hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور شادي نهرا

بعد ما أفرج عن الحكومة هل يؤسس خط الغاز العربي للولايات المتحدة الإبراهيمية؟

السبت ١٨ أيلول ٢٠٢١ - 09:03

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على مدى أكثر من سنة كان موضوع تشكيل الحكومة أشبه بمسرحية اكتشف النبيه من المشاهدين منذ أول الطريق أن ما كان يشاع من عراقيل وهميّة ليست سوى حجة لعدم إطلاق سراحها بانتظار الضوء الأخضر الأمريكي-الإيراني، مع أن هذا الضوء كان من المحتمل جداً أن لا يضئ وتدخل البلاد في نفق مظلم جداً ممكن أن ينتهي بحرب أهلية، مع ما ترافق عمليات التأليف من استفزازات طائفية مسلم للمسيحي ومسيحي للمسلم ، وقد شرحنا في مقالات سابقة كيف يخدم هكذا صراع، الدول العظمى في معركتها الكبرى ، إلى أن وبسحر ساحر وبلمح البصر تم تقديم التنازلات بالجملة وتم الإفراج عن الحكومة من سجنها المؤبد .

فلماذا شُكِّلت الحكومة؟

الحدث الوحيد الذي سبق تشكيل الحكومة هو مشروع الغاز العربي، والذي أشرنا في مقالة سابقة أنه تطبيع عاطفي وفكري يتبعه تطبيع فعلي كمقدمة للإبراهيمية، وكما ذكرت صحيفة هارتز في 5 أكتوبر، 2018 أن الخط بين العريش والعقبة تملكه شركة دِلِك الإسرائيلية.
فأنه من الممكن الضغط مستقبلاً كي يعتمد الاردن على الغاز الإسرائيلي بشكل كامل في إنتاج الكهرباء، كما تم الضغط عليه مسبقاً لإنشاء خط غاز من إسرائيل للأردن والاعتماد على 40 % من الغاز الإسرائيلي بعد ما كان يعتمد على الغاز المصري.
ما معناه أن هذا المشروع ممكن أن يُستَغَلّ مستقبلاً ليصبح إسرائيلياً صافياً يغذي سوريا ولبنان بالغاز والكهرباء وبذلك نكون قد انتقلنا إلى التطبيع المبطّن العاطفي والفكري ولاحقاً إلى التطبيع الفعلي.
فبحسب تقرير British Petrolium لسنة 2020 نجد التقارب كبير بين الإنتاج والاستهلاك السنوي من الغاز المصري لعام 2019, والفرق هو 6 مليار متر مكعب، أما حاجة معمل دير عمار فهي 600 مليون متر مكعب، وهو ينتج 450MW، فيما حاجة لبنان هي 3 GW أي تقريباً 8 أضعاف إنتاج دير عمار أو تقريباً 5 مليار متر مكعب سنوياً!!! فهل نجد أنفسنا لاحقاً مضطرين إلى استيراد الغاز الإسرائيلي لعدم كفاية الغاز المصري! خاصةً أن المبادرة الرئاسية المصرية تشجع على الاعتماد على الغاز وإحلاله محل المنتجات البترولية وتنفيذ خطة نشر استخدام الغاز الطبيعي في كافة القطاعات الاقتصادية و المنازل والقطاعات الصناعية والتجارية، ووفقا لـ«البترول»، شهد عام 2020 تحويل 39 الف سيارة للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من الوقود السائل، ليصل إجمالى عدد السيارات المحولة بختام ديسمبر 2020 إلى 340 الف سيارة.
كما تم إنشاء 52 محطة تموين سيارات ليصل الإجمالي التراكمي إلى حوالي 245 محطة، وإنشاء 15 مركزا لتحويل السيارات للعمل بالغاز ليصل الإجمالي إلى 88 مركز تحويل.

الهدف العميق؟

من المؤكد أن إسرائيل ليست هي أولوية أمريكا خاصة في هذا الوقت، فلكل حدث يحدث في العالم يجب أن يكون له موقعه في مشهد الصراع الأمريكي الصيني الروسي.
فالتحديّات الجسام التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية من كل من الصين وروسيا على قيادة العالم تجعلك تستغرب أن تهرول أمريكا لتنفيذ هكذا مشروع وتضغط بكل قوتها لتشكيل الحكومة مع الرئيس ماكرون واتصاله بالرئيس الإيراني رئيسي ودخول رئيس المخابرات المصرية ورئيس المخابرات الفرنسية على الخط من أجل تشكيل حكومة لبنان !

