لم يكن من المتوقع ان يصدرعن لقاء قصر بعبدا الحواري اكثر مما صدر في البيان الختامي للقاء، بحيث انه راعى كل جوانب مضمون الدعوة الموجهة خطياً الى المدعوين العشرين. واذا كان البيان في عمومياته تضمن بنوداً لا يختلف عليها اثنان، فإن النقاشات التي حصلت تبقى هي المهمة بحسب احد المشاركين في اللقاء، لأنها تناولت كل القضايا القائمة سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشيا وامنيا، ووصلت الى حد تناول تأثيرات العوامل والظروف الخارجية المحيطة بلبنان وكيفية التصدي لها وتخفيف إن لم يكن منع تأثيراتها السلبية على لبنان.

ويقول احد المشاركين في اللقاء لموقعنا، ان القضايا التي تمت مناقشتها تفصيلياً، تجاوزت العناوين العامة التي تُشكّل مسلمات وطنية لجهة تكريس الوحدة الوطنية ومنع اي محاولة للمس بالسلم الاهلي والاستقرار العام، بحيث انها تناولت كيفية تكريس هذه العناوين وتحقيقها بالوسائل الدستورية وليس القهرية.

ويوضح المصدر، ان النقاش مثلاً تناول كيفية الخروج من التحريض والشحن الطائفي والمذهبي المشكو منه والوصول الى الدولة غير الطائفية، بتطبيق بنود دستور الطائف التي لم تُطبق، كتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والوصول الى قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس الشيوخ. وتناول كيفية الخروج من الازمة المالية والاقتصادية بعرض مقترحات كثيرة من قبل الحاضرين، تمثلت بالمذكرات الخطية التي قدمها البعض كالنائبين تيمور جنبلاط واسعد حردان، عدا المداخلات الشفهية او المكتوبة.

كما تناول النقاش موجبات مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات في كل المجالات الادارية والاقتصادية والمالية،. وهنا تطرق البحث الى سبل مكافحة الغلاء ودور الوازرات المعنية في مكافحته لا سيما وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك. ومن هذا الباب تم التطرق الى ضرورة توفير الامن الغذائي للمواطنين اسوة بالامن الامني، لأن الامن الغذائي يؤمّن الاستقرار المعيشي والامني العام، وهنا تكمن المصلحة الوطنية.

وطرح البعض من ضمن تفاصيل العناوين العامة، موضوع مواجهة "قانون قيصر" الاميركي الذي يفرض حصاراً وعقوبات على سوريا تطال لبنان لاحقاً، وكيفية تجاوزها او تقليل تأثيرها، ومن المقترحات الانفتاح عل سوريا لمعالجة الازمات القائمة ين البلدين، وبخاصة في معالجة قضية النازحين، ولكن من ضمن الانفتاح على كل العرب مجدداً. وفي هذا السياق طالب بعض المشاركين الحكومة بخطوات سريعة للانفتاح على كل العرب والتواصل مع الحكومات العربية لا لعرض المشكلات القائمة بل للبحث معها في الحلول الممكنة.

من هنا كان ضرورياً حضور كل الاطراف المدعوة للمشاركة في مناقشة هذه المواضيع التفصيلية المهمة، والخروج بموقف موحد منها، لأنها تتعلق بمطالب كل القوى السياسية في الاصلاح والتغيير وتصحيح الاداء الحكومي المشكو منه، ونهوض الاقتصاد وتحسين معيشة اللبنانيين. ولو شاركت هذه القوى في النقاش لربما تغير اعتراضهم ولربما ادخلوا تعديلات على البيان بالتوافق المعتاد، بدل الانتقاد من بعيد ومن دون معرفة تفاصيل ما جرى خلال اللقاء.