hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

الجمهورية المستحيلة في سبع كلمات

الإثنين ١ حزيران ٢٠٢٠ - 06:22

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

1- مع إطلاق حزب ماروني جديد بإسم: فجر الجمهورية؟ أُذَكّر شامل روكز صهر فخامة رئيس الجمهورية اللبنانيّة، إن لم يلفت انتباهه أحد بعد، إنّ في لبنان، ما عدا السهو والخطأ، 19 حزباً للطائفة المارونية، 14 للسنّة، 6 للشيعة، 7 للدروز، 7 ناصرية، 4 أرمنيّة،4 لقوميّة عربيّة، 9 يسارية، حزبان كرديّان وحزبان للأقليّات، و10 أحزاب قليلة الفعاليّة.
المجموع 48 حزباً ما ألّفوا ولن يؤلّفوا وطناً فلا تحلموا أيّها اللبنانيون غير الحزبيين، إذن، إلاّ بالجمهوريّة المستحيلة. نسينا فجر الجمهورية. سيصبح العدد 49 حزباً والحبل على الجرّار إن بقيتم تتفرجّون على الجمهورية المستحيلة.
هذه كلمة أولى ضرورية.
2- تستقرّ الكيديات الطائفية والمذهبيّة دمغة الهويّة المنغّصة للّبنانيين عبر تاريخ وطنهم. والإسم الأنسب الذي أقترحه لهذه الأوضاع المرّة والإنهيارات وتخبط المسؤولين العام وضياعهم العارم وتضييع مواطنيهم وتدمير وطنهم، هو مكائد القادة العشوائيين. نعم عشوائيات وإجرام طائفي في التفكير والقول والتصريحات والسلوك والعنف، بما يُبقي على لبنان ذلك الوطن المستورد أو الجمهورية المستحيلة.
نعم لبنان الدولة المستحيلة مع أنّه سيطفيء في الأوّل من أيلول المقبل شمعته المئة على قيام ما عُرِف ب "دولة لبنان الكبير". إنّ قرناً من نشوئه وحروبه وتجاربه الدموية، لم تكفِ لإيصال اللبنانيين غير الحزبيين وغير الطائفيين سوى إلى الكفر بوطنهم وتركه نحو زوايا الدنيا، بهدف العيش مثل أبسط الشعوب والأوطان في العالم.
كلّما "دقّ الكوز بالجرّة"، أوكلّما فكّر البعض بتأسيس حزبٍ أو جمعيّة أو مؤسسة أو حتى عائلة بهدف التغيير، ينتصب في وجههم السؤآل الذي يوسّع جمهورية الممالك والطوائف: أيّ لبنانٍ نريد؟
هو السؤآل الحاضر والمقيت المطروح قبل تلفّظ كلمة لبنان المعاصر.
ما الجديد في لبنان أيّها العرب من حولنا؟
حنين معلن إليكم أوّلاً، لربّما تندلق أكياس الأموال والمساعدات من دول اعتاد لبنان عليها، مثل السعودية وقطر ودبي ومعظم دول الخليج وغيرها، ومن المهاجرين الذين توقّفوا عن التحويلات الماليّة. القجة نُهِبت بمعظمها وهُرّبت محتوياتها إلى الخارج حيث هم.
تسابق مقيت على التخريب العام، وهرولة تسوّل على أبواب الصندوق الدولي، في ظلّ ارتفاع نغمات الفدرالية والتقسيم المقنّع والإعتراض الشامل على النظام والصيغة اللبنانية، وحتّى رفض تاريخ ولادة لبنان على أيدي القابلة الفرنسية "الإستعمارية" و"الإحتكارية"، وإعلان سقوط صيغة نظام التعايش بين بشارة الخوري الماروني ورياض الصلح السني في ال 1943. يعيدنا المفتي أحمد قبلان في خطبة عيد الفطر وعلى باب مئوية لبنان الكبير، إلى إعلانه عقم النظام وعقم الزمان بحاضره ومستقبله. ليس هناك من جمهورية في لبنان بعد. لكن لنتذكّر وطننا من حيث بدأناه إلى اليوم.
3- صحيح أنّ نشأة لبنان جاءت برفع سقفٍ فوق نظام القائمقاميتين والمتصرّفية وبرعايةٍ فرنسيّة، لكنّ الأصح أنّ المؤسسين اندثروا، ولا يتصوّر طفل صغير أنّ مئة سنة من الإقامة في حيّز واحد يمكن أن تُنشيء وطناً طبيعياً قادراً أن يحكم نفسه بنفسه من دون التواء الأعناق نحو الخارج المشرّعة الأبواب في الشرق والغرب. إن ربط الفساد اليوم بفساد المؤسسين لا معنى له لأنهم يمعنون في الفساد والتدمير، وإنّ التوصّل إلى دستور اتفاق الطائف بعد حروب أهلية استمرّت 15 سنة، ليس خطأ الآخرين، بقدر ما هو فشل مسؤوليه في إرساء نظامٍ حديث ومعاصر ومشذّب من يباس العصبيات المتجددة.
