hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - لمى علي

الحدود اللبنانية ــ السورية: ابن الـ24 عاما "المهربجي" يخبرنا…

الأربعاء ٢٣ حزيران ٢٠٢١ - 07:11

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إستمع للخبر


ليس جديداً الحديث عن الدخول والخروج غير الشرعي بين سوريا ولبنان، وليس خافياً على أحد سهولة التهريب بين هذين البلدين بوجود الكثير من الاختراقات لحدود تمتد على مسافة 375 كيلومتراً. غير أن امتهان هذا المجال نشط في الفترة الأخيرة وانتعشت أسعاره نظراً الى زيادة الإقبال عليه، وخاصة بعد جائحة كورونا وما فرضته من تقييد معنوي ومادي على الحدود النظامية، بالإضافة إلى قرار الحكومة السورية فرض تصريف مبلغ 100 دولار على السوريين ومن في حكمهم عند دخول أراضيها، فازداد رزق المهربين من تحت الشريط الحدودي، ومن فوق القانون أيضاً الذي لم ـــ ويبدو أنه لن ـــ يتمكن من ضبطهم.

«أرزاق» ومصالح
من الواضح مدى صعوبة دخول شخصٍ جديدٍ إلى «باب رزق» مهنة التهريب، فـ«أهل مكة» ليسوا فقط أدرى بشعابها، بل لا يسمحون لغيرهم بدخول هذه الشعاب؛ غير أن هناك من يرى في هذا العمل «غاية وحلماً» فيتقرّبون من أربابه حتى ولو بـ«السمسرة».

كانت المرة الأولى التي يقطع بها الشاب «س. ع.» (24 عاماً) الحدود اللبنانية من معبر العريضة إلى سوريا تهريباً، من أصعب المواقف التي تعرض لها في حياته، لما حمله من قلقٍ وخوفٍ كبيرين في وقت مجموعه لا يتجاوز الساعة الواحدة، رغم أنه اختار الطريق الأسهل والأغلى أجراً (وفق الأسعار المتعارف عليها)، وبعد ذلك اعتاد ـــ إلى حدٍ ما ـــ على الرحلة التي خاضها عدة مرات خلال السنوات الأربع التي قضاها في لبنان لإنهاء فترة السفر الخارجي بغية دفع بدل الخدمة الإلزامية في بلاده.

لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل عمد الى توطيد علاقته مع أحد المهرّبين على الجانب السوري، وعند عودته إلى سوريا بدأ العمل سمساراً لجلب الزبائن له، والحصول على ما يستطيع من مالٍ «حسب شطارته» فوق السعر المحدد له من قبل المهرّب، ويقول لـ«الأخبار»: «يومياً هناك 4-5 دفعات من الأشخاص يدخلون أو يخرجون من الحدود اللبنانية بشكل غير شرعي، يتفاوت عدد الأشخاص في المجموعة الواحدة بين 5 إلى 15 شخصاً حسب ظروف كل رحلة، يتم تبادل الأشخاص بين المهرّبين السوريين واللبنانيين في نقاط محددة ومواعيد متفق عليها بينهم مسبقاً لسهولة إتمام العملية».

ويوضح أن «المهربجي (حسب مفرداته) يحمل سلاحاً لحماية الأشخاص معه، ويفرض عليهم قواعد معينة أثناء العبور كعدم استخدام الموبايل أو إشعال سيجارة، ويمنع الحديث بين أفراد المجموعة، وأحياناً يجبر بعضهم على حمل أغراض يرغب المهرّب في نقلها معه خلال الطريق».

ويختم السمسار حديثه: «إنه عمل مربح بلا شك، غير خطير كما هو معروف، لأن المهربجية متفقون مسبقاً مع أمن الحدود، سواء السورية أو اللبنانية، وللعناصر القائمين على ذلك حصتهم من كل تهريبة، وهم يقدمون خدمة لأناسٍ بأمسّ الحاجة إليها».

نهر و«بلا نهر»
لم تعد هناك صورة نمطية موحدة للمهرّب، فالصفات السيئة التي كنا نعتقد أن كل مهرّب يحملها تحت عنوانٍ عريضٍ هو «الشر»، غيّرتها نظرة المستفيدين منهم بعدما نُفِذت لهم مهمة التنقل غير الشرعي بسلامة، وهم غير قادرين على تنفيذها بشكل مشروع.

بالقرب من معبر الدبوسية الذي يربط بين قرية العبودية اللبنانية وقرية الدبوسية التابعة لمحافظة حمص في سوريا، كانت الرحلة الأخيرة التي عبرت فيها أم محمد وسلفتها، مع 3 أطفال لا يتجاوز عمر أصغرهم 4 سنوات، الحدود من لبنان إلى سوريا وبالعكس.

اختارت السيدتان في هذه الرحلة «طريق النهر» كما هو متعارف عليه، أي النهر الكبير الجنوبي، لتدفع كل منهما مبلغ 500 ألف ليرة لبنانية بدلاً من 800 ألف ليرة بهدف التوفير، وخاصة أنهما تدفعان هذا المبلغ في الذهاب والإياب مرة كل شهر ــــ على الأقل ــــ لزيارة زوجيهما اللذين يقيمان ويعملان في لبنان بعدما «فرّا خارج سوريا لأسباب أمنية».

