hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد طوني مخايل

الرباعية القاتلة

الأربعاء ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 00:36

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في علم الإدارة، عندما يتسلم شخص ما مركز مسؤولية وقرار، من دون كفاءة مهنية وانما بطرق ملتوية عديدة، كالواسطة، او القربى، او المال او أي سبب لا يمت الى الجدارة بصلة، فماذا يحدث؟

يعجز هذا المسؤول عن القيام بواجباته الأساسية والرئيسية لقلة كفاءته، ويصب إهتمامه على الثانوي منها. ومن الطبيعي ان تكون النتيجة النهائية لهذه المنهجية في العمل الفشل المهني لهذا المسؤول، واضراراً كارثية على العمل الذي يضطلع به وعلى العاملين معه. وكلما علا المركز او المنصب كلما كانت الخسائر والأضرار أكبر وأفدح، فما بالك اذا كان يقوم بوظيفة عامة يترتّبُ عليها مستقبل بلاد وعباد.

تفيض المؤسسات الدستورية والإدارية في لبنان بهذ النوعية من المسؤولين، مع ثلاث قدرات إضافية تميزهم عن بقية مسؤولي العالم، وهي العبقرية الفطرية في إدارة المال العام للصالح الخاص، والنهج المليشياوي في العمل خارج القوانين والتعليمات، واخيراً القدرة الفائقة على تعطيل الخطط والمشاريع التي يتقدم بها خصمه السياسي حتى ولو كانت مفيدة للمصلحة العامة.

تصنيف جميع المسؤولين الرسميين في لبنان ضمن هذا الاطار فيه ظلم وتجنٍ على الأقلية منهم، التي وبالرغم من هذه الرباعية القاتلة المسيطرة على السياسة اللبنانية منذ انتهاء الحرب عام ١٩٩٠، ما تزال تقاوم هذا النهج على أمل إحداث خرق في جدار هذا النظام والقضاء على مكوناته الأربعة.

هذا المزيج السام ما بين قلة الكفاءة وسوء إدارة المال العام والفكر المليشياوي المسيطر والقدرة على تعطيل مخططات الخصم، أوصلت البلاد الى ما وصلت اليه على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والمالية.

إتفاق الطائف وهو دستور الجمهورية الثانية منذ العام ١٩٩٠، عجزت أغلبية الطبقة السياسية الحاكمة عن تطبيق ما جاء حتى في مقدمته، من أن لبنان وطن حر وسيد، وحماية حقوق الانسان، والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين، وبأن الشعب مصدر السلطات، وإلغاء الطائفية السياسية. والأهم إقامة الدولة المدنية.

يتابع هذا المكون الرباعي تأثيره على أكثرية نواب الأمة، فبدلاً من التركيز على المهام الأساسية للنائب، وهي تشريع القوانين ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية لمساءلتها ومحاسبتها، أصبح العمل اليومي لغالبيتهم، يبدأ بتسيير مصالح البعض القليل من ناخبيهم في مؤسسات الدولة، وخاصة التي تتوافق مع مصالحهم المالية والانتخابية، لينتهي بتقديم واجب العزاء والتهنئة، وما بينهم من أعمال لا تمت الى الوظيفة الأساسية للنائب بأي صِلة، وهذا النهج في العمل الرسمي والسياسي ينطبق على الأكثرية الوزارية وباقي المسؤولين في الدولة اللبنانية.

الحديث عن توزير اختصاصيين غير سياسيين، اذا ما تم وفقاً للوصف الدقيق للكلمات، تكون الإدارة اللبنانية قد تخلصت حكماً من مكونين اثنين من الرباعي، وهما قلة الكفاءة والنهج المليشياوي في الحكم. ويبقى العنصران الآخران أي الفساد في الإدارة وتعطيل مشاريع الخصم السياسي، وهي من مسؤولية رجال الصف الأول اللبناني لردع المحسوبين عليهم لتسير عجلة الدولة تبعاً لما يتمناه المواطن.

الأنظمة السياسية ودساتيرها وقوانينها رهنٌ بالقيّمين على تطبيقها وتنفيذها، وليس بالنصوص والكلمات التي تتكون منها، وتغيير المنهجية والذهنية في ممارستها هي السبيل الوحيد للإصلاح والخلاص.

  • شارك الخبر