4- جبل لبنان هو المحور الصلب الذي اختزن الأقليّات التاريخية عبر التاريخ، وفي رأسها الموارنة والدروز. إن قراءة تاريخ لبنان في العصر الوسيط بين القرنين 9 و15، أو بين الفتح الإسلامي والفتوحات العثمانية، تجعلنا نُدرك جذور تلك الوعورة، وفشل القوى العظمى على تطويعها، وقبل أن يكون هناك غرب بالمعنى الحديث. لم يحوّل اللبنانيون أنظارهم من الشرق الى الغرب إلاّ بعدما نصبت تركيا مشانق الأحرار، وتحوّلت إلى الرجل المريض الذي كان لا بدّ من تقاسم أراضيه الشاسعة. وما حوادث 1860 الطائفية سوى المحطّة الدموية الأولى التي أثخنت أجساد اللبنانيين في الجبل، وتركت ندوباً لم تيبس على شفاههم بين الأجيال.
بقي الجبل الماروني النواة الصلبة العاصية على تطويعها وكسرها من قبل الغزاة. أورثت تلك النواة اختزاناً لإعتداد جيني لدى أهل الجبل، أكسبهم الصلابة والتمايز والقوة، كما التعالي للعائلات والباكوات والإقطاعيات التي ماشت الأتراك وملكت الأراضي والأحكام.
5- بعث البطريرك الماروني الياس بطرس الحويّك بمذكّرة ( 25 /10/ 1919 ) إلى مؤتمر الصلح في باريس جاء فيها: إن لبنان لا يطالب إلاّ بإعادة مناطقه إليه، التي يقرّها التاريخ، وتثبتها خريطة رئاسة الأركان الفرنسية لسنوات 1860-1862. إنّ إعادة لبنان إقليمياً إلى حدوده التاريخية كما يلي: غرباً البحر المتوسط، شمالاً النهر الكبير وخط ينطلق من هذا النهر ويلتفّ حول سهل البقيعة والضفّة الشرقيّة لبحيرة حمص. شرقاً قمم الجبل الشرقي" أنتيليبان" وقمم جبل الشيخ "جبل حرمون". جنوباً خط ينطلق من أواخر مرتفعات جبل حرمون ليلتفّ حول حوض بحيرة الحولة، جنوباً. وخطّ ينطلق من الجبال الواقعة شرقي هذه البحيرة ثمّ يلتفّ حولها لينتهي غرباً عند رأس الناقورة، وهي تتطابق مع كيان جغرافي عرف في الماضي بإسم فينيقيا، وألّف في العصور الحديثة حتى ال 1840 الأراضي اللبنانيّة.
5- وجاء في عريضة أهالي الجنوب ( 26/10/1919 ): "إنّنا نطالب بالإنضمام إلىلبنان فراراً من خطر الصهيونية، ولا نريد أبداً أن نلحق بفلسطين. وإن خفنا أبناء اسرائيل فلا لوم، فإنّ أميركا الغنية القوية خافت من الياباني وأغلقت في وجهه أبواب بلادها. وفلسطين كصور أرض زراعية فلا يمكن أن تكون سوقاً لنا ولا نذكر أننا أخذنا منها أو أعطيناها في زمنٍ من الأزمان. ثمّ أنّ أخلاقها وموائدها تختلف كثيراً عن أخلاقنا وموائدنا وعوائدنا. فلا يكون بيننا امتزاج وسلام. إن أبى مجلس الأربعة أو مؤتمر السلام إلاّ إلحاقنا بفلسطين فيكون قد ارتكب جنايةَ عظمى يتبعها ولا شكّ جنايات". ووقّع العريضة، أهالي: صور وجويا وديركيفا ومزرعة مشرف ودير عامص والبياض والمجادل ودير خطار وبرج قالويه وكونين وبيت ياحون وطيرزبنا ودير قانون وتبنين (قرية نبيه بري) والجميجمة وعيتا ورشاف واليهودية وشمع وحانويه وقانا ويارون والحبيبة وطيرحرفا وعلما الشعب والشيخية والباسولية وعين ابل والقوزح ودبل.
6- تلقّى جورج بيكو 62 عريضة في27 /10/1919، تطال أيضاً مؤتمر الصلح، بتوسيع حدود لبنان الطبيعية والتاريخية ( 47 من البترون، 12 من الشوف، 1 من الرميلة، 2 من المتن، 1 من دير القمر، كذلك أرسلت 79 عريضة أخرى بالمضمون نفسه (36 من الشوف، 27 من الكورة،15 من المتن، 1 من إقليم الخروب).
7- في الأوّل من أيلول 1920 أُعلن قيام دولة لبنان الكبير تحقيقاً للرسالة (24 آب 1920) التي بعث بها رئيس الوزراء الفرنسي ألكسندر ميلليران إلى النائب البطريركي عبدالله خوري رئيس وفد لبنان الثالث إلى مؤتمر الصلح: "إن غاية فرنسا من إعادة وطنكم إلى حدوده الطبيعيّة، هي تكوين لبنان الكبير، الذي سيشمل عكّار، كما سيمتدّ جنوباً على حدود فلسطين. ومن الضروري ضمّ مدينتي طرابلس وبيروت بشكلٍ تام إليه، على أن تحتفظا باستقلالٍ ذاتي واسع، مراعاة للفروق الإقتصادية التي تتّصل بينهما وبين الجبل. لم أعد بحاجةٍ إلى التأكيد على استقلال لبنان الذي سبق للسيّد كليمنصو أن أعلنه كما أعلنته أنا شخصيّاً".
ما زلنا نراوح وندور على أنفسنا بحثاً عن أي لبنان نريد؟

  • شارك الخبر