تقول أم محمد: «قطعنا الحدود من لبنان إلى سوريا مع ثلاثة مهربين، واضح من لهجاتهم أنهم لبنانيان من أهالي عكار وسوري يرتدي بذلة عسكرية، كان عدد مجموعتنا 6 أشخاص، معنا ثلاثة شباب ومسنّ، فطلب أحد المهربين من الشباب مساعدتنا أنا وقريبتي بحمل الحقائب أثناء الرحلة التي نمشي فيها حوالى ساعة قبل النهر ونصف ساعة بعده، كما ساعدونا في حمل الأطفال أثناء اجتياز النهر». الامرأتان تمدحان «رجال التهريب»، وتقولان «بعد كل رحلة شاقة تستمر أكثر من 24 ساعة، نبيت معهم في بيت واحد؛ لم نر منهم إلا كل خير»!

رحلةٌ مرفّهة
ليس كل من يقطع الحدود بطريقة غير شرعية يقطعها بظروفٍ صعبةٍ وقاسية، فهناك من تُمهد لهم الطرقات «على البارد المستريح» وينتقل من بلد إلى آخر كأنه في رحلة خمس نجوم، وذلك يعتمد على الجهة التي يقع عليها خياره في عملية التهريب.

اجتاز الشاب «أ. غ.» (30 عاماً)، الذي يدرس في إحدى الجامعات اللبنانية، الحدود إلى/ ومن بلده سوريا خلال العام الماضي عدة مرات بطريقة غير شرعية، وذلك توفيراً لمبلغ الـ 100 دولار المفروض عليه تصريفه إلى الليرة السورية عند الدخول (وذلك قبل صدور قرار من رئاسة مجلس الوزراء السوري بإعفاء الطلاب الدارسين في جامعات خارج البلاد من التصريف المذكور لمرتين في العام).

لكن أموره كانت تتم بسهولة إلى حدّ ما، على اعتبار أن والده كان قد نسّق له مع «معارفه» أمور التنقل بالمجان، عبر معبر جوسيه. يدّعي الشاب أن جماعة من «حزب لبناني معروف» هم من يؤمنون له الطريق، وعن تفاصيل الرحلة يؤكد أنها سهلة جداً، حيث يصل إلى المكان المتفق عليه، ليقلّه شاب على الدراجة الهوائية إلى النقطة المطلوبة، ويضيف: «نعبر نقاط التفتيش التي يشرف عليها الأمن اللبناني من دون أي أسئلة، وعند الوصول إلى الجانب السوري نتحدث باسم (واسطتنا)، وإذا اضطر الأمر يرسلون لي سيارة تنقلني 50 متراً حتى لا أتعرض لأي سؤال».

«خروقات لا تنسيق»
حتى وإن كانت القبضة محكمة على المنافذ غير الشرعية، هناك دائماً من يستطيع الإفلات.

مصدر في الهيئة العامة للجمارك، رفض التصريح عن اسمه، أشار إلى وجود 136 معبراً غير شرعي بين سوريا ولبنان، وإلى أن ضبط هذه المعابر مهمة مستحيلة وبحاجة إلى جيش كامل لمنع حدوث أي حالات تهريب.

ويوضح المصدر لـ«الأخبار» أن أي دولة في العالم مهما امتلكت من إمكانات ووسائل متطورة لن تتمكن من ضبط حدودها بشكل كامل؛ وعن الوضع في سوريا يقول: «رغم وجود عدة جهات مشرفة على ضبط الحدود السورية، وهي: (قوات حرس الحدود (الهجانة)، الأمن السياسي، الأمن العسكري، الفرقة الرابعة، الجمارك) حسب كل منطقة، إلا أن عدد العناصر المكلفين بهذه المهمة غير كافٍ»،

ويُرجع المصدر السبب الرئيسيّ «لانفلات» الحدود بين سوريا ولبنان إلى أن «المهربين هم من أبناء القرى الحدودية التي يتم التهريب عبرها ولا يفصل بينها أكثر من دقائق مشياً على الأقدام، وهم يعرفون الطرق الواصلة بين القرى أكثر من جهات الدولة الموجودة هناك، ويدخلون ويخرجون بحجة زيارة الأقارب على اعتبار وجود علاقات عائلية متينة بين أبناء تلك القرى، بالإضافة إلى عدم وجود نقاط تفتيش أو حواجز عند بعض الطرق الفرعية»، نافياً كل ما يشاع حول وجود اتفاقات مسبقة بين عناصر الحدود والمهربين.

ويشرح المصدر: «لا يوجد تساهل بوضع الألغام في الطرق المعروفة بأنها تستخدم للتهريب، أو إلقاء القبض على مهربي الأشخاص، بالإضافة إلى عمل الدورات المشتركة السورية – اللبنانية الموجودة باستمرار».

مجلس الوزارء السوري كان قد أصدر في عام 2018 قانون «منع تهريب الأشخاص وحماية المهاجرين» الذي ينصّ على «معاقبة كل من هرّب أشخاصاً بطرق غير مشروعة بالسجن من 3 أعوام إلى 15 عاماً، وبغرامة تعادل ضعف ما يعود عليه من النفع، على ألا تقلّ عن مليوني ليرة سورية».

الاخبار

  • شارك الخبر