hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشّابة

الحوار التركي المصري في مصلحة من؟

الجمعة ١٤ أيار ٢٠٢١ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أثّر توزيع القوى العالمية والإقليمية في حقبة الحرب الباردة، في معظم جوانب العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا كدولتين مستقلتين. كما أن سياسة أنقرة والقاهرة الإقليمية والعلاقات الثنائية لم تكن بمنأى عن هذا التوزيع.

تعتبر مشاركة تركيا في حلف شمال الأطلسي رداً على العلاقات الوثيقة التي بناها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع الاتحاد السوفياتي بعد وصوله إلى السلطة، من أهم المؤشرات التي تدل على حالة التذبذب التي شهدتها تاريخياً العلاقات التركية - المصرية.

أما في موضوع العلاقة مع إسرائيل، فكانت تركيا تدعم المبادرات العربية خلال الحرب الباردة، حيث كانت تُعدّ من النقاط المشتركة في السياسة الخارجية للبلدين.

وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، لم يكن هناك تغيير كبير في مسار العلاقات الثنائية، سلباً أو إيجاباً، إلى أن جاء عام 1998، حيث لعب الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، دورًا مهماً في نزع فتيل الأزمة بين تركيا وسوريا، والتي نشأت على خلفية دعم سوريا وقتها لمنظمة "بي كا كا" الكردية. ومن بعدها جاءت مرحلة الربيع العربي وكانت نتيجته قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2013 بين البلدين، ما أدى إلى توترات مختلفة بينهما سياسية واقتصادية وأمنية.

عودة الاتصالات

أدّت المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية وفوز جو بايدن بالانتخابات الأميركية وإحداث بعض المتغيرات في سياسة أميركا في المنطقة، إلى خلط الأوراق السياسية وتبدّل الأولويات. فتركيا من جهة تريد فك العزلة وفتح قنوات تواصل جديدة، ومصر تريد تحصين نفسها وفتح آفاق سياسية وأمنية واقتصادية. ولكن هذه الإتصالات حتى اليوم ليست سوى زيارات استطلاعية وفتح ثغرات لبناء المصالح المشتركة، وتذليل العقد إن كان على الصعيد الثنائي أو الإقليميي.

أبرز نقاط الحوار الثنائي

من الواضح أن هناك رغبة تركية، سلطة ومعارضة، في تذليل التوترات مع مختلف دول المنطقة وخاصة في الشرق الأوسط، وبدأت ملامح هذه السياسة مع تولي بايدن منصبه واعترافه بالإبادة الأرمنية. ومن اهم الدول التي تعتبر تركيا انه يمكن أن تفتح أبواباً لها لأسباب مختلفة هي مصر. من هنا حصل إقرار البرلمان التركي بالإجماع تشكيل لجنة صداقة برلمانية مع مصر، إضافة إلى تصريحات المسؤولين الأتراك والاجتماعات الثنائية التي حصلت خلال الفترة الماضية.

ولكن إجراء اتفاقٍ سريعٍ بين البلدين ليس أمراً سهلاً، لأن هناك ملفات شائكة مختلفة وملفات طاولة المفاوضات الرئيسية هي كالتالي: تأتي على رأسها مناقشة عودة العلاقات الدبلوماسية، والتنسيق في الملف الليبي، وشرق المتوسط، بما قد يفضي إلى توقيع اتفاق في المنطقة الغنية بالغاز، إلى جانب أوضاع المعارضة في كلي البلدين.

والسيناريو الاكثر ترجيحاً أن تعود العلاقة بين البلدين من خلال المراحل التالية: توقف التصريحات الهجومية بين البلدين، عودة العلاقات الدبلوماسية والبدء بالتنسيق في الملفات الاستراتيجية التي ذكرناها، إضافة إلى الزيارات الثنائية بين البلدين من خلال اللجان البرلمانية وغيرها لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي.

الملف الليبي

أي تقارب يحصل بين البلدين سيؤثر بشكل إيجابي على ليبيا، ويبدو أن هناك وجهات نظر قريبة تشوبها أحياناً بعض المناكفات، ولكنهما متفقان على إجراء انتخابات في موعدها المحدد نهاية العام، إضافة إلى اعتراف تركيا بملتقى الحوار السياسي الذي أطلقته مصر بخصوص ليبيا، وإعادة فتح السفارة المصرية في ليبيا. ولكن هذا التقارب بالملف الليبي بحاجة إلى ترجمة بأدوات تنفيذية من خلال حلحلة العقد بخصوص الحدود البحرية وغيرها.

شرق المتوسط

نجحت القاهرة في إطلاق منتدى الغاز لشرق المتوسط، وانطلق من خلاله ترسيم العلاقات بين دول الإقليم على أسس جديدة ومنهج محدد، وهو يعد فرصة لتركيا في حال تقدمت بطلب وتمكنت من التفاوض، والانتقال إلى مرحلة أخرى من المشاورات، وهو ما سيحتاج إلى مهارات كبيرة للمفاوض المصري على أكثر من مسار، وعبر أكثر من أسلوب تفاوض ما بين الأمني والسياسي والاستخباراتي.

جماعة المعارضة للبلدين

انعكست التهدئة بين البلدين بصورة مباشرة على وضع المعارضة المصرية في تركيا، وعلى الجانب الآخر ظهرت دعوات تتحدث عن ردود فعل مصرية متوقعة ضد "جماعة غولن". وهذا يصب في المصلحة المشتركة للتخفيف من الحرب السياسية والإعلامية للطرفين، ما يخلق اجواء استقرار داخلي بشكل أفضل، ولكن ما زالت هناك حالة تروٍّ لكيفية حلحلة هذا الموضوع بعدما وصل الشرخ إلى حد كبير.

مسار جديد في المنطقة

أي تغير بمسار العلاقات بين البلدين سيلعب دوراً رئيسياً في تغير الخريطة السياسية في المنطقة، فكل دولة تبحث عن دور جديد لها وعن حماية مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية. ولكن هنا نتحدث عن دولتين نافذتين، ولكل منهما نقاط قوة مهمة تؤدي إلى قلب الموازين في منطقة الشرق الأوسط. خلال المرحلة القريبة سيصبح التقارب بين الدول المتخاصمة خلال السنوات الماضية حاجة للمنطقة بفضل المتغيرات السياسية الجديدة في الشرق الأوسط، وذلك بفعل تغيّر الأولويات الأميركية، ما سيؤدي إلى تسويات شاملة وإلى حروب في مقلب آخر بفعل هذه المتغيرات.

  • شارك الخبر