hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - عادل يمين

التحولات البنويّة الدستوريّة: هل انتهت مفاعيل اتفاق الطائف وصلاحيته؟

الأحد ٣٠ آب ٢٠٢٠ - 11:04

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لعلَّها مفارقةٌ مؤلمةٌ أنَّ التفكير في مواضِعِ الوهن في الدستور والنظام والتركيبة والبحثَ عن التصحيح والتطوير لا يزدهران ولا يتوسَّعان في لبنان إلَّا في أعقاب وظلال المآسي والأزمات. هكذا حصل خلال حرب الخمسة عشر عاماً مع طرح الوثيقة الدستورية في السبعينيات والاتفاق الثلاثي وحوارات سباق الخيل وخلوات بكفيا وأوراق إبريل غلاسبي في الثمانينيات وصولاً إلى اتفاق الطائف أواخر العقد عينه، وكذلك وبنتيجة تداعيات حرب تموز 2006 والنزاع حول المحكمة الدولية المتعلقة بجريمة اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري وأزمة افتقاد الحكومة للميثاقية باستقالة الوزراء الشيعة منها انعقدَ مؤتمر سان كلو العام 2007 ومن ثمَّ وتحت وطأة الشغور الرئاسي والأزمات إيّاها انعقد اتفاق الدوحة.

وها نحن اليوم وللأسف الشديد وفي ظلال كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 التي وقَعَت بنتيجةِ امتزاج الفساد والإهمال وضياع القرار وربّما التآمر والعدوان، وفي عينِ الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية الحادّة التي لامسَت حدود الانهيار الكبير، وفي سنة المئويةِ الأولى لإعلان دولةِ لبنان الكبير، نجدُ أنفسنا نبحث من جديد في كنه نظامنا واختلالاته وعيوبه، إدراكاً منّا أنَّ هذا الكمَّ من الأخطاء والخطايا الذي ارتُكِبَ منذ اتّفاق الطائف ولغاية اليوم وراكمَ ثلاثة عقود من الفساد والإفساد والسياساتِ الخاطئة والهدّامةِ وانتفاءِ المساءلةِ والمحاسبةِ وقادَ نحو دولةٍ هشَّةٍ ومؤسّساتٍ عاجزةٍ وقرار ضائعٍ هو وليدُ منظومةٍ فاسدةٍ بالتأكيد ونتيجةٌ طبيعيةٌ لتحالف أمراء المليشيات والمال في مرحلة السلم الأهلي تحت قبّة الوصاية والاحتلال لسنواتٍ، وخارجها لسنوات، ولكنَّه أيضاً ثمرةُ نظام دستوريّ ضعيفِ المنعةِ والمناعةِ.

ولا أعني بهذا التوصيف أنَّ نظامنا الدستوريّ معيوبٌ برمِّته، سواء بفلسفته أو بروحيّته أو بنصّه أو بتوازناته، بل إنَّ فيه العديدَ من مواضعِ الخيرِ ومقاصدِ حِفظِ الكيان وجماعاته، ولَكِنَّ مَنطِقَ التَسويَةِ سيطر على عُقولِ واضعي اتِّفاقِ الطائفِ، فَلجأوا إِلى الغموضِ في النصوص وإلى التشبيكِ في الصلاحيّات بين المواقع الرئاسيّة والمؤسّسات الدستوريّة وتَركِ استِحقاقاتٍ كَثيرَةٍ بِلا مُهَلٍ ولا مَخارجَ بغرضِ إرضاء مختلف الأفرقاء والجماعات، وهو ما أدّى إِلى إِفقادِ النِظامِ أَيَّ مَرجَعيَّةٍ دستوريّةٍ داخليّةٍ قادِرَةٍ على الحَسْمِ أَو فَتحِ الآفاقِ المَسدودَةِ وإلى تشتُّتِ القرارِ... لكأنَّهُ صُنِعَ ليعملَ في ظلّ وصايةٍ خارجيّة وعلى قياسها.

