hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

دراسة لجريصاتي حول المجلس العدلي وردّ الأعضاء والمحقق العدلي

الخميس ٢ كانون الأول ٢٠٢١ - 08:36

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أعدّ المستشار الرئاسي والوزير السابق سليم جريصاتي دراسة حول المجلس العدلي وردّ الأعضاء والمحقق العدلي، وتنشر "نداء الوطن" نصها التالي:

أوّلاً : إنّ المجلس العدلي (المواد 355 وما يليها من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة) هو أعلى هيئة قضائيّة جنائيّة، ويتألّف من الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز رئيساً ومن أربعة قضاة من محكمة التمييز أعضاء يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بأكثريّة الثلثين بناءً على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى. يعيّن في ذات المرسوم قاض إضافي أو أكثر ليحلّ محلّ الأصيل في حال وفاته أو تنحيته أو ردّه أو انتهاء خدماته، ما يفيد أنّ أعضاء المجلس العدلي قابلون للردّ، من جهة، وأنّ هذا المجلس هو هيئة غير قابلة للتعطيل، من جهة أخرى.

سبق للهيئة العامة لمحكمة التمييز أن اتخذت أكثر من قرار بعدم إمكانيّة ردّ رئيس المجلس العدلي أو أحد أعضائه، بحجّة أنّه ليس من اختصاص الهيئة العامة لمحكمة التمييز المحددة بنوده في المادة 95 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة النظر بطلب ردّ قضاة المجلس العدلي (تمييز، هيئة عامة، قرار رقم 27 تاريخ 8/12/1995، كساندر، عدد 12، ص 76) وأنّ المادة 123 من القانون ذاته، التي تنصّ على تنحّي القضاة وردّهم، إنما حصرت إمكانيّة ردّ القضاة بقضاة الدرجة الأولى والاستئناف والتمييز، وأنّ المجلس العدلي ليس غرفة من غرف محكمة التمييز (تمييز، هيئة عامة، قرار رقم 17 تاريخ 20/3/1998، صادر في التمييز – هـ.ع. 1996/1998، ص 154).

إلا أنّ الاجتهاد الأحدث للهيئة العامة لمحكمة التمييز قد أخذ بمبدأ جواز ردّ أعضاء المجلس العدلي عملاً بالمادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، واعتبر أنّ المرجع القضائي الصالح لبتّ طلب ردّ الأعضاء المذكورين، حيث لا يحدد القانون هذه المرجعيّة، إنما هو محكمة التمييز، وذلك بحجة أنّ المجلس العدلي مكوّن من قضاة في محكمة التمييز وأنّ النائب العام التمييزي يتولّى مهام الادّعاء في القضايا المحالة على المجلس العدلي ويبدي أيّ مطالعة أو طلب ويمثّل النيابة العامة أمام المجلس العدلي والمحقق العدلي، ما يفيد، وفق اجتهاد الهيئة العامة الأحدث المذكور، أنّ الفقرة الأخيرة من المادة 123 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة التي تنصّ على أنّ المرجع الصالح لبتّ طلبات ردّ قضاة محكمة التمييز هو محكمة التمييز، إنما تنسحب بمفاعيلها أيضاً على رئيس المجلس العدلي وأعضائه، كما المحقق العدلي على ما سوف نبحث في معرض الدراسة هذه (تمييز، هيئة عامة – قرار رقم 38 تاريخ 25/11/2021).

ثانياً: أما إذا تعذّر على الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز أن يرأس هيئة المجلس العدلي لأيّ سبب كان، فيتولى رئاسته العضو المعيّن الأعلى رتبة، وذلك حتى زوال أسباب التعذّر أو تعيين رئيس أوّل جديد لمحكمة التمييز ولمجلس القضاء الأعلى بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بأكثريّة الثلثين الموصوفة بناءً على اقتراح وزير العدل.

