كتب عماد جودية، المستشار الرئاسي والحكومي السابق: ذكرى إعتلاء المطران الياس عودة لأبرشيتنا في بيروتنا الحبيبة تكتسب هذه السنة أهمية مضاعفة لسببين:

أولاً: لأن بيروت الجريحة اليوم هي شبيهة ببيروت التي كانت ترزح تحت عبء الحرب الأهلية يوم تسلمه مقاليد أبرشيتها عام 1979.

وثانياً: لأنه يومذاك واجه من موقع الوطني المؤمن أمراء الحرب من ميليشيا الأمر الواقع في شطري بيروت، الذين كانوا ينهشون في جسد الوطن ويذلون أهله ويستبيحون دولته. وها هو نفسه اليوم يقف كالرمح بجبروته وقامته المديدة مواجهاً أمراء الحرب أنفسهم بعدما خلعوا بذلاتهم الميليشياوية ودخلوا جنة السلطة والحكم بعد إنتهاء الحرب الأهلية عام 1990، في أعقاب أتفاق الطائف مروراً بالـ 2005 وصولا إلى اليوم، وسيطروا على مقدرات البلد ودولته وأهله بقوة الترهيب والإكراه. حيث يتصدى لعهرهم السياسي ولفسادهم المالي وحيداً متكلاً على رعاية الله وحب الناس الشرفاء له من سكان العاصمة على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم.

نعم لقد شاء القدر أن يعيد التاريخ نفسه مع المطران عودة لكي يبقى هذا الناسك المعطاء بمحبته وحنانه سنداً وأباً وأخاً وصديقاً ورفيقاً لكل أبناء بيروت بمسيحييهم ومسلميهم معاً، الذين عندما احتاجوا إليه ليقف إلى جانبهم في زمن الحرب الأهلية وجدوه يتقدم صفوفهم. وها هم اليوم يحتاجونه فإذا به، كما الأمس، يتقدم صفوفهم في هذه الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية الوجودية التي يمر بها الوطن رافعاً الصوت، حيث يقف مع همومهم ويتألم لآلامهم ويتصدى لرعاع السياسة، الذين دمروا البلد وسرقوا وأفلسوا دولته ونهبوا جنى عمر أبنائه وافقروا غالبيتهم، حيث كما فعلوا به خلال الحرب الأهلية فعلوا به خلال استيلائهم على السلطة.

فتحية لمطراننا الكبير في ذكرى إعتلائه مطراناً لأبرشية بيروت. مجدّدين العهد والوعد له أن نكون إلى جانبه اليوم وغداً، كما كنا بالأمس، ليبقى صوت الحق وصوت المؤمنين برجاء القيامة واستنهاض لبنان مجدداً واستعادته من لصوص الهيكل سياسيين وتجار وماليين.