بين تفاؤل حذر يصعب التنبؤ بمساره وشيطان التفاصيل عند الدخول في مرحلة الجِدّ، يتأرجح تشكيل الحكومة في ظل مخاوف ان تتبدد الأجواء الايجابية التي ظهرت مؤخراً فيتعثر المسعى وتسقط المبادرات، بعد ان دلت المؤشرات التي ظهرت في الساعات الأخيرة على حصول تقدّمٍ على عدة مستويات لإعتماد صيغة الثلاث ثمانات لحكومة من ٢٤ وزيراً.

قراءة الايجابيات تظهر في الهدنة التي سادت في عيد الفصح وتبريد السخونة التي سادت على جبهة بيت الوسط - بعبدا ووقف السجالات الحادة بينهما. وتزامن ذلك أيضا مع مقاربة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أنهى التصعيد السابق مُمهِّداً لتسوية صارت قريبة، ما قد يؤشر الى مرحلة مختلفة ورغبة قوية لدى القوى الداخلية بإنهاء ملف التأليف، خصوصاً ان عدداً من القوى واقعة تحت تأثير الضغوط الدولية التي تُمَارس على المسؤولين لحثّهم على التأليف تحت ضغط العقوبات، حيث ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري محكومان بالتعاون القسري في النهاية والذهاب الى تسوية، خصوصاً ان الظروف الدولية باتت مهيّأة تقريباً لإنتاج حل.

إلّا ان الأجواء الايجابية التي طبعت المرحلة وتمثلت بموافقة الرئيس المكلف سعد الحريري على حكومة ٢٤ وزيراً من دون ثلث معطل، يمكن ان تكون وفق مصادر سياسية مؤشراً لتفاؤلٍ حذر، فالشيطان يكمن في التفاصيل. اذ تؤكّد المصادر ان الأمور لا تزال في إطار المراوحة ما لم تترجم بإتصالات او تقارب، وسط إنطباع سلبي تَعَزّزَ في المرحلة الأخيرة، مفاده ان الرئيس ميشال عون لا يريد ان تتشكل حكومة برئاسة سعد الحريري، كما ان الرئيس المكلف سعد الحريري يعتقد ان الرئيس عون يريد إحراجه لإخراجه.

ومن ضمن الاشكاليات التي تنتظر المرحلة المقبلة، العلاقة بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي، في ظل عدم حصول تواصل بين سعد الحريري وجبران باسيل، ما قد يؤثّر سلباً خصوصاً ان الحريري يحتاج الى ثقة تكتل لبنان القوي في البرلمان. كما ان التواصل غير قائم بين الحريري وعدد من المكونات السياسية مثل القوات اللبنانية الرافضة للمشاركة في الحكومة، إضافة الى المؤشر السلبي المتمثل في إنتكاس العلاقة مجدداً بين البطريرك بشارة الراعي وحزب الله، على إثر تسريب الفيديو المصور للراعي، ما أطاح بالجهود التي كانت مبذولة لتبريد الاجواء بينهما في الأسبوعين الأخيرين.