هذا ويتولّى النيابة العامة لدى المجلس العدلي النائب العام لدى محكمة التمييز أو أحد معاونيه، فيما يقوم بوظيفة قاضي التحقيق قاضٍ يعيّنه وزير العدل بقرارٍ منه بناءً على موافقة مجلس القضاء الأعلى ويُسمّى "المحقق العدلي" وتُرفع يده عن الدعوى بإصدار قراره النهائي بمنع المحاكمة أو الإحالة على المجلس العدلي، ما لم يطلب منه النائب العام التمييزي إصدار مذكرة إلقاء قبض بحقّ المتهم إن أغفل إصدارها، ولو كانت يده مرفوعة عن الدعوى.

ثالثاً: ينظر المجلس العدلي في الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي والداخلي والجرائم الواقعة على السلامة العامة والجرائم المنصوص عنها في قانون 11/11/1958، وهي الجرائم التي تتعلّق بالفتنة المسلّحة وإثارة الحرب الأهليّة والاقتتال الطائفي والقيام بالأعمال الإرهابيّة عن طريق الفعل أو الحضّ أو التسهيل أو المؤامرة.

رابعاً: تنتفي أيّة صلاحيّة للقضاء العسكري أو العادي عند إحالة الملف إلى المجلس العدلي التي تشمل ولايته القضائيّة المدنيين والعسكريين على السواء إنفاذاً لمرسوم الإحالة، وتُحال الدعاوى موضوع مرسوم الإحالة والتي هي قيد النظر أمام القضاءين العسكري والعادي إلى المجلس العدلي.

خامساً: إنّ النائب العام التمييزي يكتفي بالادّعاء لدى المحقق العدلي بالجريمة ويحيل إليه ملف التحقيقات، فيضع المحقق العدلي يده على الملف بصورة موضوعيّة فيصدر جميع المذكرات التي يقتضيها التحقيق من دون أيّ طلب من النيابة العامة، وهو يستجوب أيّ مُسهم في الجريمة يُظهره التحقيق بصفة مدّعى عليه ولو لم يرد اسمه في عداد من ادّعت عليهم النيابة العامة. هذا وإنّ قرارات المحقق العدلي في هذا الخصوص لا تقبل أيّ طريق من طرق المراجعة. وبعد اكتمال التحقيقات تُبدي النيابة العامة التمييزيّة المطالعة في الأساس، إلا أنّ المحقق العدلي هو الذي يقرر، بنتيجة تدقيقه بالتحقيقات وأوراق الدعوى، إما منع المحاكمة عن المدّعى عليه وإما اتهامه وإحالته إلى المجلس العدلي. وقراراته هذه غير قابلة للطعن أيضاً، سيّما أنّ قرار الإحالة يتمتّع بقوّة القضيّة المحكمة بالنسبة لاختصاص المجلس العدلي.

سادساً: لكلّ متضرر أن يقيم دعواه الشخصيّة لدى المجلس العدلي تبعاً للدعوى العامة، بحيث يُتاح له الاطلاع على كامل الملف.

سابعاً: للمجلس العدلي، بناءً على طلب النيابة العامة التمييزيّة أو عفواً، أن يجري تحقيقاً إضافيّاً في الدعوى بكامل هيئته أو بواسطة من ينتدبه من أعضائه لهذا الغرض، ما يتيح تناول تشعّبات الملف.

ثامناً: تجرى المحاكمة لدى المجلس العدلي بصورة وجاهيّة أو غيابيّة، وفقاً للأصول المتبعة لدى محكمة الجنايات، ما يعني أنّه متى وضع المجلس العدلي يده على القضيّة، بمقتضى قرار المحقق العدلي، أصبحت صلاحيّته حتميّة ولا يعود له أن يرفع يده عن القضيّة، بل يجب عليه أن يفصل بها حكماً وحتماً ولا مهلة قانونيّة تقيّده.

