انطلقت عملياً ترجمة القمة الروحية المسيحية في بكركي، في شأن تأمين ما يوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وذلك بلقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس، وفد كتلة الجمهورية القوية تقدمته النائبة ستريدا جعجع التي صرحت من بكركي بعد اللقاء، بأن الوفد دعا سيد الصرح الى مشاركةِ القوات اللبنانية والجمهورية القوية (وليس العكس) في الضغط من اجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي سياق تصريحها ومضمونه، رفضت مقولة التوازي بين التخلي عن ترشيح النائب ميشال معوض، في مقابل التخلي عن ترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية، هذه المعادلة التي ادرجها وليد بك جنبلاط ضمن مبادرته أو جهوده...
عضو كتلة الجمهورية القوية النائب رازي الحاج، أوضح لـ "ليبانون فايلز" أنه ضمن الحديث الذي دار في لقاء بكركي، اقترح الوفد على سيد الصرح، "ان يعمل لبلورة آلية، يتم على أساسها جمع النواب المسيحيين، وكذلك آلية واضحة ومجدية ومحددة وهادفة، يمكن عبرها إرساء تفاهم مؤكد، تؤدي ترجمته داخل مجلس النواب بانتخاب رئيس الجمهورية وفق الآلية الدستورية الديمقراطية"...
هل يعني ذلك "أن المسألة طويلة، وهل هناك صعوبات لتحديد تلك الآلية"؟ أجاب النائب رازي الحاج: ان ذلك ليس مستحيلا، بل ممكن وغير مستبعد أو بعيد، وإن استلزم مشاورات إضافية يضطلع بها البطريرك الراعي، ونحن لسنا متشائمين.
في أي حال، بين لقاء الثلاثاء بين الراعي ووفد الجمهورية القوية، وبين مواقف "نواب مسيحيين" آخرين، متريثة أو متحفظة أو متوجسة مما قد يطرحه البطريرك، وأيضا في ظل نية مبيتة وغير معلنة لدى البعض في رفض اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، حيال هذه المشهدية الداخلية المثلثة، يمكن الاستنتاج بعدم ترقب انتخاب رئيس في خلال هذا الشهر، في وقت ما رشح إعلاميا عن لقاء باريس الخماسي الفرنسي الاميركي السعودي القطري المصري وإن كان إيجابيا ومفيدا من حيث الأجواء، إلا أنه يحمل ضمنا بعض التريث، او تريثا في المطلق، خصوصا أن الفرنسيين والقطريين، يستعجلون انتخاب رئيس للبنان اليوم قبل غد، في حين ان الأميركيين والسعوديين، لا يزالون متشددين، وأكثر من ذي قبل، بتأمين اسم يجمع معايير السيادية والانقاذ والاصلاح معا وفي شكل واضح.. وبالتالي فإن ثمرة المشاورات الداخلية لم تنضج بعد، وزهرة الاهتمام الخارجي الدولي - الاقليمي، لم تتحول بعد الى ثمرة.
فإذا أمّنت بكركي توافقا على آلية، وإذا عاودت باريس والدوحة الاتصالات والجهود مع واشنطن وايران والحزب، فإذّاك يمكن أن نتوقع ترجمةً للمسارين الداخلي والخارجي (متوازيين) بعد شهر على الأقل من الآن، فيتم انتخاب رئيس للجمهورية في آذار، ونكرر دائما في حال انتهجت المشاورات والاتصالات خارجيا وداخليا، فن الممكن، وحاذرت مسارات التحدي ولي الأذرع...