إستمع للخبر

يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول 2022 سيدخل في سجل تاريخ المحطات اللبنانية الواعدة والواضعة لبنان على الخارطة النفطية العالمية نظراً الى التوازي بين: حضور مدير ووفد شركة توتال الى لبنان وبدء محادثاته مع المسؤولين وإعلان لبناني رسمي ضمني أو شبه علني، قبول مسودة الصيغة التي يعتبرها الوسيط الأميركي عاموس هوكستين نهائية لعرض اتفاق الترسيم البحري الحدودي بين لبنان والاسرائيليين...
وعلى رغم أنه من الناحية العلمية والكيميائية، لا رائحة ولا لون للغاز الموجود في البحر، إلا أن اللبنانيين من مستوى مرجعيات رسمية ومسؤولين ووزير طاقة ومواطنين بدأوا معنوياً يشتمّون من بُعد رائحة الغاز... ولربما نكهة الفرج الوهمي الاقتصادي في وقت شهد 11 تشرين همروجة عالية من إشاعة أجواء محلية لبنانية تمدح ما تم التوصل اليه في ملف الترسيم وأبرزها وأكثرها تقدما وزهوا ما أدلى به الوزير جبران باسيل من قصر بعبدا حيث صرح: "هذا العهد بدأ بأول جلسة لمجلس الوزراء لوضع المراسيم وينتهي بإنجاز الترسيم"...
ومن بُعد، اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الجمهورية العماد عون وهنأه "بانتهاء مفاوضات الترسيم مؤكدا وقوف الولايات المتحدة الى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية"... ويمكننا القول ان جو الاتصال يحمل غبطة لدى بايدن الذي يعتبر الأمر جزءا من نجاحه هو قبل شهر من الانتخابات الأميركية النصفية...
وعلى غرار بايدن وقبل عشرين يوماً من انتخابات الكنيست يهلل يائير لابيد رئيس الحكومة الاسرائيلية وفريقه لانتهاء صيغة الترسيم الأمر الذي يخدمه في الانتخابات...
في أي حال الرجاء اللبناني يكمن في الأمل بأن ما حصل محليا في 11 تشرين الأول يكون بعد تشاور رئاسي ثلاثي بشرى لمستقبل يتظهر بدءاً من سنة 2023 وما بعد.. مع الإشارة الى أن مجمل الأوساط السياسية تتوقع بلورة الاتفاق الترسيمي في الناقورة بعد تسعة أيام من الآن كما رجّحت أن يكون للبنان بين نهاية هذه السنة ومطلع الـ 2023 رئيس للجمهورية، أي بتأخير طفيف عن 31 تشرين الأول - نهاية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الرابع عشر ما بعد استقلال لبنان...إنما هنا تجدر الاشارة على مسار الاستحقاق الى أنه بعد مرور يومين على عظة البطريرك الراعي الذي رفض فيها انتخاب رئيس جمهورية من انصاف الرؤساء وانصاف الانتماء وانصاف الدولة كما رفض رئيس تسويات قصدَ رئيسُ التيار الوطني الحر جبران باسيل صرح بكركي أمس وأطْلَعَ البطريرك على ورقة التيار المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي وتتضمن الدعوة الى الحوار بين الجميع للوصول الى انتخاب رئيس جمهورية ضمن المهلة الدستورية.. باسيل دعا ايضا الى تأمين بوليصة تأمين للوضع في حال لم يتم انتخاب رئيس ضمن المهلة وقال: هذه البوليصة هي تأليف حكومة جديدة كاملة المواصفات.. ورقة التيار تناولها باسيل بعد الظهر مع الرئيس عون في قصر بعبدا حيث أشاد أيضا بإنجاز العهد لملف الترسيم.
في أي حال هذا المسار سبق بأشواط مساري الرئاسة والتأليف الحكومي وثمة من يرى أن إنجاز ملف الترسيم البحري سيؤثر في شكل إيجابي-مضطرد على الانتخاب الرئاسي...
في الغضون، وبعد الجلسة البرلمانية الثانية المحددة غدا الخميس لانتخاب رئيس جمهورية تبدأ يومَ الجمعة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا زيارة للبنان وتكون مسارات الاصلاحات والترسيم والاستحقاقات في صلب محادثاتها وذلك ضمن الجهود الفرنسية المحلية والاقليمية في شأن لبنان...
عمليا، الرؤساء الثلاثة تسلموا أمس النسخة التي رست عليها ورقة عاموس هوكستين لملف الترسيم البحري الحدودي بين لبنان والاسرائيليين وقد نقلها نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب تباعا الى قصر بعبدا ثم السراي الكبير وصولا الى عين التينة.. في وقت مدير شركة TOTAL الفرنسي laurent Vivier، وصل والوفد نهارا الى مطار رفيق الحريري الدولي ثم بدأ بمحادثات توصف بالواعدة.
السؤال المطروح الآن: هل ما يحصل غازيا في نهاية هذا العهد سيكون وعدا ورديا يترجمه العهد المقبل بصفحات زاهية وزاخرة بمواسم من عودة الطمأنينة والبحبوحة وراحة البال بعد أعوام عجاف وفترات جفاف وعيشة مذلة؟