hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

من القسطنطينية الى تلاشي البشير وتهاوي الجنرال... مضمون سر "الراهبة" الأعظم

الخميس ١١ حزيران ٢٠٢٠ - 16:56

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

11 حزيران، بحسب التقويم الغريغوري، هو 29 أيار بحسب التقويم اليولياني. والمهمّ هو ما حصل في مثل هذا اليوم من عام 1453.

ففي 29 أيار (11 حزيران) قبل 567 عاماً، سقطت القسطنطينية، وهي آخر ما كان تبقّى من الأمبراطورية البيزنطية، ومقرّ الكرسي البطريركي الوريث للقدّيس أندراوس، على يد جيوش العثمانيين المسلمين، الذين دخلوا المدينة المقدّسة، وأعدموا من أعدموهم في ساحاتها، واغتصبوا النّساء، وهدموا الكنائس. فيما قام السلطان العثماني محمد "الفاتح" بالصّلاة في كاتدرائية "آجيا صوفيا"، وحوّلها الى جامع. واستمرّت على تلك الحالة، الى أن سقطت السلطنة العثمانية، فقام "أتاتورك" (مصطفى كمال) بتحويلها الى متحف.

يُخبر المسيحيون القدماء أن يوم الثلاثاء ظلّ يوماً حزيناً في الذاكرة المسيحية الشرقية، انطلاقاً من أن سقوط القسطنطينية حصل يوم الثلاثاء في 29 أيار عام 1453.

ورغم ذلك، مرّت العقود والقرون، على طريقة أن "الحياة بدّا تكفّي"، فعمِل بعض المسيحيّين كعملاء لدى العثمانيين، وعبدوا جلّاديهم، حتى في الدّاخل القسطنطيني نفسه. وكم من بطريرك وأسقف وكاهن وعلمانيّ تمّ إعدامهم من قِبَل العثمانيّين. وكم من إمرأة أُجهِضَت بالقوّة، وكم من طفل قُتِلَ على أيدي العثمانيّين أيضاً، دون أن يتحرّك أبناء الدّار أنفسهم، ليس لأنهم لا يستطيعون، بل لأنهم لم يريدوا ذلك!

مخزون تراكمي

نذكّر بكلّ هذا، انسجاماً مع كلّ ما يحصل في لبنان والمنطقة والعالم اليوم، من صراعات طائفية ومذهبية وعنصرية، وانطلاقاً من أن كلّ ما حدث في الماضي من تجاوزات دينية وعرقية، لم يخرج من مخزون الذّاكرة البشرية التراكمي، وهو لا يزال يتحكّم بعلاقات الدول والشعوب والمجتمعات بين بعضها البعض، سواء في الدّول الفقيرة أو المتقدّمة منها، وذلك رغم تخطّي الإنسان الجاذبية، وولوجه عوالم الفضاء الواسعة.

ونعود الى الحديث عن القسطنطينية، لأن سقوطها ليس حدثاً تاريخياً عادياً، بل انه يُشبه بوقعه سقوط أورشليم وأنطاكيا والإسكندرية، تحت الحكم الإسلامي، بمفاعيله الدّينية والسياسية. وحتى إنّه يُعادِل الحروب التي كانت تؤدّي الى سرقة صليب السيّد المسيح المقدّس، على أيدي بعض الغزاة، في بعض الحقبات.

فسقوط القسطنطينية طبَعَ نهاية مرحلة وبداية أخرى، لأنه أنهى العصور الكلاسيكية، وساهم في النّهضة الأوروبية، إذ إن علماء المدينة الذين تمكّنوا من الفرار من البطش العثماني، تفرّقوا غرباً، فحملوا كتبهم وعلومهم معهم، الى حيث تمكّنوا من أن يستقرّوا.

يتكرّر

في أي حال، يُمكن القول إن سقوط القسطنطينية يتكرّر الى يومنا هذا، ولا سيّما في الشرق.

فالمسيحيون الشرقيّون عبدوا جلّاديهم، خلال قرون وقرون. توافقوا مرات، ولكنّهم تحاربوا مرات ومرات. مارسوا "التخبيص" في استجداء الرّئاسات، واسترضاء الفئات التي أمّنتها لهم.

ولا نحصر كلامنا هنا بالرئاسات السياسية، أو المدنية بمختلف أشكالها، بل نتعدّاها للحديث عن استجداء العروش البطريركية، والأسقفية... أيضاً، التي نُسِجَت وتُنسَج حول بعضها (وليس كلّها، ونشدّد على ذلك) مؤامرات من أجل الوصول إليها.

كثيرٌ من المسيحيّين، على مرّ تاريخهم البشري، سقطوا سقوط القسطنطينية، الذي لا يزال يتكرّر، بمفاعيله السياسية والدّينية كلّها. فيما الوجه الأسوأ على الإطلاق، هو أنّهم لم يسقطوا عن ضُعف، ولا عن سذاجة.

