إستمع للخبر

تُحمّل باريس أكثر ما في وسعها حين يُردّد الداخل أن ثمة مبادرة فرنسية لإخراج لبنان من الفراغ الرئاسي. ذلك أن الملف اللبناني متشعّب داخليا وخارجيا، وليس في مستطاع الإليزيه وحده فرض حلّ أو حتى استخراجه من دون إشراك أكثر من عاصمة معنية بدءا من القريب السعودي مرورا بطهران وليس انتهاء بواشنطن.

كلّ هذا مؤشر الى أنّ الحل اللبناني مركّب، وإلى أن ولادته تتطلّب تراكم إرادات دولية وتقاطع مصالح خارجية، وهو ما ليس متوفرا راهنا لمجموعة عوامل، منها:

١-توقّف الحوار السعودي - الإيراني الذي استضافه على جولات (تردد أنها ٦) رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي. ذلك أن التسوية العراقية التي منحت حلفاء إيران رئاسة الحكومة بغض طرف أميركي دفعت الرياض الى تجميد الحوار مع طهران الى حين توضّح المسار السياسي العراقي.

٢-تعثّر العلاقة الأميركية - السعودية، خصوصا في ضوء اتهام الحزب الديمقراطي الرياض بالعمل لمصلحة الحزب الجمهوري عبر ذراعها "أوبيك بلاس" من خلال قرار خفض إنتاج النفط وانعكاسه سلبا على أسعار المحروقات. ولا شكّ أن النتيجة التي حققها الديمقراطيون في الإنتخابات النصفية تشكّل حافزا لدى إدارة الرئيس جو بايدن من أجل تصفية حساب تعتبره عسيرا مع المملكة العربية السعودية.

٣-تعثّر العلاقة الفرنسية - الإيرانية نتيجة موقف باريس من الأحداث داخل إيران. وهذا من شأنه أن يقلّص رغبة الإليزيه في التأثير ايرانيا، وهو في كل الأحوال لم يكن يوما تأثيرا ذات شأن حاسم.

لا تفسح هذه الوقائع المجال أمام اختراقات لبنانية خصوصا بعدما ثبُت الإنسداد السياسي وأظهرت جلسات الإنتخاب أن لا طائل منها وأن لا قدرة للمجلس النيابي على إنتاج حلّ رئاسي بلا رعاية دولية.

هذا الواقع جعل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يشدّ رحاله الخارجية بحثا عن تفاهم خارجي- محليّ عبارة عن سلة سياسية-إصلاحية، تماما كما دفع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى ارسال موفد للقاء مسؤولين في الإليزيه لتسويق ترشيحه، فيما سياسيون آخرون يتنقلون بين باريس وواشنطن بحثا عن الحلّ.