hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - فكتوريا الخوري زوين - ناشطة سياسية

الانتخابات النيابية المُبكرة بشروط- مدخلٌ لتغيير النظام

الجمعة ٥ حزيران ٢٠٢٠ - 06:15

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في 17 تشرين الاول الماضي، انطلقت الثورة او الانتفاضة. يمكنكم اختيار العنوان الذي ترونه أفضل، ولكنها نتيجة الحاجة الى تغيير مبدأ المحاصصة ومحاسبة طبقة سياسية فاشلة وفاسدة، أوصلت البلد الى الافلاس التام بالاضافة الى سلب المواطنات والمواطنين أبسط الحقوق، من عمل وتعليم واستشفاء الى كهرباء ومواصلات وسكن...
منذ اليوم الأول، كان هناك وضوح في المطالب التي تمّ اطلاقها من قبل عدة مجموعات ونشطاء :
- إسقاط الحكومة ومجلس النواب اللذين يمثّلان منظومة المحاصصة والفساد، وتشكيل حكومة مصغرة من خارج المنظومة الحاكمة تنحصر مهامها بما يلي:
- إجراء انتخابات نيابية مبكرة من أجل إعادة تكوين سلطة شرعية، وذلك ضمن مهلة ستة أشهر ووفقًا لأحكام الدستور.
- اتخاذ الاجراءات السريعة لوقف الهدر والانهيار المالي، الى حين استلام حكومة جديدة، منبثقة عن مجلس نيابي جديد، تقوم بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية من دون تحميل المواطن أي أعباء إضافية.
- البدء بالإجراءات اللازمة لإسترداد الأموال المنهوبة على أوسع نطاق، واستعمال كافة السبل القانونية والقضائية والإداريّة.
في قراءة سريعة لما حدث منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، وهنا أتكلم فقط عن هذه المطالب تحديداً ولا أقيّم الثورة بشكل عام، يمكن استخلاص الاتي:
لقد كنا في "عز أيام" الثورة، واستطعنا اسقاط الحكومة، ولكن مع وجود مجلس النواب الحالي لم نستطع أن نحجب الثقة عن الحكومة الجديدة، والتي تشبه الحكومات السابقة في الخضوع والنِفاق، لا بل هي اسوأ. هذا يعني، بالنسبة للكثيرين ان إعادة طرح فكرة تشكيل حكومة مصغرة من خارج المنظومة سوف يكون صعباً. ولا أرى كيف سنتمكن من ذلك، اذ أن "تكتيك الثوار" لم يتغير ولا أرى أي خطة جديدة مطروحة للوصول الى نتيجة مغايرة اليوم، إذ أن جميع المجموعات، أو اغلبها، لا تزال على موقفها من عدم التفاوض وعدم طرح اسماء، ولا أعتقد أن السلطة مستعدة للتنازل أو تغيير الإداء او الاستماع الى مطالب الثورة، اذ أنه من الواضح "انو ما فرقانة معن" والادلة كثيرة.
على سبيل المثال لا الحصر، فقد رأينا مؤخراً ارتفاع عدد الاعتقالات وتفرقة الثوار باستعمال الرصاص الحي (هذا بالنسبة للتعامل مع الثوار)، وتمرير معمل سلعاتا (هذا في الشق التنفيذي)، ولائحة الأمثلة تطول.
نصل الى المطلب الثاني، واليوم عاد الى الواجهة مطلب الانتخابات النيابية المبكرة، وهناك داخل الثورة توجهان حول هذا الموضوع:
-هناك نظرية تطرح استحالة التغيير في ظل القانون الحالي وبوجود الحكومة الحالية، وتطالب بالانتخابات على أساس قانون جديد، خارج القيد الطائفي، بعد تشكيل حكومة مستقلين. المشكلة مع هذا الطرح، هي آلية تشكيل هذه الحكومة مع وجود ميشال عون في رئاسة الجمهورية ونبيه بري في رئاسة مجلس النواب، و"فرقة" النواب أنفسهم في المجلس (هذا الطف تعبير وجدته).
والمشكلة الثانية هي في اقرار قانون جديد من قبل النواب أنفسهم. هنا ايضاً لا أرى انه قابل للتحقيق، برغم أنني من دون ادنى شك أوافق على اهمية اقرار قانون جديد، ولكن هنا تطرح إشكالية أخرى وهي حول قانون الانتخابات الأفضل والاتفاق عليه.
