hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - مازن ح. عبّود

استفاقة القضية الفلسطينية

الأربعاء ١٩ أيار ٢٠٢١ - 00:01

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق شلومو بن عمي في مقالته "نهاية الوهم الاسرائيلي"، التي نشرت بتاريخ 13 أيار 2021، أنّ: "الإجماع السائد بين الإسرائيليين على أن القومية الفلسطينية قد هُزمت، وبالتالي أن الحل السياسي للصراع لم يعد ضرورياً. تصدّع. وحتى مع تصاعد العنف، أصبح واضحاً للجانبين أن عصر الحروب والانتصارات المجيدة قد ولّى".
مما لا شكّ فيه أنّ ما تشهده الأراضي المقدسة يعتبر استعادة لبعض المكانة التي فقدتها القضية الفلسطينية، بحيث اننا جميعا اعتقدنا بأنّ فلسطين صارت في خبر كان. فالقضايا تنمحي عندما يزول من يؤمن بها. اعتقدنا بأنّ هذه القضية المحورية التي كانت لها تداعيات بالغة على العالم والشرق الأوسط عموماً ودول الطوق ولبنان بوجه الخصوص قد انتهت. اعتقدنا بأنّ فلسطين وأهلها قد دفنوا تحت الرمال العربية وبأنّ فصلاً جديدة معنوناً ابراهيمياً قد بدأ للتو. لكن الفلسطينيين اعادوا احياء قضيتهم بنضالاتهم ودمائهم، عشية لحظة مفصلية من تاريخ المنطقة.
الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة التي بدأت من القدس وعَمّت كل الأراضي، وتطوّرت الى حرب او شبه حرب حقيقية إغتالت الوهم الإسرائيلي، وابلغتنا جميعاً بأنه لا يمكن بناء حقبات جديدة إلّا على أسس واضحة ترتكز على سلام حقيقي لأزمة طالما هزّت المنطقة والعالم وأدخلت بلداناً كلبنان الى سجون لم تستطع لغاية هذا التاريخ ان تخرج منها.
لقد نجح الفلسطينيون بتذكير العالم وقادته بقضيتهم وعناوين زعمائهم التي نُسِيت من مفكرات وزراء خارجية بلدان صناعة القرار.
إستفاقة أتت عشية النشوة الإسرائيلية المفرطة وإعلان هيمنتها الضمنية على المنطقة، ومفاخرتها حتى بالتحكم بكل مقاليد القرار في الولايات المتحدة الاميركية، لا بل تسخيف الإدارة هناك بما يتوافق والسياسة الداخلية الاسرائيلية. سياسات نتانياهو التي قامت على تفوق الدولة العبرية حتى على المصالح الاقتصادية لمن أسهم في صناعة هذه الدولة سقطت في هذه الرحب.
فبسبب نشوة حكومة نتانياهو الزائدة وسياسات الرئيس ترامب المرتكزة على الربحية المباشرة في المدى القريب، تمكنت الصين من الدخول الى آبار النفط في الشرق الأوسط والى إيران بالتحديد. اتفاق الشراكة الاستراتيجية ما بين الصين وإيران الذي شكل اهم أدوات مبادرة الحزم والطريق، أحدث زلزلة سياسية عالمية وإعتُبر نتيجة لإخفاق السياسات الخارجية الاميركية في عهد الرئيس ترامب واستراتيجيته المرتكزة على وضع المصالح الآنية فوق المصالح الاستراتيجية والبعيدة المدى لدولته.
فالسوفيات تحديداً ومعهم المعسكر الشرقي وقفوا على أبواب هذه المنطقة عاجزين عن دخول إيران وحقولها النفطية. ولمّا إنتُخِب محمد مصدّق الذي اعتبر قريبا من السوفياتي في إيران دبّرت الولايات المتحدة وبريطانيا انقلاباً في 19 آب من العام 1953. وما الاستثمار في النسخ المتطرفة للإسلام إلّا باباً للحفاظ على الموارد وحقول النفط. فالدولار عنوان النفط والنفط غطاء الدولار. ومن يمس بهذه المعادلة يقوض حتى لو كان عبرياً. وها انّ الرئيس بايدن يسعى الى استعادة ما فقده بالسياسة والحفاظ على مكاسب ساهمت في تمكين بلاده على رأس نظام عالمي صنعته على مقاسها ولخدمتها. فمن الواضح أنّ الرئيس بايدن يسعى الى اصلاح ما أُفسد خارجياً وإلى وقف الخسائر التي مكّنت الصين من دخول المنطقة جراء تطويع ما هو استراتيجي لخدمة ما هو مصلحي وظرفي. تخشى الولايات المتحدة وقوع المنطقة في نطاق من يشكلون تحدياً لنفوذها وعصرها المرتكز على النفط الاحفوري.
انّ ما أوقع هذا الاجماع الوهم الذي تكلم عنه وزير الخارجية الإسرائيلي هو المعنويات الزائدة لرئيس وزراء الدولة العبرية، التي لم تكن في محلها. وعلى ما يبدو حان وقت العودة الى الحقيقة.
سينتصر الإسرائيليون على الغزيين ميدانياً، ولن تُمحى إسرائيل من الوجود عسكرياَ حتماً. لكن ما سيشكل تحدياً لإستدامة هذه الدولة هو خوف شعبها من الغد، وخوف الشركات من الاستثمار في إسرائيل. وسيعيد من سينقب عن الغاز والنفط حساباتهم هناك مثلاً.
انّ ما جرى يعيد ربط الخلاف مع الفلسطينيين ويُدخل معاهدات السلام الابراهيمية في إجازة، الى حين حصول خرق ما في القضية المركزية التي اعتقدنا بانها ما عادت موجودة.
ما جرى ويجري يُعيد إرساء قواعد جديدة للنزاع. فثمة قنابل بشرية تتنامى وتكبر حتى في أراضي 1948، وهي مُعَدّة للإنفجار في أي وقت إذا لم يتم التعاطي بعدالة مع القضية الفلسطينية، التي هي مفتاح حل أزمات لبنان الذي عانى ما عاناه جراء ذلك.
ما جرى يُشكّل فسحة لإعادة التقاط الأنفاس والتفكير وتطويع النزوات وإعادة فرملة الأوهام. فما من كيان يستطيع مهما كبرت ادواره وادواته ان يتعارض مع الغاية التي اوجد كي يخدمها. ويبقى السباق على الثروات في المنطقة مفتاح فهم الصراعات والحروب والمفاوضات العلنية والسرية الدائرة هنا وهناك.

  • شارك الخبر