والواقع أنَّ الالتباسات والتناقضات تطبع دستورنا إلى حدودِ الإخفاقِ في بناء دولة القانون والمؤسّسات وتعطيلِ سيرِ النظامِ الحائرِ بين طبيعَتَيه الطائفية والمدنية والمتردّدِ بين تصنيفه برلمانياً أو توافقياً أو تعدّدياً أو طائفياً أو ميثاقياً أو ديمقراطياً أو كونفدراليّة طوائف، تماماً كما يصعبُ تحديدُ ما إذا كان اللبنانيُّ مُوَاطِناً مُنتَمياً إِلى دَولَةِ أم فرداً من رَعيَّةٍ طائفيَّةٍ.

وبالفعل:

1- في تنافرٍ ظاهرٍ، يُوَزِّعُ الدستورُ في المادّةِ 24 المَقَاعِدَ النيابيَّةَ بَيْنَ الطوائفِ والمذاهب والمناطق، ولكنَّهُ جَعَلَ في المادّة 26 النائبَ مُمَثِّلاً للأُمَّةِ جمعاء، من دون أن يوضِحَ صراحةً ما إذا ابتغى أن ينتجَ انتخابُ النائبِ عن إرادة ناخبي مذهبه أم ناخبي الأمة.

2- يَقضي الدستورُ في مُقَدِّمَتِهِ وفي المادَّةِ السابِعَةِ مِنهُ بالمُساواةِ بَيْنَ اللبنانيينَ، ولكنَّهُ يُمَيِّزُ بَيْنَهُم أَشَدَّ تَمييزٍ، سَواءَ في مسائلِ الأحوالِ الشخصيّة، وهي أَعَزُّ الحقوقِ وأَكثَرُها التِصاقاً بالإنسانِ، أم في الحقوقِ السياسيَّةِ والوظيفيَّةِ من خِلالِ "الكوتا" الطائفيَّةِ الَّتي أَوجَبَها في المَرحَلَةِ الانتِقاليَّةِ قَبْلَ تَجاوُزِ الطائفيَّةِ؟

3- تُنيطُ المادّةُ 49 من الدستور برئيسِ الجمهوريَّةِ السهرَ على احتِرامِ الدستورِ والمُحافَظَةِ على استِقلالِ لبنانَ ووَحدَتِهِ وسَلامَةِ أَراضيهِ وَفقاً لأَحكامِهِ، ولكن من غير أن يمُدَّهُ الدستورُ بالصَلاحيَّاتِ الكافيَةِ الَّتي تُؤهِّلُه لتَنَكُّبِ مُستَلزْماتِ هذه المَهَمَّةِ الجَليلَةِ، فلم يخوِّله حقَّ إقالة الحكومة حتى لو فقدَت وزراء طائفةٍ وخسرت ميثاقيَّتَها أو قصَّرَت أو فَسُدَت، ولا حقَّ إقالة الوزير حتّى ولو خالفَ الدستور أو القانون أو تمرَّدَ على قرارات مجلس الوزراء أو ارتكبَ المعاصي ما لم توافقْ أغلبيةُ ثلثي الحكومة أو يحجبْ عنه البرلمان الثقة ويوقعْ معه رئيسُ الحكومة مرسومَ الإقالة، ولا ناطَ به حقَّ حلِّ البرلمان حتّى ولو كان غيرَ منتجٍ أو غطّى الفساد أو لم يَعُدْ مُعبّراً عن تطلعات الناس أو تحوَّلَ بذاته إلى أزمةٍ أو مكمنِ للداء أو خرجَ على الميثاقيّة، ولا أجازَ له دعوةَ مجلس الوزراء إلى الانعقاد حتى استثنائياً بدون موافقة رئيس الحكومة.

