hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

بهاء الحريري: قطع المساعدات البريطانية عن لبنان سيكون كارثياً

الخميس ١٠ حزيران ٢٠٢١ - 14:25

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب الشيخ بهاء الحريري في صحيفة “Capx” البريطانية: قيل الكثير في الأيام الأخيرة، عن ما هو صواب أو خطأ فيما يتعلق بتقليص الإنفاق على المساعدات التي تقدّمها الخارجية البريطانية. بما أنني لست مواطناً بريطانياً ، فلا يحقّ لي أن ألقي محاضرة لك أو لحكومتك حول كيفية أو المكان الذي تختاره لإنفاق أموالك. كلّ ما يمكنني فعله هو إلقاء بعض الضوء على الآثار المصيرية لهذا القرار على بلدي لبنان.

أولاً ، يجب أن أبدأ بالاعتراف بأنّ الوضع الحالي في لبنان، ليس نتيجة خطأ الحكومة البريطانية أو سياستها الخارجية بأي شكل من الأشكال. في لبنان، عانينا وما زلنا نعاني من مؤسسة سياسية مشلولة بسبب أزمة صنعتها هذا المؤسسة بالذات في المقام الأول. إنّ لبنان، لم يعاني فقط من كوفيد-19 مثل أي بلد آخر، بل عانى أيضاً من حكومته التي ضاعفت هذه الكارثة.

خلال الموجة الأولى من الوباء ، ظهرالحجم الهائل لعدم الكفاءة السياسية في لبنان، مما أدى إلى المأساة التي ظهرت في ميناء بيروت. في سلسلة من الأحداث التي ما زلت أكافح من أجل فهمها، سُمح لكمية هائلة من نترات الأمونيوم بالبقاء دون رادع في مستودع مفتوح حتى تسبب حريق غير معروف الأسباب في انفجاره المحتوم. وكانت الأضرار الاقتصادية كبيرة، ولكنها باهتة بالمقارنة مع الخسائر البشرية التي لا تحصى نتيجة هذه الجريمة، مما أدّى إلى هلاك 207 من أبناء بلدي بدون سبب. كانت هذه المهزلة نوعاً من الأذى النفسي الوطني الذي سببته طبقة سياسية لم تعد مهتمة بخدمة الشعب اللبناني أو قادرة على ذلك.

لا يغيب عليّ، ولا ينبغي أن يغيب على أي شخص مهتمّ بأمر لبنان، أنّه تمّ تسليم عملية التحكم والسيطرة على الميناء بشكل تعسفي إلى حزب الله بموجب اتفاق تقاسم السلطة الطائفي الذي لا يزال يهيمن على السياسة اللبنانية اليوم.

إنّ اتفاق تقاسم السلطة الطائفي يُهيمن في الواقع على كل جانب من جوانب الحياة السياسية اللبنانية. وبسبب هذا النظام التعسفي الذي عفا عليه الزمن، أصبح لبنان رهينة منظمة حزب الله الإرهابية. وعلى الرغم من مواجهة الخراب الاقتصادي الكلّي، فشل سياسيونا مراراً وتكراراً في سنً أو إصدار أي شيء يشبه الإصلاحات الحتمية التي طالب بها صندوق النقد الدولي والجهات المانحة الدولية الأخرى، كشروط لتزويد لبنان بدعم الحياة الاقتصادية الذي يحتاج إليه بشدة.

وعلى الرغم من أنّ سياسييه ما زالوا غارقين في المشاحنات ، إلا أنّ الشعب اللبناني يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فأكبر ميناء في البلاد عاطل عن العمل، عدا عن الحاجة إلى المليارات لترميم وسط بيروت، كل ذلك بالإضافة إلى تأثير جائحة كوفيد-19. وبالأمس صدر القرار الذي اتخذته الحكومة البريطانية للمضي قدماً في تخفيض مبلغ 4 مليارات جنيه استرليني من ميزانية المساعدات الخارجية.

وقد أُفيد بأنّ مثل هذا التخفيض سيؤدي إلى انخفاض المساعدات البريطانية للبنان بنسبة 88٪. وعلى الرغم من تدخل الدول الأخرى، فمن غير المحتمل أن يتم تعويض مثل هذا النقص في مكان آخر، خاصة بالنظر إلى الآثار الاقتصادية لكوفيد-19 على حلفائنا الأكثر سخاء. وجاء في تقرير صدر مؤخراً عن البنك الدولي حول الأزمة الاقتصادية في لبنان أنها واحدة من أسوأ الأزمات في العصر الحديث، وبأنها تصنف من بين أكبر 10 أزمات في العالم منذ القرن التاسع عشر. في حين أن التضخم المفرط يؤدي إلى ارتفاع أسعار أبسط الضروريات الأساسية، فيعيش نصف سكان لبنان الآن تحت خط الفقر الوطني، حيث كشفت استطلاعات البنك الدولي أنّ 41 ٪ من الأسر تكافح من أجل الحصول على الغذاء والأساسيات الأخرى الضرورية للبقاء على قيد الحياة.

لا توجد وظائف للعمال اللبنانيين، ولا وقود في محطات الوقود، ولا طعام لوضعه على الطاولة. الأطفال يعانون من الجوع بينما يستمر الوباء في تهديد السكان. لكنّ الأمر الأكثر إزعاجاً هو أنه بكل بساطة لا توجد نهاية لهذه الأزمة في الأفق ، وبالأخص مع عدم وجود حكومة تنفّذ سياسات ملموسة من شأنها تخفيف المعاناة.

ليس لشعب لبنان طبقة سياسية يمكنه الاعتماد عليها. هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل شعب لبنان يعتمد بشكل كبير على سخاء دول مثل المملكة المتحدة. إنّ هذه المعونة هي بمثابة منارة أمل للرجال والنساء في بلادي. على الرغم من أنني أتعاطف مع نية حكومتكم في تركيز مواردها على شعبها، خاصة بعد أن بدأتم بالتعافي من جائحة كوفيد-19، فإنني أتوسل إليها لإعادة النظر.

تعتمد دول مثل لبنان على سخاء دول مثل المملكة المتحدة على وجه التحديد لأنها لا تملك الاستقرار السياسي اللازم لمعالجة مشاكلها الخاصة. ولكن في نهاية المطاف، سنتمكن من ذلك، و سنتوصل إلى تحقيق ذلك.

أنا حالياً بصدد تمويل مبادرة شعبية في لبنان بهدف وحيد، وهو الضغط من أجل سنّ الإصلاحات التشريعية والدستورية التي ستُنهي أخيراً القبضة الطائفية على السياسة اللبنانية وإنهاء حالة التعفن المتأصلة في قلب جسمنا السياسي. هناك موجة كبيرة من الطلب الشعبي في لبنان، لكن الوقت ليس في صالحنا. وفي كل يوم يتدهور الوضع، يستعد أمثال حزب الله علناً للاستفادة من الانهيار المحتمل للبنان.

سوف يستغرق الأمر بعض الوقت لبناء حركة قادرة على سنّ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان لكي يزدهر مرة أخرى. ولكن من دون دعم وسخاء دول مثل المملكة المتحدة ، سوف ينفذ الوقت. أخشى ما قد يصبح عليه لبنان إذا لم تعيد الحكومة البريطانية النظر بقرارها.

  • شارك الخبر