تاسعاً: لا تقبل أحكام المجلس العدلي أيّ طريق من طرق المراجعة العاديّة وغير العاديّة، باستثناء الاعتراض وإعادة المحاكمة لديه، وتصدر الأحكام بإجماع أعضاء الهيئة أو بالأكثريّة.

عاشراً: ثمّة مسألة مثارة فيما إذا كانت صلاحيّة المجلس العدلي مقيّدة بمرسوم الإحالة أم أنّ بإمكانه التفلّت منها. إنّ ثمة قراراً صدر عن المحقق العدلي بتاريخ 15/11/1994 في قضيّة المغدور الشيخ احمد عساف اعتبر بموجبه المحقق العدلي، خلافاً لمطالعة النائب العام العدلي بالأساس، أنّ مرسوم الإحالة إلى المجلس العدلي لا يقيّد صلاحيّة هذا المجلس. إنّ ما يقيّد صلاحيّة المجلس العدلي إنما هو قرار المحقق العدلي.

حادي عشر: عندما تتخذ الحكومة قرار الإحالة، فهي تمارس اختصاصاً قضائيّاً ناطه بها قانون أصول المحاكمات الجزائيّة بمقتضى المادة 355 منه. إلا أنّها تمارس أيضاً في الوقت ذاته اختصاصاً سياسيّاً بمجرّد اعتبارها فعلاً ما ماسّاً بأمن الدولة الخارجي أو الداخلي، فيضحي مرسوم الإحالة عملاً حكوميّاً غير قابل للطعن لدى مجلس شورى الدولة Acte de gouvernement.

ثاني عشر: تبقى مسألة إمكانيّة أن يعرض المحقق العدلي تنحّيه أو أن يطلب أحد أطراف الدعوى ردّه، لسبب من الأسباب التي تعددها المادة 120 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة، كأن يكون قد أبدى المحقق العدلي رأياً في الدعوى بالذات، على أن يُثبت هذا الأمر بدليل خطي أو بإقرار قضائي. أمّا العطف على هذه المادة فمردّه إلى أمرين: الأمر الأوّل، أنّ قانون أصول المحاكمات الجزائيّة لم يلحظ الردّ وإنما نقل الدعوى أو التحقيق من مرجع قضائي إلى آخر، وحدد أسباب الردّ ومنها الارتياب المشروع، وحصر بمحكمة التمييز الجزائيّة حقّ رفع يد القاضي عن الدعوى و"إحالتها إلى مرجع آخر من الدرجة نفسها لمتابعة النظر بها ..."، والأمر الثاني، أنّ المادة 6 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة تنصّ صراحةً على أن تُتبع القواعد العامة في قانون أصول المحاكمات المدنيّة إذا وجد نقص في القوانين والقواعد الإجرائيّة الأخرى. من هنا السؤال: هل من مرجع قضائي آخر في حالة المحقق العدلي المطلوب ردّه؟

سبق أن أبدينا أعلاه الموقف القانوني والاجتهادي من عرض تنحّي قضاة المجلس العدلي أو طلب ردّهم، إلا أنّ قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، وهو قانون خاص في ما يتعلّق بالمجلس العدلي، لم ينصّ على مبدأ تنحّي المحقق العدلي أو ردّه. كلّ ما في الأمر أنّ النصوص المتعلّقة بالمحقق لدى المجلس العدلي أحالت إلى الإجراءات التي يطبّقها قاضي التحقيق في ما يختصّ بعمل المحقق العدلي. لذلك، وعلى سبيل الاستئناس، نصّت المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة على أنّه لا يجوز لقاضي التحقيق الذي تُحال إليه الدعوى أن يرفض التحقيق فيها، إنما يحقّ له أن يعرض تنحّيه عن النظر فيها، كما يحقّ لكلّ من أطراف النزاع أن يطلب ردّه، على أن تطبّق على التنحّي والردّ المواد الواردة في هذا الشأن في قانون أصول المحاكمات المدنيّة. لم يستقرّ رأي أو اجتهاد على عرض تنحّي أو طلب ردّ المحقق العدلي، المعيّن بموجب مرسوم، والذي يعود لقراره هو حجز اختصاص المجلس العدلي من عدمه كما أسلفنا، إلا أنّه سبق لمحكمة الاستئناف المدنيّة في بيروت برئاسة القاضي سامي منصور أن أصدرت قراراً رقمه 261/2007 برفض تنحية المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ذلك أنّه لا يوجد أيّ رابط بين المحقق العدلي وعمله ودوائر التحقيق أو محاكم الاستئناف في المحافظات.