4-ترَكَ الدستورُ والنظامُ الداخليّ لمجلس الوزراء بطريقةٍ غير مباشرة لرئيسِ الحكومةِ مجالَ التعسّفِ في تعطيل السلطة التنفيذية، إذ لا ينعقدُ مجلسُ الوزراءِ إلا بناءً على دعوته حتى ولو رغبَ رئيسُ الجمهوريّةِ وجميعُ الوزراءِ، ولا يلتئمُ فعليّاً إلّا بحضوره حتى ولو حضر رئيسُ الجمهوريّة وجميعُ الوزراء، ولا يستمرّ اجتماعُهُ إلّا في حال مكوثِ رئيسِ الحكومةِ فيه حتى النهاية وعدمِ مبادرتِهِ إلى المغادرة، وليس من آليّةٍ لتمكين الوزير من ضمانِ إدراجِ أيّ بندٍ في جدولِ أعمالِ مجلسِ الوزراءِ من دون رضى رئيس الحكومة، وفي حال اجتمعَ مجلسُ الوزراءِ واتخذَ قرارَهُ بالتوافق وإلا بالتصويت لا نجدُ آليةً ولا مُهلةً لإلزامِ رئيسِ الحكومةِ بتوقيعه، وفي حال سافرَ رئيسُ الحكومةِ أو تعرَّضَ لأزمةِ حريَّة وتنقل خارج البلاد أو أُصيبَ بوعكةٍ صحيّة فليس لنائب رئيس الحكومة ولا لأيّ جهةٍ أُخرى صلاحية القيام مقامه موقتاً في أيٍّ من اختصاصاتِهِ، بما فيها ما يتّصِل بتسيير مرفق مجلسِ الوزراءِ.

وفوق ذلك، يوقِعُنا النظامُ بدكتاتوريّةِ التعطيلِ الفرديَّة، حيث بإمكانِ رئيسِ الحكومةِ أن يُعطِّلَ السُلطتين التنفيذية والتشريعية وجزءاً من رئاسةِ الجمهوريّة، إذ أنَّ الدستورَ يحيلُ الحكومةَ مستقيلةً بمجرَّدِ استقالةِ رئيسها فتصبحَ حُكماً حكومةَ تصريف أعمال بالمعنى الضيّق، فإذا أفضَت الاستشاراتُ النيابيّةُ الملزمةُ لإعادةِ تكليفِ رئيسِ الحكومةِ المستقيلِ عينِهِ برئاسَةِ الحكومةِ، وتعسَّفَ في مساعيه لتأليفِ الحكومةِ وأخفَقَ عن الاتفاق مع رئيس الجمهورية على التشكيلة الوزارية من دون أن يبادر إلى الاعتذار مهما طال الوقت ومن غير أن ينصَّ  الدستورُ على مهلةٍ صريحةٍ أو على آليةٍ لتنحيته، فتكون الحكومةُ طيلةَ هذه الفترة بحالة شللٍ نصفيّ كونها في وضع تصريف الأعمال، والحكومةُ العتيدةُ عصيّةً على الولادة بدون موافقته، والبرلمان في حالةِ أسرٍ جزئيّ بسبب النظرية المعمول بها، مع تحفظنا عليها، والقائلة بعدم جواز التشريع في ظل حكومة مستقيلة إلّا عند الضرورة، كما تكون رئاسَةُ الجمهوريّة مُعطَّلةٌ جزئياً كون معظم صلاحياتِ رئيس الجمهورية يُمارسُها بالتشاركِ مع رئيس الحكومة أو معه ومع الوزراء أو مع مجلس الوزراء أو بإزاء مجلس النواب.

5-وضَعَ الدستورُ رئيسَ الجمهوريَّةِ على رأسِ المجلس الأعلى للدفاع مُكتفياً بالإشارةِ إليهِ من دون أن يكون قد نصَّ على إنشاءِ هذه المؤسسة ولا على تحديد كيفية تكوينها ولا على تعيين طبيعتها واختصاصاتها.

6-جَعَلَ الدستورُ رئيسَ الجمهوريَّةِ القائدَ الأعلى للقواتِ المًسَلَّحةِ ولكنَّهُ أَخضَعَها في الآنِ عينِهِ لسلطةِ مجلسِ الوزراءِ، من دون أن يُبيّنَ الخيطَ الرفيعَ الفاصلَ بين صلاحياتِ القيادةِ وصلاحيّات السلطةِ، ولا بين صلاحيات القائدِ الأعلى وصلاحيات القائدِ المباشر.

