hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

"حرب مخدّرات" من لبنان على السعودية…

الأربعاء ٢٢ أيلول ٢٠٢١ - 06:22

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

نتطرّق في هذا التقرير إلى "حرب المُخدّرات" التي تنطلق من لبنان نحو أرض الحرميْن الشريفين. حربٌ يتّهم السّعوديّون حزب الله بالوقوف خلفها، ويعتبرونها استكمالاً لسيّاسة النّظام الإيراني في حربه التي بدأ أوّل فصولها بالإنقلاب على الشّرعيّة في اليمن، وتحويله إلى منصّةٍ لإطلاق الصّواريخ والمسيّرات نحو المدن والمُنشآت المدنيّة في المملكة.

صار لبنان كما اليمن "منصّة إطلاق". لكنّ المنصّة اللبنانيّة، العابرة للحدود، لا تُطلق الصّواريخ أو الطائرات المُسيّرة، بل عمادها بواخر وشاحنات وربّما طائرات مُحمّلة بمختلف أنواع المخدّرات التي ازدهرت زراعتها وصناعتها في لبنان، وفي مقدّمها "حبوب الكبتاغون".

هذه الحرب بات واضحاً بالنسبة إلى السعوديين أنّ هدفها ليس التكسّب المالي فقط، بل إغراق المجتمع السعودي، والشباب السعودي تحديداً، بما يذهب العقل، استكمالاً للحرب الأمنية والعسكرية التي تشنّها إيران عبر ميليشيات الحوثي، على مختلف المدن السعودية.
في هذا السياق تؤكّد أوساطٌ سعوديّة رسمية في حديث لـ"أساس"، أنّ تهريب المُخدِّرات من لبنان إلى المملكة يجب قراءته وفق ثلاثة مؤشّرات:

الأوّل: تحصيل أكبر كميّة ممكنة من الأموال بالعملة الصّعبة، وبأسرع ما يُمكن. وهذا ما يُفسّر تصاعدَ عمليّات التهريب نحو السّعوديّة تزامناً مع تصاعد حدّة العقوبات الأميركيّة في عهد الرّئيس السّابق دونالد ترامب على ما يُعرف بـ"محور الممانعة" الذي شارف على الإفلاس من طهران إلى بيروت، مروراً بدمشق، ومع تشدّد المملكة في تجفيف مصادر تمويل الإرهاب.

الثّاني: محاولة ضرب المُجتمع السّعوديّ بشكلٍ عام، والشّباب السّعوديّ على وجه الخصوص. وهنا يكمن سرّ عدم تهاون السّلطات السّعوديّة مع أيّ كان في حربها ضدّ المخدِّرات، حفاظاً على سلامة فئة الشّباب الذين سيكون لهم دورٌ محوريٌّ في المراحل المُقبلة على المملكة مع تنفيذ رؤية 2030.

الثالث: اتّساع رُقعة التورّط في عمليّات تهريب المُخدِّرات إلى السّعوديّة لتشمل كلّ الطّوائف اللبنانيّة. وذلك مع انخراط مؤسّسات صناعيّة وتجاريّة ورجال أعمال في هذه العمليّات. ويشكّل هذا الانخراط خطراً داهماً على صورةِ المُنتج اللبنانيّ في العالم، وتحديداً في دول مجلس التّعاون الخليجيّ.

هيَ حربٌ بكلّ ما للكلمة من معنى تتعرّض لها المملكة انطلاقاً من لبنان. لا يقلّ استهداف السّعوديّة بالمخدِّرات خطراً عن استهدافها بالصّواريخ والمُسيَّرات.

تاريخ العلاقة مع المملكة

منذ سنة 1990 حتّى 2015، بلغت قيمة ما قدّمته المملكة العربيّة السّعوديّة من مُساعدات إلى لبنان ما مجموعه 70 مليار دولار أميركيّ، على شكل هبات أو قروض ميسّرة أو ودائع داعمة للاقتصاد بشكل عام، أو مشاركة في إعادة إعمار وسط بيروت بعد الحرب الأهلية، وجنوب لبنان وجسوره وأنفاقه، بعد عدوان تموز 2006.

في المقابل، صُدِّرَ من لبنان نحو المملكة ما يزيد على 630 مليون حبّة "كبتاغون" قيمتها 6.5 مليارات دولار وأكثر، خلال السنوات الأخيرة.