مسيحيّو الشّرق تشاغلوا في الكثير من الأمور التي ما كانوا ليغرقوا فيها، لولا بحثهم عن تعويض عن ضائع، هو القسطنطينية بعد أورشليم وأنطاكيا والإسكندرية، والتي شكّل سقوطها (القسطنطينية) أزمة روحية في اللّاوعي المسيحي الجماعي، ورسالة "إلهية" لم تُفهَم حتى السّاعة، من قِبَل كثيرين. وهو ما أدّى الى السّقوط في شيء من الخرافة، غير الأمينة لـ "الكلمة".

تعويض

نلفت الى أن المسيحيّين الشرقيّين عموماً، عوّضوا عن الأزمة الإيمانية التي سبّبها سقوط القسطنطينية في لاوعيهم العام، بشيء من الخرافات التي أعطوها صبغة إلهية.

فعلى سبيل المثال، نلاحظ أن المسيحيين الشرقيين، وحتى ولو وصلوا الى الفضاء، إلا أنهم ينتظرون مياه أمطار الجمعة العظيمة، كهويّة إيمانيّة خاصّة، وذلك رغم أن "الكتاب المقدّس" يؤكّد أن الظلام هو الذي خيّم على الأرض كلّها في أوان صلب الرب. والظلام يعني انعدام الأنوار في السماء، أي أن الشمس انطفأت، ولم تهطل الأمطار، فيما لا مكان لكسوف شمسي أيضاً. وبالتالي، كيف يُمكن للأمطار، التي هي عنصر من عناصر الحياة، أن تهطل، فيما رب الحياة يموت على الصّليب؟ وكيف يُمكن للشّمس أن تشهد كسوفاً إذا كانت انطفأت بموت مصدر نورها، على الصّليب؟

ثقل سياسي

الرسالة "الإلهية" التي وصلت في مغلّف مُقفَل، ومختوم بسقوط القسطنطينية، عرش القدّيس أندراوس، مع هَتْك الأقداس الذي حصل، وجلوس "الكفر الأعظم" على العرش القسطنطيني، وتدنيسه للأقداس، لم يَكُن بسبب ضُعف إلهي، أو غضب إلهي على تلك الأقداس. فالسيّد المسيح نفسه، مصدر الأقداس، سمح بجلده وضربه ولطمه وبالبُصاق عليه، وبصلبه وموته، قبل قيامته. ولكن سقوط القسطنطينية أتى سقوطاً لثقل سياسي - عسكري، لوّن نفسه بشرعيّة دينيّة معيّنة، تكرّرت غرباً بعد قرون، ولا سيّما في فرنسا وروسيا، وأدّت الى النتيجة نفسها، بالثورة الفرنسية في عام 1789، والروسية في عام 1917.

رسالة "إلهية" أسقطت منظومة سياسية - عسكرية - دينيّة، في القسطنطينية، وسمحت لقيافا وحنانيا وبيلاطس، الجُدد، بأن يجلدوا الأقداس ويميتوها، قتلاً وذبحاً وتدنيساً.

قد تتكرّر؟

الرسالة "الإلهية" قد تتكرّر اليوم من جديد، خصوصاً أن الأقداس تزداد إحاطة بمنظومة سياسية - عسكرية - دينيّة، تُظهِر "مسيحيّة" متضخّمة في الشّكل، مترهّلة في كثير من مضمونها.

الرسالة "الإلهية" قد تتكرّر اليوم من جديد، لأن مُرسِل الرسالة لا يسكُن في establishment، مهما كان نوعه المدني أو الدّيني. مُرسِل الرسالة لا يسكُن في "قلّايات" أو صوامع، مناجاتها لا تصعد الى السّماء، أو تصعد "خشبيّة"، أو لا تحصل أصلاً، بعدما غاب التحليق والإرتفاع والتسامي، وانعدمت فُرَص نَيْل الإستحقاقات للنّفوس.

ستتكرّر!

الرسالة "الإلهية" ستتكرّر اليوم من جديد، بعدما تحوّلت صلوات "النّفس الرّاهبة"، من حَمْل للعالم بالصّليب، الى صلوات للتخلُّص من أصوات الموتى والمرضى والجائعين والمحتاجين، ولتبرير صمّ الآذان وإغماض العيون، عن الحقول التي ابيضّت للحصاد، وذلك للتعامي عن العمل فيها، كما عن تأمين من يُمكنه أن يعمل فيها.

الرسالة "الإلهية" ستتكرّر اليوم من جديد، بعدما عُلِّبَت البشارة في "فضائيات"، تُموَّل وتُفتَتَح في زمن يجب أن يكون التبشير فيه سلوكياً لا "سفسطائياً".

الرسالة "الإلهية" ستتكرّر، والقسطنطينية ستسقط من جديد، وسيعيش الشعب المسيحي الشرقي الصّدمة مستقبلاً من جديد، بعدما ذاق بعضاً من طعمها مع تلاشي حُلم دولة (الرئيس الرّاحل) بشير الجميل، ومع تهاوي حُلم (رئيس الجمهورية) ميشال عون، وعلى ضفافهما انعدام استحقاقات "النّفس الرّاهبة"، بسبب تنصُّلِها من صلواتها العظمى!!!...

"وكالة أخبار اليوم"

  • شارك الخبر