فما هو موقع مشروع الغاز العربي من مشهد الصراع الأميركي الصيني الروسي ?

القاعدة الذهبية التي تلجأ إليها أمريكا في سبيل ازاحة من ينافسها على قيادة العالم هي القتال بجنود الغير، ومَن أهمّ من المسلمين الذين يعشقون الجهاد والتضحية والشهادة في سبيل الله …
لذلك كما فعلت سابقاً في حربها الباردة مع الإتحاد السوفيتي الذي اوقعته بمصيدة أفغانستان، ودعمت الإسلام السياسي بكل قوتها واستقبلت قادته في أمريكا وفتحت لهم أبواب الجنات الأمريكية في أهم المراكز الإعلامية والمصرفية والمالية والسياسية …
وبالتأكيد سوف تلجأ ثانية للإسلام السياسي في حربها مع الصين وروسيا …
لذلك سوف تعمد أمريكا إلى توحيد الساحة الإسلامية، السنية والشيعية، وخوفاً من أن تنزلق هذه الساحة ضد إسرائيل وتشيح عن الهدف الأساس ألا وهو الصين وروسيا، سوف تعمد إلى توحيد الساحات الإسلامية واليهودية لكي تكون سداً منيعاً في وجه الصين وروسيا …
فمن المؤكد أن المسلمين سوف يقفون إلى الجهة الأمريكية في مواجهة الصين الشيوعية الملحدة، إلا أن السبب الوحيد الذي يمكن أن يكون حجر عثرة هو قضية فلسطين، ولذلك بدأت أمريكا بإطلاق تصريحات مستغربة عن القضية الفلسطينية للتقرب من المسلمين …
يقول روبرت دريفوس في كتابه "لعبة الشيطان" أن رئيس المخابرات السعودي زار الرئيس السادات وقال له أن أمريكا مستعدة لإعادة سيناء لمصر شرط أن يقوم السادات بطرد السوفييت وانتقال مصر إلى الجانب الأمريكي، وكلنا نذكر عشرات الاجتماعات بين الرئيس أنور السادات ومستشار الأمن القومي الأمريكي آن ذاك كيسنجر، ويؤكد روبرت دريفيس أن المخابرات الأمريكية و عدد من السياسيين الأمريكيين كانوا على علم بحرب أكتوبر المباغتة إلا أنهم لم ينبّهوا إسرائيل ...
وبالفعل قام السادات بطرد الخبراء السوفييت في 1972 وتم تحرير سيناء في ال 1973, دون التنكّر للمعجزات الاستخباراتية والعسكرية التي حقّقها الجيش المصري ...
وكلنا نذكر كيف لعبت الأسلحة المصرية السوفيتية الصنع التي سُلِّمت للمجاهدين في حرب أفغانستان دوراً كبيراً في الحرب … وهناك أيضاً العديد والعديد من الأحداث التي تثبت أن أمريكا في معركتها الكبرى على قيادة العالم ترضخ لأمور كثيرة، حتى لو تلقت إسرائيل صفعات مؤلمة …
لذلك لن تتوانى أمريكي عن التخلي عن المزيد من الأراضي الإسرائيلية للمسلمين إذا كان ذلك سوف يوحدهم إلى جانبها ضد الصين …
وقد فعلتها سابقاً وهي تختزن في بنكها اراض كثيرة ممكن أن تساوم عليها، وكأن أمريكا صنعت إسرائيل لهذه الاهداف، بنك من الأراضي المحتلة مستعدة أن تعيد جزء منها في كل مرة تحتاج فيها إلى الجهاديين الذي أدمنوا القتال والشهادة في سبيل الله فكيف إذا كان العدو لا يؤمن بالله.

أمريكا تتقرب من المسلمين

في 30 مارس 2021, قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة جو بايدن تقر بأن الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان محتلة من 1967
و في 5 February 2021, اصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرار ، أن الأرض الفلسطينية تدخل ضمن قرارها القضائي أي قادرة على إتهام مسؤولين صهاينة لاستخدام الأسلحة المحرمة دولياً .