-وهناك النظرية الأخرى والتي تنادي بانتخابات نيابية مبكرة، والمشكلة مع هذه النظرية انها تطرح الانتخابات المبكرة كمطلب وحيد وكأنه حل سحري، ولا تتناوله كجزء من اصلاحات عديدة تعكس مطالب الناس الحقيقية، والتي انطلقت في 17 تشرين. كما انها لا تطرح أي خطوات عملية أو علمية للوصول الى انتخابات نزيهة في ظل سلطة اختبرناها في السابق ونحن نعلم وعلى يقين بكل عمليات التزوير، كما ندرك جميع الثغرات في القانون الحالي والذي فُصّل على قياس مصمميه
وفي سياق الحديث عن الانتخابات، يقول البعض بأنه يجب عدم المطالبة بالانتخابات بانتظار "رص الصفوف" و"توحيد الثوار"، وهذا بالنسبة لي مرفوض جملةً وتفصيلاً. نحن لسنا بحاجة لإيجاد عنوان جديد تنضوي تحته التحالفات – لا مجتمع مدني ولا ثورة ولا غيره –، وبصراحة لا نملك ترف الانتظار، البلد لن ينتظر ان ننهي مؤتمراتنا واجتماعاتنا والاف الواتساب التي نرسلها يومياً قبل أن يحصل تغيير جدي وجذري. فلنعمل جميعاً ولنطرح برامج وحلول، هذا ما نحن بحاجة اليه.
لا أظن ان الناخبات والناخبون يبحثون عن لون جديد في السياسة، حتى لو كان لون التوحيد، بل يبحثون عن فكر جديد في التعاطي مع المسائل السياسية.
وبالعودة ل"رص الصفوف"، لا اعتقد ان أي شيء سيتغير اذا كانت الانتخابات اليوم او بعد سنتين، والدليل ما نقرأه من تخوين كلما اختلف ناشطون او مجموعات حول أمر معيّن.
في الخلاصة، لا يمكنني الا ان أكون مع تغيير السلطة الحالية بأكملها، ومع تغيير منظومة المحاصصة من دون أي تردد. ولكنني لا أرى سبيلاً لذلك الا بمتابعة الضغط بالشارع والمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة مشروطة باصلاحات أساسية، أولها وأهمها انشاء ادارة او هيئة مستقلة عن وزارة الداخلية والبلديات تتولى ادارة العملية الانتخابية، بالاضافة الى اصلاحات ضرورية، منها الغاء العتبة الانتخابية او وضع عتبة انتخابية موحّدة لكل الدوائر لا تتعدى %5، امكانية الاقتراع مكان السكن لدائرة الأصل، تجريم الرشاوى الانتخابية على أنواعها، وخفض سقف الانفاق للمرشحين واللوائح والاحزاب، ضبط الاعلام والاعلان الانتخابيين، كوتا جندرية بنسبة 50%على اللوائح، خفض سن الاقتراع والترشح (بحاجة لتعديل في الدستور).
لم تأتِ هذه الاقتراحات من العبث، بل من مبادئ ديموقراطية ثابتة تتمحور حول اهمية صحة التمثيل. لذلك لا يكفي الضغط للحصول على انتخابات نيابية مبكرة، ولا تكفي المطالبة بقانون جديد او نظام جديد. اذ ان نجاح العملية الانتخابية يكمن في التفاصيل، ومن هنا أهمية الضغط لتطبيق الاصلاحات على القانون الحالي بدل السعي الى قانون جديد قد تستغرق مناقشته الكثير من الوقت الذي لم نعد نمتلكه.
وتبقى فكرة نهائية، ان ما قبل 17 تشرين ليس كما بعده، ولا يمكننا ان نتجاهل ضرورة فتح نقاش على أوسع نطاق يطرح سؤال أي نظام نريد. هل حقاً سبب المشكلة هو فقط الشخصيات الفاسدة والفاشلة التي توالت على الحكم؟ هم من دون ادنى شك سبب رئيسي، ولن نتمكن من تحسين الوضع إلاّ بمحاسبتهم. ولكن ذلك لن يكون كافياً. لذلك، برغم الظروف، لا بل بسبب هذه الظروف، حان الوقت لنتكلم كل يوم حول النظام الذي نرى فيه عدالةً اجتماعية ومساواة حقيقية بين الجميع. الانتخابات بأسرع وقت، ليس بهدف الانتخابات، بل بهدف انتاج سلطة سياسية جديدة قادرة على اطلاق مبادرة وطنية جدية لمناقشة نظام جديد، مع فتح جميع الأوراق وتفسير جميع المقترحات المطروحة بكل شفافية، بعيداً عن التهويل والتخويفز
ففي ظل الازمة الاقتصادية وأزمة الكورونا، زاد على المواطنين رعبهم من مفاهيم غير واضح كيفية تطبيقها، ومخاوف راودتهم على مدى سنوات امتداداً ما بين العلمانية والفيدرالية، مروراً باللامركزية والدولة المدنية.

  • شارك الخبر