hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - انطونيو ابو كسم

تعديل إحداثيات حدود المنطقة الاقتصادية ما بين القانون الدولي والقانون الوطني

الجمعة ١٦ نيسان ٢٠٢١ - 11:22

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يحدّد لبنان منطقته الاقتصادية الخالصة أو الحصريّة إلّا في العام 2011 أي بعد 68 سنة من استقلاله وبعد سنة تقريباً من صدور القانون رقم 132 تاريخ 24 آب 2010.

بتاريخ 14 تموز 2010، - أي في تاريخٍ سابق لصدور المرسوم 6433/2011 -، أودعت الجمهورية اللبنانية لدى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بواسطة بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة تقريراً بشأن تحديد الحدود البحرية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الحصرية بموجب الكتاب رقم 1506/10 (المرجع MZN.79.2010.LOS, 24/8/2010)، مستندةً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (التي وافق لبنان على الانضمام إليها بموجب القانون رقم 295 تاريخ 22/2/1994) وإلى اتفاقيّة بولي-نيوكومب بشأن تحديد حدود لبنان الجنوبيّة انطلاقاً من رأس الناقورة عند النقطة B1 والتي اعتمدت إحداثيتها رسمياً عام 1949 على خارطة تبيّن الحدود اللبنانية – السورية – الفلسطينيّة وذلك نتيجة اتفاق الهدنة.

وبتاريخ 19 تشرين الأول 2010، وبموجب الكتاب رقم 2399/10 (المرجع MZN.79.2010.LOS.Add.1, 9/11/2010.) أودعت الجمهورية اللبنانية لدى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بواسطة بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة تقريراً بشأن تحديد الحدود البحرية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الحصرية من الجهة الغربية، أي من جهة حدودها مع قبرص.