نذكر أيضاً كيف غضت أمريكا النظر عن سعي باكستان للحصول على سلاح نووي ونجحت في ذلك رغماً عن الإرادة الأمريكية، لأنها كانت معبراً أساسياً للمجاهدين إلى أفغانستان

فهل تقوم أمريكا أيضاً بغض النظر عن النووي الإيراني من أجل وقف الاتفاق السري والذي سُرِّب بين إيران والصين والذي يجعل سلاح تجفيف منابع النفط ضد الصين غير مجدٍ، إذ أن إيران قادرة على فك هذا الحصار عن طريق خطوط أنابيب برية لا تخضع لأمريكا كالممرات البحرية وخاصة مضيق ملكا...
هذا التقارب الإيراني الصيني، دفع أمريكا بالحصار الاقتصادي على لبنان لتفجير الشعب اللبناني بوجه درة التاج الإيراني حزب الله، الذي سلم إيران راية فلسطين والتي تستخدمها في ترويض شعوبها وما أمكن من شعوب المنطقة في سبيل تمرير سياستها التوسعية، وبالتالي الضغط على إيران.
وكما أشرنا في مقالات سابقة أن الصراع الأمريكي الإيراني سببه الصين وليست إسرائيل أو محور المقاومة، فهل تستطيع إيران في هذا الوقت من الصراع الأمريكي الصيني من انتزاع النووي وتثبيت حالة خزب الله في لبنان ؟ فإيران تستغل الصراع الأمريكي الصيني عن طريق تسريب اتفاقيات أقرب إلى الخيال مع الصين لابتزاز أمريكا في سبيل تنفيذ مخططاتها التوسعية.
ولا يجب أن يغرب عن بالنا أن أكثر من يستفيد من سياسة إيران التوسعية هي أمريكا إذ أنها تدفع الخليج إلى الارتماء في احضان أمريكا لحمايتها من هذا العدو الذي صنع عن قصد أو من غير قصد …

وهل يستطيع العرب أن يستغلوا هذه الفرصة ويستعيدوا الجولان والقدس? ولم لا، فهذا هو السبب العميق للاحتلال الإسرائيلي، وهو إعادة ألحق لأصحابه، إلا أن الثمن سيكون غالياً وهو تأمين المجاهدين نحو أفغانستان و أيضاً تحضير مجاهدين لإغراق روسيا في الشرق الأوسط ،لمنعها من الإتحاد مع الصين لما يشكّل هذا الإتحاد من اعجاز أي قوة في العالم من قهره ، كما إغراق أوروبا وخاصة فرنسا ،باستثناء بريطانية التي سوف تلتحم مع أمريكا و-quad group ضد الصين ، في صراع الشرق الأوسط تحت عناوين أيديولوجية ابرزها حماية الأقليات المسيحية والتراث المسيحي ، و قد شهدنا الاستفزازات المتبادلة بين المسيحيين والمسلمين ، بين ماكرون واردوغان ومسلسل تشكيل الحكومة اللبنانية ...
فأمريكا أذكى من أن تدع دولة تتفرج على الحرب الطاحنة من دون الانخراط فيها، لأن ذلك سوف يتوّجها حاكمة العالم بعد انتهاء الحرب و انهاك كل الدول المشتركة فيها، فهي لن تنسى أنها تسلّمت قيادة العالم هكذا، بعد أن انهكت الحرب العالمية الثانية كل الدول باستثناء أمريكا ...

إذاً الحالة المثالية لأمريكا هي توحيد المسلمين، السني والشيعي وأيضاً اليهود في وجه الصين في سبيل إغراق روسيا وأوروبا في حرب طاحنة في الشرق الأوسط لمنع التحامها مع الصين وفي سبيل تأمين المجاهدين لأفغانستان وفي سبيل تكوين حائط سدّ منيع في وجه الصين في حال اقدمت على التوسع العسكري، إلا أن الصين في الوقت الحاضر والمستقبل المتوسط لا تفكّر وهي غير قادرة على التوسع العسكري إلا باتجاه جزيرة تايوان.

