hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

ثورة أو لا ثورة؟

الإثنين ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 23:34

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عندما إنطلقت ثورة ١٧ تشرين، إختلف اللبنانيون على تسميتها، وهذه التباينات في التسمية نَجَمَتْ احياناً عن إعتبارات سياسية أو شخصية، ونادراً ما كانت أكاديمية. منهم من أسماها "حراك مدني"، والبعض دعاها "إنتفاضة"، وقسم أطلق عليها لقب "ثورة"، وأصحاب التسمية الأخيرة غالبيتهم من الثوار.

بعيداً عن التسميات، فالأيام الأولى لإنطلاقها شهدت زخماً كبيراً كان مزيجاً من مواطنين غير متحزبين ومن مؤيدي بعض الاحزاب السياسية المعارضة منها والموالية للحكم، ولكن ولأسباب مختلفة ولمصالح خاصة، بدأت هذه الأحزاب بالإنسحاب من صفوف "الثورة"، وعمل البعض منها على شيطنتها، والبعض الآخر على التمايز عنها، وقسم من القوى السياسية قام بإستغلالها لتصل الى ما وصلت اليه من ضعفٍ وتشرذم.

هذه هي الأسباب الخارجية التي ساهمت بكبح جماح "الثورة"، ولكن العامل الأساسي في تراجعها وربما مستقبلاً زوالها، هي عوامل داخلية بين مكوناتها التي توزعت بين إختلاف أهدافها أو الإختلاف في تراتبية تنفيذ هذه الأهداف، إضافةً الى فقدانها هيئة قيادية، وأخيراً سوء إدارة هذه الثورة. فالثورة ليست مؤقتة بل دائمة، بمعنى اننا نثور يومي السبت والأحد ونذهب الى أعمالنا وجامعاتنا في بحر الأسبوع. الثورة ليست ظرفية، أي عند مناسبة او ذكرى معينة ندعو الى الاعتصامات وإقفال الطرقات لعدة ساعات وبعدها نعود الى منازلنا.

أصبح واضحاً إن الأهداف المعلنة للمتظاهرين او المعتصمين حدُّها الأقصى إستقالة حكومة، ومن بعدها يُتابع النظام مسيرته المعتادة.

الحقيقة إننا شعب ثورتنا نصف ثورة، وإنتفاضتنا غير مكتملة، وحركتنا ناقصة، ومستوى التناقض عند اللبنانيين الثائرين عالٍ جداً.

يُطالبون بمكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين وإسترداد الأموال المنهوبة، وفي الوقت ذاته ينتظرون في الدوائر الرسمية لساعات طويلة لدفع ضرائبهم ورسومهم لتمتلئ من جديد خزائن الدولة ومن بعدها جيوب الفاسدين. تُبث شائعات عن إختفاء أو غلاء سلعة فيتهاتفون على شرائها وتخزينها.

يجب أن تَكتَمِلَ التظاهرات والاعتصامات بالعصيان المدني، وتكون بدايته بالإمتناع عن دفع فواتير الخدمات المهترئة التي تُقدمها الدولة، وخاصة المياه والكهرباء والانترنت. والتجارب في العالم كثيرة عن أهمية هذا النوع من الاحتجاج ونتائجه (في الهند، جنوب افريقيا، الولايات المتحدة، مصر...).

للبنان تجربته مع شركة الكهرباء في بداية الخمسينات إعتراضاً على خدماتها المتردية وفواتيرها المرتفعة، وكان قوام هذا العصيان مزيج من أحزاب معارضة (الكتائب اللبنانية) والطبقة المتوسطة لسكان بيروت مع تجار أسواقها التجارية وخاصة سوق الطويلة، وكانت نتيجتها إيجابية بإلزام الحكومة بتخفيض تكلفة الكهرباء.

إن من يقومون بثورة الى منتصفها فقط، إنما يحفرون قبورهم بأيديهم (جورج بوشنر)، والأمل ان لا تكون ثورتنا مطابقة لقول الموسيقار بيتهوفن "لا ثورة في النمسا ما دام هنالك بيرة"، أي لا ثورة في لبنان ما دام هنالك وسائل تواصل اجتماعي، التي يعتبر البعض عند تدوينه جملة ثورية بأنه قام بواجبه كاملاً تجاه الثورة والثوار.

  • شارك الخبر