لهذا فقد دقّت المملكة العربيّة السّعوديّة جرس الإنذار منذ سنوات، إلّا أنّ اللبنانيين لم يسمعوه أو لم يفهموه. مُخطئٌ من يظنّ أنّ قرار المملكة تجاه وقف استيراد المُنتجات الزّراعيّة اللبنانيّة جاءَ بقصدٍ سياسيٍّ أو في سياق "حصار"، وما شابه ذلك من مُفردات حاول حزب الله تعميمها في الإعلام اللبناني أخيراً.
تكمُن الخطورة الاقتصادية والسياسية على لبنان في عدم اتّخاذ السلطات الرسمية أيّ إجراءات تُطمئِنُ القيادة السّعودية وتدفعها إلى إعادة النظر بقرارها وقف استيراد المُنتجات الزّراعيّة اللبنانيّة. تلك التي تبيّن جليّاً أنّها باتت تستعمل لحشوها بالمخدّرات في سياق عمليات التهريب الضخمة.

وبحسب مصادر سعودية، فقد لجأ مُصدِّرو ومُهرِّبو المُخدِّرات في لبنان إلى قطاع آخر بغية استعلاله وتدميره، وهو القطاع الصّناعيّ في لبنان. إذ إنّ أغلبَ عمليّات تصدير الكبتاغون وغيرها من المخدّرات، التي أحبطتها السلطات السعودية أخيراً، عثرت عليها مُعبّأةً في قواطع حديديّة ومعدّات صناعيّة.

فهل ينتظر المعنيّون إدراجَ قطاعٍ جديدٍ على لائحة الحظر السّعوديّ لينتقلوا بعدها إلى مرحلة التّأسّف والتّحسّر؟

هو الجرس عينه الذي دُقَّ في الرّياضِ ولم يُسمَع في بيروت، وكانَ لمصلحة لبنان الذي تنظرُ المملكة إلى مُستقبله. ولم يكن "حصاراً" كما حاولت وسائل الإعلام "المُمانعة" التسويق. وهنا تحديداً لا يمكن أن يُنكِرَ عاقلٌ أنّ لبنان باتَ أرضاً خصبةً وجاهزةً لاستقبال شبكات المافيا المنظّمة العالميّة. فالاقتصادُ مُنهارٌ. والحدود مُتفلّتة بلا حسيبٍ ولا رقيب. وكلّ مُقوّمات الأمن على المحكّ. فمَن يضمن أن لا تصيرَ أراضي الجمهوريّة اللبنانيّة مرتعاً للمافيات العابرة للقارّات على مُختلفِ مُسمّياتها؟

هذا أيضاً واحدٌ من أسرار جرس الإنذار السّعوديّ.

تُحاول المملكة، بإجراءاتها التي تحمي سيادتها وشعبها، أن تُحصِّنَ لبنان من التّحوّل إلى بؤرة تُهدِّد الأمن القوميّ العربيّ والأمن العالميّ، ومن أن يصيرَ المُصنِّع الأكبر والمُوزِّع المُعتمَد لكلّ أنواع المخدِّرات والسّلاح، وربّما الاتّجار بالبشر، على امتداد جغرافيا الشّرق الأوسط وأبعد.

ولحكاية الاتجار بالبشر سطور أخرى سنتحدّث عنها في مناسبة أخرى. وهو أنّه ملفّ بات تحت الضوء بين لبنان والمملكة.

هذا في السّعوديّة، لكنّ السّؤال الأكبر: ماذا فعلنا نحن اللبنانيين؟

حتّى السّاعة، لم يقُم لبنان الرّسميّ بأيّ خطواتٍ جدّيّة ترقى إلى محاولة جديّة هدفها إعادة الثّقة السّعوديّة بلبنان. بل اقتصرَت أغلب التحّركات على مبادرات غير حكوميّة، كان على رأسها الهيئات الاقتصاديّة ورجال الأعمال اللبنانيون الذين عرضوا تركيب أجهزة السكانر على نفقتهم الخاصّة، من دون أن يجدوا جواباً شافياً. وحتّى أنّ محاولة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أعلن أنّه سيقوم بوساطة لإعادة تصدير بعض المنتجات الزراعية. ولم يُكتب لمسعاه النجاح.

لا تختلف حالة "النّكران" التي يعيشها لبنان في محاربة المُخدِّرات التي تستهدف السّعوديّة عن نكرانه الآخر، في "عدم فهم" ما تطلبه المملكة في السّياسة.

يُراهن من هم في السلطة اليوم على عامل الوقت، وهم لم يُدركوا بعد أنّ السّعوديّة صارت في سنة 2030 وما بعدها، في حين لا يزال لبنان في سنة 1990 وما قبلها. وهو يمشي "خليفاني" من بلد يصدّر الكفاءات، إلى بلد يصدّر المخدّرات والأزمات.

ابراهيم ريحان - اساس ميديا

  • شارك الخبر