منذ نشأت المنتديات عام 2018 ووسائل الاعلام كما الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في المناطق، يبحثون عن المحامي نبيل الحلبي المسؤول المباشر لهذا التنظيم "الاجتماعي- الثقافي"، الا أن الرجل كان دائما غير متوفر الامر الذي صعب المهمة على الباحثين عن المحرك، الامر الذي انعكس أيضا صعوبة في التنسيق بين المناطق حيث تتواجد تلك المنتديات.

كان الحلبي دائم التواجد في تركيا وهو الموجود لاسباب كثيرة تعود الى علاقته مع شخصيات أمنية وسياسية عمل معها حين كان وسيطا لحل قضايا تتعلق بالمعارضة السورية التي كانت تتواجد في لبنان أو تلك التي تتواجد في الشمال السوري وتتنقل في المناطق التركية.

عول بهاء الحريري على وجوه شابة لم تلوثها الصفقات السياسية الداخلية، وجد في عمل المنتديات فرصة جدية لمساعدة القضايا الانسانية بعيدا من السياسية الداخلية ومصالحها التي تنقلب الى انقسامات طائفية وتترك آثارا كبيرة في نفوس الشباب المندفع.

سعى الرجل الى توطيد العلاقة مع المنتديات، بادر الى دعمها طالما أنها تمثل الوجه الذي يريده كما الشعب اللبناني وهي نصرة الحق عبر الطرق السلمية وتحديدا بوسائل راقية من خلال رؤية واضحة تعطي الشباب زخم الدخول في الحياة الاجتماعية اللبنانية وتترك أثرا حميدا في البيئة التي تتواجد فيها، وتسعى الى تصويب المسار الديمقراطي الذي خرقته الاحزاب السياسية ولوثته مصالح القيمين عليها وتحديدا في المناطق التي تعاني من تهميش الدولة لها.

وفق هذه القواعد الثابتة ترسخت العلاقة بين الحريري والمنتديات، وكان الهم الاساسي ابعاد الحسابات السياسية والتطلع أكثر الى هموم الناس، وهو ما كان يحرص عليه بهاء الحريري عند كل تواصل مع القواعد والقيمين على المنتديات، وقد توج هذا التطلع في ثورة 17 تشرين التي كانت ذروة النضال السلمي والحقيقي لتطلعات الشعب اللبناني برؤية واضحة وهي ثورة شعب على طبقة سياسية بمشروع وطني لبناني لا مصالح داخلية أو خارجية تطوقه.

عند اكتمال "عقدها" سعى القيمون على المنتديات الى اغراقها بلعبة التجاذبات الاقليمية والدولية، وعوض التفكير جديا بمشاريع تحاكي الهم الوطني اللبناني وتعمل على بناء مشروع الانسان في لبنان والذي يعاني من الازمات نتيجة فساد الطبقة السياسية عمد هؤلاء الى زجها بالساحات البعيدة من اقليم كره باغ والصراع الارمني الاذربيجاني وأبعد من ذلك اللعب على الوتر الطائفي وتحوير المفاهيم الدينية التي تعتبر من الخطوط الحمر لدى بهاء الحريري المتمسك بصيغة العيش المشترك وبالتنوع الطائفي في البلاد، وهو الذي يتباهى بعلاقته "الابوية" مع البطريرك بشارة الراعي وبكل رجل دين منفتح من أي طائفة في لبنان لاسيما اؤلئك الذين يشددون على ضرورة ألانفتاح والسلام بعيدا عن السلاح والتهويل به لأجندات سياسية، واذ بعمل المنتديات يقترب أكثر الى المشاريع التي يرفضها رجل الاعمال ويصر على محاربتها لاسيما سلاح حزب الله وامتداداته الاقليمية، فكيف يقبل بفريق ويرفض الآخر والاثنين يصبان في الخانة نفسها؟

سحبُ الحريري البساط عن المنتديات، جاء منذ مدة وتحديدا عندما بدأ القيمون عليها بـ “التخبيص خارج الصحن” وقع الطلاق رسميا بين الشيخ بهاء والمنتديات بعد كلام المسؤول الاعلامي للحريري جيري ماهر على شاشة ال LBC حيث أعلن انتهاء العلاقة وخروج المنتديات من مكاتب الشيخ بهاء الحريري.

وجد الخصوم طريقهم الى هؤلاء وبادروا في اطار حركتهم الى تضخيم عمل من وصفوهم ب"المفاتيح" في مشروع الحريري بهدف اعلاء شأن من تم "اصطياده" بعد ضمه الى صفوف تلك تيارات الحزبية والقول ان مشروع بهاء الحريري بدأ "يتصدع".

الا أن الواقع كان مغايرا تماما، لأن ما هو قادم قد يفاجئ البعض لاسيما وأن التخطيط للمشروع الذي سيطلقه بهاء الحريري في نهاية هذه السنة أبعد من أفراد أو مجموعة بل هو بناء اجتماعي ثقافي قائم على الحوار الجامع وباشراف نخب متجذرة بالحراك اللبناني ولها باع طويل بالساحة الداخلية وبعيدة عن منظومة الفساد التي تحكمت على مدى سنوات باللبنانيين، وبالتالي فان ما يخطط له لا يمكن أن يتوقف عند قرار أجندات خارجية ومصالح اقليمية ترتدي ثوب "منتديات".