7-يَعتَبِرُ الدستورُ أَنَّ الحكومَةَ تَحكُمُ بِثِقَةِ الأَكثَريَّةِ البرلمانيَّةِ العاديَّةِ في ضَوءِ المادَّةِ 64 مِنهُ، في حين أَنَّهُ يَشتَرِطُ في المادَّةِ 95 أَنْ تُمَثَّلَ الطوائفُ بِصورَةٍ عادِلَةٍ في تَشكيلِ الوزارةِ ويَنزَعُ بموجِبِ الفِقْرَةِ "ي" من مُقَدِّمَتِهِ، الشَرعيَّةَ عن أَيِّ سُلْطَةٍ تُناقِضُ ميثاقَ العَيْشِ المُشتَركِ، فماذا لَو انحازَت الأَكثَريَّةُ النيابيَّةُ إِلى حكومَةٍ لا تَستوفي شَرطَ تَمَثُّلِ الطوائفِ بِصورَةٍ عادِلَةٍ أَو فَقَدَته خِلالَ حُكمِها، من غَيْرِ أَنْ تُصابَ بأَحَدِ الأَسبابِ المُحَدَّدَةِ دستوراً لاعتبارِها مُستقيلةً؟

8- لم يوضِحْ الدستورُ صراحةً ما إذا كانت الاستِشاراتِ الَّتي يُجريها رئيسُ الجمهوريَّةِ من أَجْلِ تَسميَةِ رئيسِ الحكومةِ المكلَّفِ سَنَداً للمادَّةِ 53 من الدستورِ مُلزِمَةً في إجرائها فقط، أَمْ في نتائجِها، أيضاً، وكيف تُحتَسَب هذه النتائج، وما إذا كان يَحُقُّ للنائبِ المُستَفتى أَنْ يُفَوِّضَ رئيسَ البلادِ أَو يَترُكَ لَهُ الحريَّةَ في الاختيارِ، أَمْ أَنَّهُ مُلزَمٌ بالتَسميَةِ أَو الامتناع.

9-لا حَلَّ في الدستورِ اللبنانيِّ لانتخابِ رئيسِ الجمهوريَّةِ في حالِ لَمْ يَكتَمِلْ النِصابُ الدستوريُّ لجلسةِ الانتخابِ في مجلس النوابِ أو في حالِ اكتمَلَ ولَمْ يُفلِحْ أيٌّ مِن المُرشَّحينَ المُفتَرَضينَ في كَسْبِ تَأييدِ الثلثين في دورةِ الاقتراع الأولى واستطراداً الأغلبيَّة المُطلقَة في دوراتِ الاقتراع التي تلي مِن عددِ الأعضاءِ الَّذين يَتَكوَّنُ منهم البرلمان، حتَّى ولو استمرَّ الشغورُ طيلةَ ولايةِ مجلسِ النوَّابِ، وربَّما ولايتين أو ثلاثة أو أكثر، وقد فَرَضَ عدمُ اكتمال النصاب نحو أربع سنوات من الشغور الرئاسي قبل وبعد ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان.

10-لا حَلَّ صريحاً في الدستورِ اللبنانيِّ في حالِ أخفَقَ رئيسُ الجمهوريَّةِ ورئيسُ الحكومةِ المُكَلَّفِ في الاتِّفاقِ على تَشكيلَةٍ حكوميَّةٍ وأَحجَمَ رئيسُ الحكومةِ عن الاعتذارِ، حَتَّى ولو طالَت الأزْمَةُ طيلةَ عهدِ رئيسِ الجمهوريَّةِ، وها هي أزمات تأليف الحكومات تقضمُ نحوَ  ثلثِ مُدَّةِ كلِّ عهدٍ رئاسيٍّ بعد خروج قوات الوصاية السورية.

11-لا حلَّ صريحاً في الدستورِ اللبنانيّ لإلزامِ رئيسِ الحكومةِ والوزيرِ المختصّ بتوقيعِ قراراتِ مجلسِ الوزراءِ ضِمنِ مُهلةٍ معيَّنَةٍ، ما دامَ يَحوزُ تأييدَ الأكثريَّةِ النيابيَّةِ، لَكَأنَّ الدستورَ جَعَلَ من هذه الأكثريَّةِ وحائزِها أقوى منهُ وفوقَ أحكامِهِ، وها هو مرسوم إحالة مشروع القانون المدني الاختياري للأحوال الشخصية ينتظر توقيع رئيس الحكومة منذ العام 1998.

