hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - رنا قرعة

الشباب اللبناني لن يبقى مسروقاً

الثلاثاء ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 00:20

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا تزال الجملة التي لاحقت جيل ما بعد الحرب "ما شفتو لي نحنا شفناه" تتكرر على مسامعه، بالرغم من الأزمات المتلاحقة التي تهطل على اللبناني، أكانت إقتصادية أم معيشية أم إجتماعية أم سياسية. تلك الجملة، وبالرغم من ضبابيتها بالنسبة للأفراد الذين لا يملكون أدنى فكرة عن هذه "الشوفات"، إلا أنها كانت دائماً السند لشباب اليوم، الذي أصبح يخفف من حدة الأزمات الحالية مقارنة بالسابقة منها، فأصبح يبتلعها، خَجِلاً من البوح بها، كونها لا تشكل نقطة في بحر المعاناة السابقة.

إلا أن الويلات، وبالرغم من أنها لم تأخذ إستراحة منذ العام 2005 حتى يومنا هذا، جعلت جيل الحرب في الفترة الأخيرة يقلب جميع مقاييس الجملة لتصبح "حتى بإيام الحرب ما شفنا لي عم نشوفو هلق". ففي فترة الحرب، وبالرغم من المآسي التي لا يمكن لأحد إغفالها أو التقليل من وطأتها على جميع الصعد، إلا أن اللبناني كان يعيش في البحبوحة، كان يأكل، يسافر، يعمل، يتزوج، يتعلم، يؤسس لمستقبله الذي كان "واقف على صوص ونقطة" في الوطن، أو يهاجر هرباً من الحرب، وأهم من هذا كله، لم ينقطع يوماً أمله بوطنٍ أفضل.

هذا الأمل اليوم لم تعد طريقه سالكة إلى الجيل الشاب، لا بل ازدادت العثرات مع مرور الأيام، فالحرب التي يواجهها أعنف وأكثر تدميراً من الحرب السابقة. في الحرب، يعرف المحارب عدوه، أما اليوم فالعدو غامض ولا وجود للأسلحة في يد المحارب.

شباب اليوم: معاناة أم لعنة؟

مع مرور الزمن، سطت التكنولوجيا على حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من يومياتنا، الأمر الذي أدى إلى قفزة نوعية في عين البعض وكارثية في عين البعض الآخر، ما أحدث تغييراً سريعاً للعصر. وكما جرت العادة، أول من يتأثر عند ظهور شيء جديد هو الجيل الشاب. هذا الجديد، وسم هذا الجيل بصفات عديد منها، الأنانية، الإتكالية، اللامسؤولية. فالصورة التي تؤخذ مرة لا يمكن إزالتها حتى ولو لم تكن صحيحة.

ولكن، هل طرأ على بال أحد أن يسأل، هل هذا الجيل الشاب هو حقاً ما نتوقعه؟ هل سأل أحد يوماً كيف يعيش الجيل الجديد؟ ما المستقبل الذي ينتظره؟ ما الصعوبات التي تواجهه في هذا البلد؟ هل تلك الصفات هي التي تعرقل تقدمه، أم أن هناك رواسب ماضية هي "أصل المشكل"؟

الجواب، كلا، لم ولن يسأل أحد. ولكن ها هو الجواب: الشباب اللبناني مسؤول، ليس أنانياً، والأكيد أنه ليس إتكالياً، لا بل على العكس، لم يمر على هذا الوطن جيل "كادح" كهذا الجيل، جيل متعلم كهذا الجيل، جيل طامح للأفضل كهذا الجيل. والأهم من هذا كله، لم يمر على هذا الوطن جيل مستقل سياسياً كهذا الجيل.

هذا الجيل دفع ولا يزال يدفع ثمن أخطاء الماضي. كما أنه نفض عنه غبار الطائفية والتبعية والإنعزالية والتطرف. هذا الجيل واجه ولا يزال غدر الزمان، ووقف صامداً أمام الويلات الإجتماعية والإقتصادية التي لا تنفك تفتك بمجتمعنا. واجه البطالة، والغربة، و"البهدلة"، واجه العادات والأعراف، ونفض عنه غبار ما صنعته الأيادي التي سبقته، محاولاً ترميم الدمار وإزالة العفن.

ولكن، تلك الكلمات ما عادت مزروعة في داخله، باتت شعراً يسمعه ليغذي أمله الذي أصبح ضائعاً حائراً متسائلاً، أما زال الأمل موجوداً؟ هل هذا الأمل المبهم سيخفف من حدة المعاناة التي نعيشها؟ هل سيتمكن هذا الأمل من إزالة اللعنة التي تتربص بالبلد؟

هذا الجيل ينتظر يوم التخرج من الجامعة ليغادر بلده ويؤسس لمستقبله في الخارج، لا بل أصبح الأهل يشجعون أولادهم على الهجرة. نعم، ما من أحدٍ رأى ما يراه هذا الجيل اليوم، هذا هو الجيل الذي، للأسف تَصحّ تسميته ب "الجيل المسروق".

  • شارك الخبر