هذا ولا تصحّ المقارنةً مع النائب العام التمييزي غسان عويدات عند تنحّيه تلقائيّاً بسبب درجة القربى مع أحد المدّعى عليهم في ملف انفجار المرفأ في 4 آب 2020 المحال على المجلس العدلي، ذلك أن للمحقق العدلي وضعيّة قضائيّة ووظيفيّة خاصة على ما أسلفنا، بدءاً من التعيين ووصولاً إلى تقييد صلاحيّة المجلس العدلي.

الأمر الوحيد المؤكد أنّ قبول عرض التنحّي أو طلب الردّ يؤدّي حتماً إلى تعيين محقق عدلي آخر بموجب قرار من وزير العدل بناءً على موافقة مجلس القضاء الأعلى.

إلا أنّه يبقى تحديد الجهة القضائيّة المختصّة اختصاصاً نوعيّاً بأن تبتّ طلب الردّ إن كان مجازاً ومتاحاً، ولا بدّ أن يكون كذلك لأنّه لا يمكن إنكار حقّ أيّ قاض بالتنحي أو حقّ طلب ردّه من أيّ متظلّم من منطلق مبدئي أنّ على كلّ متظلّم أن يجد قاضيه. ثمّة من يقول إنّ الجهة القضائيّة المختصّة لبتّ طلبات ردّ المحققين العدليين والتي يمكن أن يوجه إليها طلب الردّ من أيّ فريق في الدعوى، إنما هي وزير العدل، سيّما أنّ استبدال المحقق العدلي يتمّ باقتراح الوزير المذكور بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى عملاً بمبدأ موازاة الصيغ، ما يضفي صبغة قضائيّة على القرار. إلا أننا لا نرى ذلك لأنّ وزير العدل محكوم بمبدأ الفصل بين السلطات، وهو مبدأ دستوري نصّي، وأنّ مجلس القضاء الأعلى يمارس صلاحيّات إداريّة وليس قضائيّة، وأنّه لا يصحّ على الاطلاق إيلاء بتّ مسألة قضائيّة بامتياز إلى سلطة إداريّة. إنّ وزير العدل يتعامل مع حالات التنحية والردّ والنقل عند جوازها وحصولها، فقط من باب تعيين المحقق العدلي البديل وفقاً للأصول القانونيّة.

فهل يكون المجلس العدلي هو الجهة القضائيّة المخوّلة بتّ طلبات ردّ المحقق العدلي، في حين أنّ هذا المجلس لم يلتئم بعد طالما لم يقبض على اختصاصه بموجب قرار المحقق العدلي؟ يستحيل ذلك بصورة مباشرة عمليّاً وقانونيّاً وإن أتت مطالعة حديثة للمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان على عكس ذلك. وهل تتولّى الهيئة العامة لمحكمة التمييز أمر بتّ طلب ردّ المحقق العدلي (أو النائب العام لدى المجلس العدلي)؟ يستحيل ذلك قانوناً طالما أنّ اختصاص الهيئة العامة لا يشمل المجلس العدلي كهيئة حكم وأنّ النصوص القانونيّة المرعيّة التي تحدد بصورة حصريّة أوجه اختصاصها لا تلحظ مثل هذا الاختصاص.

