زمنية محددة، تجلب معها السلطة والمال لصانعيها، والسيطرة والنفوذ للعنصر الخارجي، لتعود من بعدها النزاعات. وتُعتبر هذه المعادلة الدائرية (تسوية - خلاف...) من الثوابت الوطنية كوحدة لبنان والعيش المشترك والموقف من العدو الإسرائيلي.
المرحلة الحالية في هذه الدوامة هي مرحلة المواجهات، وهذا ما تشهده الساحة اللبنانية، وبما ان الحرب العسكرية متوافرة أسبابها ولكن تفتقد الى القرار الإقليمي والدولي، فقد إستُعيض عنها بصراع سياسي واقتصادي ومالي وشعبي بعناوين متعددة ومتنوعة (تأليف الحكومة، الانتخابات الفرعية، إسترداد الأموال المهربة والمنهوبة، رفع الدعم، البطاقة التموينية...)، مع الركون أحياناً إلى العلم العسكري ومصطلحاته في هذه المواجهة، وخاصة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، حيث لجأت الجهات المتصارعة الى ما يُسمى "حرب الإستنزاف".
ويُعتَمد هذا الأسلوب عندما تتيقن الأطراف المتقاتلة أن الوسائل الأخرى ستؤدي الى الفشل، أو إنها غير ممكنة عملياً، مراهنين على عامل الوقت للضغط على العدو لدفعه الى الانهيار والاستسلام، وعادة ما تكون بين أطراف متقاربي القدرات والامكانيات، وهذه هي حالة الأطراف المتصارعة في لبنان حالياً من أحزاب موالاة ومعارضة ومجموعات المجتمع المدني، أما الخروج من هذا الموت البطيء فيمكن أن يكون على البارد أو على السخن، والحالتين سبق أن عرفهما لبنان خلال تجاربه مع أزماته.
التسويات الباردة يمكن أن تأتي من نتائج المفاوضات حول الملف النووي بين الولايات المتحدة وإيران، أو بين هذه الأخيرة والسعودية. فالمبادرة الفرنسية سقطت وانتقل أصحابها الى مرحلة فرض العقوبات حتى لو أُشيع في الإعلام عكس ذلك، والتحرك الروسي لا يملك وسائل الضغط المناسبة على الأطراف اللبنانية الداخلية لتغيير مواقفها. أما الحلول الساخنة فمصدرها واحد وهو القوى الدولية الراغبة في الإستثمار وخصخصة قطاعات الدولة المنتجة، والمؤسسات المالية العالمية المانحة للعملة الصعبة، وذلك عن طريق الضغط المالي والاقتصادي على الدولة اللبنانية (قطع الانترنت عن لبنان، وقف التعامل مع المصرف المركزي والمصارف الخاصة...) ما يؤجج الثورة من جديد وبوتيرة أعلى وأعنف من سابقاتها، وقد تُفضي الى توترات أمنية بعناوين اجتماعية - معيشية، لا قدرة أو حتى رغبة للقوى العسكرية والأمنية على ضبطها، وتكون نتيجتها إنتخابات نيابية مبكرة يراهن عليها المجتمع الدولي وتكون بإشرافه الكامل، بخلاف المراقبة الصورية في انتخابات ٢٠١٨، لإحداث التغيير المطلوب على الساحة السياسية ولكن السؤال، ما الذي يمنع هذه القوى القادرة على تحريك المياه الراكدة من اللجوء الى هذا السيناريو؟ هل هو نتيجة خشيتها من تداعيات غير محسوبة للإنهيار الشامل كموجات مهاجرين من لبنان الى أوروبا، أم تفلت الوضع الأمني، أم عدم التعويل كثيراً على المجتمع المدني. أم هو إختلاف هذه القوى على أهدافها الخاصة لمستقبل لبنان ما بعد هذا الإنهيار؟
لعنة الإتجاهات تلاحق اللبنانيين وتسبّب لهم المآسي المستمرة منذ مئات السنين، ولم يقتصر الأمر على الشرق والغرب حتى أُضيف إليهما الشمال من صوب تركيا، ولم يبقَ إلّا الجنوب حيث الكيان الصهيوني، يتطلع اليه اللبنانيون اليوم بنظرة معادية واحدة، ويتساءلون إذا ما تحررت فلسطين يوماً فهل سيزيد هذا الاتجاه الجديد من خلافاتهم؟

  • شارك الخبر