12-لم توضِحْ المادَّةُ 70 من الدستور ما إذا كان حقُّ مجلسِ النوابِ في اتهامِ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ والوزراءِ بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم بأغلبية الثلثين من أعضائه حتى يُحاكموا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراءِ حقاً حصرياً للبرلمان، أم أنَّهُ جَوازيٌّ، بحيث إذا لم يبادرْ المجلسُ النيابيّ إلى الاتّهام يكون من حقّ القضاءِ العاديّ أن يفعل، وهو ما سَمَحَ، في أغلب الحالات، بتعطيل مساءلة الوزراء قضائياً من خلال التفسير الذي يضفي تحصيناً غير مباشر ولا أقول حصانةً لرؤساء الحكومات والوزراء.

وعليه، أرى أنّنا أمام خيارٍ من اثنين، إما بناء دولة علمانية على قاعدة المواطنة، وبعد التحرّر من ازدواجية الانتماء إلى الوطن وإلى الطائفة، ووفقاً لمبدأ المساواة الكليّة حيث يتساوى في دولة المواطنة المواطنون في جميع الحقول أمام القانون والقضاء، بما فيها حقل الأحوال الشخصيّة، وتكون خاليةً من الطائفية في النصوص والنفوس والممارسات والأحزاب والنوادي والجامعات والمستشفيات والانتخابات والخيارات الانتخابيّة، وإما تنظيم الطائفية بشجاعة وعدالة ووضوح وحكمة ودراية بحيث نحفظُ ما احتواهُ  اتفاقُ الطائف من خير عام، مثلِ التأكيد على المناصفة بين المسيحيّين والمسلمين في تكوين مجلسي النواب والوزراء وحفظ مقتضيات العيش المشترك والوفاق الوطني وتأمين أوسع مشاركةٍ ممكنة وأكبر مقدار توافقيّ ممكن بين ممثلي الجماعات اللبنانية في اتخاذ القرارات، ولكن مع توسيع الآفاق المدنية في النظام أكثر وأكثر وبالتدرُّج ومع تطويره ومعالجة مكامن الخلل والأزمات فيهِ لنجعلَهُ نظامَ عملٍ لا تعطيلٍ وتشاركٍ لا تشابكٍ ،  وذلك من خلال جعل انتخاب رئيس الجمهورية مباشرِاً من الشعب مع فرضِ ضماناتٍ مثياقيةٍ في آليّة الانتخاب، واستحداثِ مجلسٍ للشيوخ يكون شريكاً في السلطة التشريعية ويُنتخبُ العضو فيه من ناخبي مذهبه حصراً، في مقابل توسيع الدوائر الانتخابية في انتخاب أعضاء مجلس النواب، مع اعتماد نظام الاقتراع النسبي في كلا المجلسين، وفرضِ مهل لتأليف الحكومة ولتوقيع المراسيم وضمان دورية انعقاد مجلس الوزراء وتخويل نائب رئيس الحكومة صلاحيات رئيس الحكومة في حال غيابه أو تعذر عليه أداء مهامه من دون الصلاحيات اللصيقة بشخصه وخصوصاً جعل الحكومة مستقيلة بمجرّدِ استقالته وتخويل رئيس الجمهورية منفرداً حق إقالة الحكومة عندما تفقد ميثاقيتها وحق حلّ البرلمان مرَّة واحدة في عهده وحق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد استثنائياً، وإلى جانب ذلك كلّه اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة التي شكَّلَت أحد مداميك اتفاق الطائف، من غير أن تبصر النورَ، وهي تكفلُ توسيع المشاركة الشعبية وتساهم في مكافحة الفساد، وإذ ذاك لا فرقَ في أن نسميّ مثل هذه التدابير  عقداً جديداً أم تطويراً لعقد الطائف.

  • شارك الخبر