hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

ما هو النصاب الواجب توافره لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس؟

الجمعة ٣٠ أيلول ٢٠٢٢ - 07:40

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعدما تصدّر الاستحقاق الرئاسي المشهد السياسي، وبرزت، بالتالي، إشكالية النصاب القانوني المطلوب لإتمام جلسة الانتخاب، جرّاء استغلاله كشمّاعة من أجل تعطيل الاستحقاقات الدستوريّة، وسط انقسام الفقه الدستوري بشأن معايير احتسابه، يُثار التساؤل الآتي: كيف يمكن تفسير النصوص الدستوريّة في هذا الصدد؟

يرى البعض أنه ما دام الدستور لم يفرض نصاباً خاصاً بجلسة الانتخاب لرئيس الجمهورية، عندئذٍ يُكتفى بالنصاب العادي، أي نصف أعضاء مجلس النواب بزيادة واحد (65 نائباً). أمّا البعض الآخر فيرى، بدعوى المصلحة الوطنية العليا، ألّا ينتخب رئيس الجمهورية بالنصاب العادي المحدد في المادة 34 من الدستور، وبالتالي يجب انتخابه بنصاب «الثلثين»، كي يكون وليد أكثرية موصوفة من النواب، وانعكاساً لأماني الشعب وتطلّعاته...
ونحن مع الرأي الأول، أي بجواز انعقاد نصاب الأكثرية المطلقة فقط، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: تنصّ المادة 34 من الدستور على أن: «لا يكون اجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات، وإذا تعادلت الأصوات سقط المشروع المطروح للمناقشة»، ما يعني أن المشرّع، عبر هذه المادة، حدّد، بصورة عامة، نصاب الجلسات النيابية، بالأكثريّة المطلقة. وقد يُردّ على هذا التحليل بأن هذا النصاب هو للمجلس عندما يمارس وظيفته التشريعيّة لا الانتخابيّة، إلا أن هذا الردّ يصطدم ، برأينا، بمسألتين:
1- المادة 55، الفقرة الأولى، من النظام الداخلي لمجلس النواب، تنصّ على أن «لا تفتح جلسة المجلس إلا بحضور الأغلبية من عدد أعضائه ولا يجوز التصويت إلا عند توافر النصاب في قاعة الاجتماع»، حيث تندرج ضمن الباب الأول الوارد في العنوان الآتي: «المجلس وإدارته وسير أعماله»، لا ضمن عنوان الباب الثاني: «أصول التشريع»، ما يعني أنه لو أراد المشرّع حصر مقتضيات هذه المادة في التشريع لكان قد ذَكر ذلك بصورة صريحة ضمن هذا العنوان.
2- المادة 36 من الدستور، الواردة في العنوان المماثل للمادة 34، أي «السلطة التشريعيّة»، تنصّ على أن: «تعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلا في الحالة التي يراد فيها الانتخاب فتعطى الآراء بطريقة الاقتراع السري. أما في ما يختص بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة، فإن الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال». وهو نصٌّ، بطبيعة الحال، قد ميّز بين الانتخاب والتشريع، بالرغم من أنه يندرج ضمن عنوان «السلطة التشريعيّة لا التنفيذيّة»، ما يسمح، في نهاية المطاف، بتطبيق أحكام المادتين 34 و36، على نصاب انتخاب رئيس الجمهورية، وإلّا لما كانت تفرّعت المادة 36 بالحالات المرسومة في متنها...

ثانياً: لمّا كان المُطلق يجري على إطلاقه ما لم يتم التقييد بنصٍ أو دلالة، فإنّ المشرّع الدستوري، عبر المادة 49، لم يأتِ على ذكرٍ خاص لنصاب انتخاب رئيس الجمهورية، على خلاف ما فعل ذلك عند إجراء التعديل الدستوري في المادة 79 التي تنصّ: «عندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور لا يمكنه أن يبحث فيه أو أن يصوّت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها»، ما يدّل على أن النصاب الخاص لا يُفترض افتراضاً، إنما يُذكر صراحةً منعاً للالتباس أو التأويل.
ثالثاً: إنّ القول بضرورة توافر نصاب خاص لانتخاب رئيس الجمهورية كي يعكس إرادة تمثيلية كبيرة، يُدحض من مسألتين:
1- تشترط المادة 49 من الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية، ولو في الدورة الأولى، غالبية الثلثين، والأغلبية المطلقة في الدورات المتتالية، وهو حرصٌ واضح من المشرّع الدستوري على انتخاب رئيس الدولة بإرادة نيابيّة موصوفة، ويفوق حرص القائمين على تطبيق نصوص الدستور.
2- انتخاب رئيس الجمهورية، عملاً بأحكام الدستور اللبناني، من قِبل مجلس النواب لا من الشعب، وبالتالي إن ربط التلازم بين النصاب الخاص والإرادة التمثيليّة، يعني إضفاء الشرعيّة على القول بأن مهمة انتخاب رئيس الجمهورية منوطة بالأكثرية النيابيّة فقط لا بمجلس النواب برمّته، حيث يعكس فرزاً واضحاً للمجلس لم يخطّط المشرّع على إتمامه، ما دامت أكثرية المجلس ستنتخب الرئيس، ولا سيّما أن اعتماد أكثرية «الثلثين» في تحديد النصاب قد يعطّل عملية الانتخاب نفسها، ويغيّر من هوية النظام السياسي الديموقراطي المكرّس في مقدمة الدستور، لأنه سيعطي الأقليّة الإمكانيّة في تعطيل جلسة «الانتخاب» بمجرد عدم حضورها، حينئذٍ يتم تعطيل أحكام المواد 49، 73، 75 من الدستور بذريعة فرضيّة دستوريّة لم يلحظها المشرّع الدستوري على الإطلاق..

لذلك، وخلافاً للمنطق الدستوري السليم، فإذا كانت الاعتبارات الطائفيّة قد أملت اعتماد أكثرية «الثلثين» لتأمين النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهوريّة، فالاعتبارات نفسها تدعو، من دون إبطاء، إلى الانتخاب في المواعيد الدستوريّة، حفاظاً على التركيبة الطائفيّة من جهة، والتزاماً بأحكام الدستور من جهة ثانية، على اعتبار أن «النصاب القانوني»، في كثيرٍ من الأحيان، كان ذريعةً لتعطيل واجب النواب في انتخاب رئيس الجمهورية...

جهاد إسماعيل - الاخبار

  • شارك الخبر