فماذا عن محكمتي الاستئناف والتمييز؟ صدر قراران حديثان في 4/10/2021 عن محكمة الاستئناف المدنيّة في بيروت، الغرفة الناظرة في طلب ردّ القضاة، قضيا بأن تردّ شكلاً لعدم الاختصاص النوعي، طلبات ردّ المحقق العدلي طارق البيطار في ملف انفجار المرفأ، كما صدر قرار في 11/10/2021 عن محكمة التمييز المدنيّة قضى بعدم قبول طلب ردّ المحقق العدلي البيطار لأنّه ليس من عداد قضاة التمييز، ما يعني عدم توافر الاختصاص النوعي للنظر في طلب الردّ.

أما محكمة التمييز الجزائيّة، فلا يمكن أن يؤسس على قرارها الحديث اجتهاد متين في ملف انفجار المرفأ عينه، في ما يتعلّق بنقل الدعوى للارتياب المشروع من محققٍ عدلي إلى آخر.

إلا أنّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وفي معرض قرارها الأحدث المشار إليه في مقدّمة هذه الدراسة، قد اعتبرت أنّ "من البديهي القول أنّه يجوز للمحقق العدلي، وتفعيلاً لأحكام المادة 123 المشار إليها أنّ يعرض تنحيه عن النظر في ملف التحقيق الذي يتولاه، فيكون تالياً خاضعاً لأحكام القضاة"، وأنّه «انطلاقاً من الأحكام ... المتعلّقة بتكوين المجلس العدلي من قضاة في محكمة التمييز، وتولي النائب العام التمييزي مهام الادّعاء... وتمثيل النيابة العامة أمام المجلس العدلي... (وتولي) المحقق العدلي... مهام التحقيق لدى هذا المجلس فقط، فإنّ المحقق العدلي يعدّ بمثابة قضاة المحكمة العليا أسوةً بأعضاء المجلس العدلي، علماً أنّ المادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة قد أشارت إلى إمكانيّة ردّ أعضاء المجلس العدلي، وهم من قضاة محكمة التمييز، من دون أن تحدد المرجع الصالح للنظر في هذا الطلب، ومن البيّن أنّ المرجع الصالح لبتّ طلبات ردّ قضاة محكمة التمييز هو محكمة التمييز، وذلك سنداً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 123 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة فتكون محكمة التمييز هي المرجع المختصّ لبتّ طلب ردّ المحقق العدلي".

إنّ هذا القرار النوعي، وبمعزل عن أنّه قضى في فقرته الحكميّة بما يشبه توزيع الأعمال بموجب قرار قضائي من حيث إيلاء الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز النظر في طلب ردّ المحقق العدلي (!؟)، إنما يفيد بأنّ الاجتهاد ذهب بعيداً في التعليل والقياس في ظلّ غموض النصّ التشريعي، علماً بأنّ المبدأ السائد والمتعارف عليه هو أن لا اجتهاد في معرض صراحة النصّ وأنّ صراحة النصّ تغني عن كلّ اجتهاد (capitant).

إنّ هذه المنطقة الرماديّة في القانون والمتأرجحة في الاجتهاد، والمتعلّقة بعمل المحقق العدلي وردّه، والتي أخذت منحى خطيراً، على أكثر من جهة، في التحقيق الجاري بموضوع انفجار مرفأ بيروت الكارثي والمدمّر في 4 آب 2020، إنما يتمّ تبديدها تشريعيّاً، أو بالاجتهاد المتواتر والمستقرّ، ما لم يعتبر المجلس العدلي نفسه، الأمر المتاح له قانوناً، بناءً على طلب النيابة العامة التمييزيّة أو عفواً، أن يقوم بتحقيق إضافي، وقد يكون تصحيحيّاً، في الدعوى بكامل هيئته أو بواسطة أيّ مندوب من أعضائه لهذه الغاية.

ويبقى أنّ الاتهام شيء والإدانة شيء آخر، وقرينة البراءة لا يعلوها أو يحدّ منها أيّ تحقيق.

نداء الوطن

  • شارك الخبر