وكنا قد فصّلنا في كتاب "أمريكا وروسيا القطب الواحد إبداع في صناعة الأعداء والأصدقاء"، أن أمريكا صنعت داعش ومشروع غاز NABAKO الذي يهدّد الغاز الروسي باتجاه أوروبا و سلّمت الحكم للإخوان، فقط من أجل إرعاب روسيا وشدّها نحو الشرق الأوسط وعقد قرانها عليه وتسليمها مسؤوليته والتنعم بخيراته، شرط ألا تلتحم مع الصين، وإلا سوف ينفجر الشرق الأوسط في وجه روسيا وأوروبا ، من الإسلام السياسي السني والشيعي، التركي والإيراني، بدون التعرض لليهود ... لذلك تسعى أميركا إلى تطبيع كامل لدمج إسرائيل في المنطقة وتوحيد الساحات الإسلامية السنية والشيعية ومن ثم إرساء أسس الولايات الإبراهيمية المتحدة ، و مشروع خط الغاز العربي الذي يربط مصر ،الأردن ، سورية و لبنان بإسرائيل ،يدفع بقوة في هذا الاتجاه لذلك هرولت أمريكا لدعمه عبر البنك الدولي و تشكيل الحكومة اللبنانية.

الولايات المتحدة الإبراهيمية

الإبراهيمية هي ديانة جديدة تسعى وزارة الخارجية الأمريكية إلى وضع أسسها وتمويل دراستها بالتعاون مع جامعة هارفارد وجامعة فلوريدا و CIA ومراكز الفكر الأمريكية التي تعتبر مطبخ أمريكا والعقل السياسي لها. هدفها الظاهر التقريب بين أبناء الديانات السماوية لدمج إسرائيل في المنطقة إلا أن البعض يرى فيها ابتلاع إسرائيل للمنطقة وهي صفقات القرن الحقيقية.
وقد قامت جامعة هارفارد ببحث عن طريق إستطلاع المسيحيين والمسلمين واليهود في سنة ٢٠٠٠ فوجدوا أن أب الأنبياء إبراهيم، هو القاسم المشترك بين الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية وقد اقترحت إنشاء ديانة تتكلم عن المشترك وتضع الاختلاف جانباً، بهدف دعم التسامح وحل الصراعات ونزع القدسيّة عن الأماكن المقدسة القديمة واعطائها للأماكن المقدّسة الجديدة للديانة الإبراهيمية ، أما القادة الروحيين خاصة الصوفيين فمهمتهم التقريب بين الأديان ، كما تقوم أيضاً على انشاء أسر السلام لحل الخلافات والقيام بالأعمال الإنسانية. كما أسس طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق جمعيات لدعم الحوار الإبراهيمي.
وقامت جامعة هارفارد بوضع مسار سيدنا إبراهيم وهو المسار الذي يربط كل الدول العربية لغاية المغرب العربي إضافة إلى تركيا وإيران وإسرائيل وهو رحلة سيدنا إبراهيم من تركيا إلى مكة والمدينة في الإسلام ومصر في المسيحية. إلا أن المشروع يقول أن أراضي المسار لا تعود ملكيتها لشعوب المنطقة، انما تكون عالمية دولية مشتركة، والهدف ألا يشعر شعوب المنطقة بملكية لهذه الأراضي المقدسة انما الإيمان بالفكرة وليس بالملكية. كما قامت UNRWA بتغير اسم القدس ب"المدينة الإبراهيمية" في الكتب الابتدائية للطلاب الفلسطينيين.
كما يقوم المشروع على إزالة الحدود السياسية بين الدول الإبراهيمية، كما قال كوشنر أن هدف صفقة القرن إزالة الحدود السياسية وقيام إتحاد فدرالي للمنطقة. وقد وصف ترامب الإتفاق الإسرائيلي الإماراتي بالإتفاق الإبراهيمي.
وقد وضعت جامعة فلوريدا أسس الولايات المتحدة الإبراهيمية، حيث تتحد هذه الدول في اتحاد فدرالي، تكون السلطة الفدرالية في يد إسرائيل وتركيا، استنادا إلى أن الموارد توجد في دول لا تملك التكنولوجيا اللازمة للحفاظ عليها وهذه الموارد تتناقص مع الزمن، لذلك وبهدف إدارة هذه الموارد بطريقة مثالية سوف تكون السلطات الفدرالية في يد الدول التي تملك التكنولوجية أي إسرائيل وتركيا.

الدكتور شادي نهرا

  • شارك الخبر