في منشور فايسبوكي، أعلن رودولف سعادة، رئيس مجلس إدارة ومدير عام شركة CMA CGM التي حصلت من الدولة اللبنانية على عقد لإدارة رصيف الحاويات في مرفأ بيروت، عن مخطّط ستطلقه الشركة الفرنسية قريباً لإستثمار وإعادة تأهيل الرصيف، بما يتناسب مع أفضل المعايير العالمية.
حصول شركة CMA CGM الفرنسية على عقد إدارة رصيف الحاويات في المرفأ للسنوات العشر المقبلة، لم يكن بحسب مصادر مطّلعة على الملفّ، مفاجئاً، بل أتى ترجمة لتفاهم حصل في اعقاب تزخيم الحوار الفرنسي مع حزب الله، بعيد انفجار الرابع من آب.

وتروي المصادر أنّ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان للمرّة الثانية بعد الإنفجار الذي دمّر العاصمة، في الأوّل من أيلول الـ 2020، ودعوته مختلف الأفرقاء السياسيين الى قصر الصنوبر، من بينهم حزب الله، في لقاء على طاولة مستديرة لإنتزاع التزامهم بتشكيل حكومة محايدة تشرف على مرحلة إنتقالية لمدّة ستّة أشهر، كرّست التقارب المستجد مع الحزب، فكانت الخلوة الشهيرة بين ماكرون ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على هامش اللقاء، ترجمة للحرص الذي تبديه باريس للاعتراف بحزب الله مكوّناً لبنانياً فاعلاً، وجسراً لها الى استثماراتها اللبنانية بالنظر الى موقع الحزب ونفوذه في القرار اللبناني.

وتشير المصادر الى أنّ الحوار الفرنسي مع الحزب تواصل لاحقاً عبر السفارة في بيروت ومن خلال الموفدين الرئاسيين، وأسّس لتقارب تُرجم في أكثر من مناسبة، ويُقال إن إحداها تمثّلت في اصرار الحزب على نيل وزارة الأشغال الوصية على المرفأ، وإيلائها الى الدكتور علي حمية، حامل الجنسية الفرنسية، تمهيداً لمرحلة إعادة الإعمار.

ولا تخفى في هذا السياق الرغبة الفرنسية في لعب دور أساس في هذه العملية.

هذه المعطيات مرّ عليها الكاتبان جورج مالبرونو وكريستيان شينو في مؤلفهما الذي صدر حديثاً بعنوان "الإنحدار الفرنسي "Le Declassement francais، حيث يشيران الى أنّ رودولف سعادة مدير عام الشركة الفرنسية كان في عداد الوفد الذي رافق الرئيس ماكرون في الطائرة التي أقلّته الى بيروت في الاول من أيلول. ويلفتان الى أنّ المحادثات بين ماكرون والنائب رعد التي عُقدت على هامش لقاء قصر الصنوبر، قد حُضّر لها جيّداً من خلال عدّة رسائل نقلتها السفارة الفرنسية إلى مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله الحاج عمّار الموسوي، تفيد بأنّ الرئيس الفرنسي لن يثير مسألة سلاح حزب الله في مقابل مطالبة فرنسا بعدم معارضة الحزب لما ترمي إليه من رغبة في الحصول على مشروع إعادة اعمار مرفأ بيروت.
ويضيف الكاتبان أنّ هذا التسليم اللبناني بمنح فرنسا عقد إعادة إعمار المرفأ تجسّد بما أسرّ به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لأحد الديبلوماسيين اللبنانيين، في اوّل زيارة له الى قصر الإليزيه بعد تشكيل حكومته، قائلاً لمحدّثه: المرفأ للفرنسيين.

هذه المعطيات الموثّقة تشير بما لا لبس فيه أنّ منح شركة CMA CGM عقد إدارة رصيف الحاويات يشكّل جزءاً من اتفاق سياسي بدأت ملامحه تتكشّف، وقد تُستكمَل بمنح مشروع إعادة إعمار المرفأ بالكامل الى الشركة إياها.