إنّ لبنان وبعد أكثر من سنة لإيداعه الاحداثيات للأمم المتحدة بشأن الحدود الجنوبية، قد أقرّ المرسوم رقم 6433 تاريخ 1/10/2011. و بموجبه وبشكلٍ أحاديّ، قد حدّد منطقته الاقتصادية الحصريّة، والتي تقع وراء البحر الإقليمي وتشمل كامل المنطقة المتاخمة وتمتدّ باتجاه أعالي البحار مقاسة من خطّ الأساس استناداً إلى أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وقد حدّدت هذه المنطقة وفق لوائح إحداثيات نقاطٍ جغرافيّة، وذلك من الجهات الثلاث الجنوبيّة والغربية والشماليّة كما هي موضحة على الخريطة البحرية الدوليّة الصادرة عن الأدميراليّة البريطانية رقم 183.
إنّ القانون الدولي، وبموجب الفقرة الثانية من المادة 75 لاتفاقية مونتيغو باي يشترط فقط أن تعلن الدولة الساحلية الإعلان الواجب عن هذه الخرائط أو قوائم الإحداثيات الجغرافية، وتودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة نسخة من كل خريطة أو قائمة منها.
أيضاً، وفي 19 تشرين الأوّل 2011 وبعد صدور المرسوم 6433/11 أودع لبنان مجدّداً لدى الأمين العام للأمم المتحدة خارطة بحرية لحدود المنطقة الاقتصادية اللبنانيّة الحصرية ولائحة بإحداثيات هذه المنطقة من الجهات الثلاث الجنوبية، الغربية والشمالية، على أن تعتمد بديلاً عن الاحداثيات المودعة سابقاً. مع التنويه، إلى أنّ لائحة هذه الإحداثيات للجهة الجنوبية هي نفسها التي كان لبنان قد أودعها لدى الأمين العام للأمم المتحدة في تموز 2010. (وتمّ نشر هذه الإحداثيات والخريطة في نشرة قانون البحار رقم 77 المؤرخة 2013 والصادرة عن قسم الشؤون البحرية وقانون البحار في مكتب الشؤون القانونية للأمم المتحدة، في الصفحة 20 وما يليها).
وبالتالي، إنّ إيداع قوائم الاحداثيات الجغرافية لا يشترط إصدار مرسومٍ، فلكلّ دولة حسب نظامها القانوني أن تقوم بالإعلان. إنّ إيداع لبنان قوائم الاحداثيات الجغرافية الأمانة العامة للأمم المتحدة في العام 2010 قبل صدور المرسوم 6433 في العام 2011، كان مطابقاً للقانون الدولي للبحار الذي لا يفرض شكليات معيّنة للإعلان الصادر عن الدول.
تكمن أهميّة المرسوم 6433/2011 ، أنّه يعتبر عملاً قانونياً أحادياً (Unilateral juridical act of State) بمفهوم القانون الدولي، وكمصدرٍ من مصادر القانون الدولي، وينشئ التزامات قانونية على عاتق الدول الثالثة.
وعليه، إنّ تعديل الإحداثيات الجغرافية للمنطقة الاقتصادية الحصرية اللبنانية، لا تشترط تعديلاً للمرسوم 6433 أصلاً، ولا تشترط صدور مرسومٍ جديد. تجدر الإشارة، إلى أنّ المادة الثالثة من هذا المرسوم قد تجيز مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقة ووفقا للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية. وبالتالي، إنّ هذا المرسوم قد أجاز تعديل لوائح الاحداثيات من دون اشتراط صدور مرسوم آخر، وقد أناطت المادة الرابعة منه الأمر برئيس مجلس الوزراء( أو من يفوضه) باتخاذ الاجراءات اللازمة لإبلاغ كافة الجهات المعنية لا سيما منها الدوائر المختصة في الأمم المتحدة.
إنّ الجدل الناشئ بخصوص تعديل المرسوم 6433 هو ذات طابعٍ سياسي، وليس له أيّ أثر في القانون الدولي. وإنّ اشتراط تعديل هذا المرسوم في مجلس الوزراء، هو فقط لتأمين إجماع وطنيّ على مبدأ توسيع الحدود البحرية الجنوبيّة ومن أجل إقرار الاحداثيات الجديدة بموجب مرسوم وليس بموجب قرارٍ إداري صادر عن رئيس الحكومة ومن يفوّضه.
إنّ كلّ تلكؤ وتردّد بشأن إعلان إحداثيات الحدود المعدّلة المنطقة الاقتصادية الحصريّة أو بشأن إيداع هذه الاحداثيات للأمانة العامّة للأمم المتحدة يشكّل انتهاكاً للمادة الثانية من الدستور اللبناني التي تنصّ على أنّه "لا يجوز التخلّي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه". وبالتالي إنّ احترام الدستور يقضي بتخطّي بعض الشكليات في ما خصّ تعديل المرسوم رقم 6433/2011، حيث يجوز أن يصدر تعديل هذا المرسوم بمرسوم عاديّ (وفقاً للمادة 54 من الدستور) بناءً على اقتراح الوزير المختصّ وأن يقترن بتواقيع الوزراء المختصّين ورئيس الحكومة ورئيس الجمهوريّة، خصوصاً وانّ الموضوع ليس من المواضيع الأساسية التي يتطلّب إقرارها موافقة ثلثي أعضاء الحكومة بموجب الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور.
وفي حال الطعن بهذا المرسوم، إنّه فقط لمجلس شورى الدولة أن يحدّد مشروعيته من دون التطرّق إلى صحّة الاحداثيات. وبالتالي إنّ الأمانة العامّة للأمم المتحدة تتسلّم أيّة مراسلة رسميّة صادرة عن أيّة جهة صاحبة الصلاحية، فبالإمكان إيداع الاحداثيات المعدّلة بواسطة كتاب صادر عن وزارة الخارجية اللبنانيّة.
يقتضي التنويه، بأنّ النقطة 29 المستحدثة من قبل الجيش اللبناني والتي قد تمّ تحديدها وفقاً لخطّ الوسط ليست إلّا تطبيقاً للمادّة 15 (تعيين حدود البحر الإقليمي بين دولتين ذات سواحل متقابلة أو متلاصقة) من اتفاقية مونتيغو باي، وبالتالي مطابقة للقانون الدولي.
أمّا الإشكاليّة فتكمن بعدم انضمام إسرائيل لاتفاقية مونتيغو باي، وبالتالي غير ملزمة باحترام أحكامها. إلّا أنّ محكمة العدل الدولية وفي قرارها الصادر بتاريخ 16 آذار 2001 في قضية تعيين الحدود البحرية ومسائل إقليمية بين قطر والبحرين، قد اعتبرت أنّ المادة 15 من اتفاقية مونيغو باي هي ذات طابع عرفي، خصوصاً وأنها مطابقة للفقرة الأولى للمادة 12 من اتفاقية جنيف للعام 1958 بشأن البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة والتي انضمّت إليها إسرائيل بتاريخ 6 أيلول 1961.
إنّ الحفاظ على ثروات لبنان النفطيّة خوفاً من استغلالها من قبل العدوّ يقضي بالترفّع عن المشاحنات السياسية والمزايدات، حيث أنّ السلطات يجب أن تعمل بهدف تطبيق الدستور وليس أن تسخّر الدستور لمآرب سياسيةّ، حيث أنّ احترام الدستور لا يقوم على التسويات.

  • شارك الخبر